recent
أخبار ساخنة

قراءة نقدية في قصيدة وجع الطريق

 وصلتني قراءة نقدية من ارض الرافدين المعطاء بقلم الاستاذ رياض عبد الواحد وقد سبرت غور النص بنحو ابداعي مميز . تحية وتقدير للناقد ولقلمه المبدع


يحيلنا /النصيص / وجع الطريق / الى ثيمتين اساسيتين هما :البعد النفسي + البعد المكاني ، اذ من غير المعقول ان يمر /الوجع / من دون اثار نفسية على السأئر في طريق ما . هذا الوجع شيء حسي يشتمل كتم النفس وشدة وقعه ،ومما يزيد من الوجع مجهولية الطريق الذي يسير عليه السارد . ينفتح النص انفتاحا زمكانيا مطلقا ، بمعنى ان زمنه زمنا مفتوحا الا ان مكانه مقيد بين الكفين والطريق . من هذا ، يمكن استخلاص العلامات الاشارية المتصلة بالسارد كونه يحرث بحرا ، ويركض وراء شيء واقف ، لان عملية (جمع الحصى ) وتوالده مع بقاء الطريق مجهولا لسالكه ترمزان الى خيبة وخسران وضياع مسرى بدليل القرينة النصية : 


كلما جمعت بين كفي 

بعض الحصى 

ارجم به 

عثرات المصير 

وجدت الطريق طويلا


نلاحظ -هنا - ان كل  المفردات المستعملة مفردات حسية تنم عن نفسية مأزومة سلفا ، تحاول بشتى الوسائل اخضاع ما هو منظور لدواخلها النفسية ، غير ان هذه المهيمنات الحسية لم تستطع ان تخدم السارد في تحقيق اقل ما يصبو اليه  ، فظل الطريق على ما هو عليه ،عصيا على ان يسلم نفسه لامنيات السارد . تنبجس من قراءة السطور اللاحقة ظهور بنية جديدة تتمظهر في اعتماد بنية الالوان كتطريز خارجي يتمركز في لونين متناقضين هما /الابيض والاسود /  المؤطرين بما يحول دون ان يأخذا تأثيرهما على المكان الذي يدوران فيه كونهما مسحوبين الى مكان ممتنع . ان /القلوب /  التي تتمرغ في الالوان قد فقدت جزءا مهما من سماتها الاساسية وهو اللون الاحمر لان المركز الدلالي الذي تتربع عليه /مجموعة من القلوب / اتخذ اكثر من مركز دلالي واحد 


قلوب 》》》تتمرغ في الطوفان

قلوب 》》》 لوحة الابيض والاسود 

منتج هذا المخطط 》》اطار حديدي فولاذي 


واذا ما تأملنا المركز الدلالي الاخر الذي ينبي على ثيمة الاطفال واحلامهم فانه يفقد صلته بالمحور الرئيس كونه رغبة مجردة في زيادة عدد المراكز البوحية التي تزيد من وجع الطريق وتضاعف تأزيم الخالة النفسية 


وجدت اعلاما داخل احلام اطفال بنصف اسم 

تتفتت كمن رش وجوهها بماء الموت


ان هذا الطابع الالصاقي /التراكمي أدى  الى التفريط بالبؤرة المركزية بل ساعد على تشتيتها من دون ان يضيف اليها بعدا بؤريا يزيد من تماسكها .ان المتتبع لمجرى النص العام يرى ان الشاعرة حاولت ان تتخلص مما يعلق  بها من اوجاع الطريق /الحياة بواسطة التخلص من بعض اثقال ذلك الطريق ووضعه على ذوات اخرى من اجل ان لا يقع وزر المسير على هكذا طرقات على كاهلها فقط ،فهي تبرر ما يحصل للذوات الاخرى وكان الذي يحدث (لعنة ) تطارد الصغير والكبير ولا تقف عن احد بعينه . هذا النزوع فرض محموعة من المفارقات تحملها  مجموعة صور مختلفة لحيثيات لا يجمعها جامع سوى انها مستلبة من قوى خارجية موغلة في تفتيت كل شيء وسحقه


وجدت سحابا يتكاثر 

يمطر فراقا 

والايادي تتعالى 

تسيل دما 

حصى رقيق جدا 

كما نملة تأكل عين الحقيقة عاما بعد 

عام 


هذه الانتقالات السريعة ترسم لنا قلق الشخصية المركزية ونظرتها ازاء المتحصل اللحظوي نتيجة ذلك الوجع الذي نفثه الطريق عليها وكانه لعنة لا تغادرها حتى غدت كل الاشياء من حولها مصبوغة بسماتها وضياعها ووجعها وخيبة امالها ، حتى الاشياء الطبيعية (من الطبيعة )  غيرت من سلوكها المعهود منها /السحب التي تنث فراقا و/ النمل الذي يأكل عين الحقيقة والحصى الرقيق /. كل الاشياء فقدت سماتها الخاصة بحكم استلابها من تلك القوى الخارجية التي لم تدع شيئا الا واجرت عليه ما يخالف طبيعته المعهودة . ان الطاقة التصويرية في هذا المقطع والمقطع الذي يليه كبيرة وناصعة وطرية ، انها نسبج تعبيري حي ونابض ،ووجع لا يعلوه وجع ، انها (صرخة الغريق ) وهو يحاول النجاة من طوفان لا يبقي ولا يذر . كما يضج النص بظلال ماضوية داىمة النكوص والياس حيال المتحصل 


لون طلاء اظافري لا يعجبني

لوني ظلام لا يعجبني 

صوتي غراب لا يعجبني 

ثم 

اهرب مني الي 

الى سراب قادني الى مجهول 

اغسل احذية المناضلين من درن 

الاغتراب 

من بقايا افيون وماركسبة بلا لون

واحصنة بلا بارود 


لا يمكن النظر الى اللوحة انفا على انها مجموعة من الالوان والصور المتراكمة جزافا لكنها تحيلنا الى عدمية واضحة ضمن وحود قاتم يرزخ تحت قدرية موجعة تسلب كل شيء حتى /صبغ الاظافر /. ان تركيم الموصوفات جاء ليحيل الى كشف تأثير تلك القوى الخارجية التي فعلت فعلها في تغيير كل شيء . نلمح في المقطع الاخير انساق دلالية مهمة تقوم بتحول دلالي نوعي يركز على الدلالة العدمية وبما يعزز البؤرة الرئيسة /وجع الطريق / الذي هو معادل موضوعي لطريق الحياة بنحو عام  لكن ضمن سيرورة متلاحقة ومتوزعة بين فيوضات زمنية مستندة على مجموعة من الانثيالات الوعظية 


ثم 

انتشل  من التراب حفنة صامتة 

انظف بها جسدي المتعفن 

بلمسات غريبة من هواء مدينتي 

وارحل 

بفجر خطوات شاردة 

تركض بي الى حيث لا ادري 

الحصى بكفي والوطن بكف الحصى 


ان هذا المقطع التطهيري يلخص القضية برمتها ، فالمحمولات الذاتية اكتسبت بعدا شموليا للواعج نفسية حيال الارض والوطن والذات . ان نهاية النص دلت بنحو يكاد ان يكون قاطعا بتحول الذاتي الى نا هو موضوعي وان ظل بيد المغيوب الذي لا نعرف عنه شيئا سوى بطشه وتسلطه وقواه التي بددت وبدلت كل شيء بدليل القرينة النصية الاتية 


ارجل تركض بي الى حيث لا ادري 

الحصى بكفي والوطن بكف الحصى 


ان كل ما يتبلور من هذا النص الوجداني متات من خيبة الامل بما هو حاصل بين الناس والارض والوطن فبقاء الوطن بيد الحصى ينطوي على فعل مقاوم ووعد بامل مرجو


النص كاملا

وجع الطريق


كلما جمعت بين كفي

بعض الحصى

أرجم به

عثرات المصير

وجدت الطريق طويلة

والحصى يتوالد

والسماء تتضاءل بين روافد الضوء

وجدت القمر يحزن لأجلي

ثم وجدت قلوبا كثيرة

تتمرغ في طوفان الألوان

لوحة  بالأبيض والأسود بإطار من حديد فولاذي

تزين وجه العالم.

وجدت أعلاما داخل أحلام أطفال بنصف إسم

تتفتت كمن رش وجوهها بماء الموت

وجدت سحابا يتكاثر 

يمطر فراقا

والأيادي تتعالى 

تسيل دما

حصى رقيق جدا

كما  نملة تأكل عين الحقيقة عاما بعد عام

على شهية أطباق السلمون والإربيان

ثم

لم أجد كفّي

لم أجد قدمي...

لم أجد  حذائي أمسك بمساميره

وجدت أنثى فارغة من جنسية على أشواك 

الضباع 

وجدت جثة هامدة يأكلها النمل

فتتفرق الطرقات

ويموت الظل سدى


لون طلاء أظافري لا يعجبني 

لوني ظلام لا يعجبني

صوتي غراب لا يعحبني

ثم

أهرب مني إليّ

إلى سراب قادني إلى المجهول

أغسل أحذية المناضلين من درن الاغتراب

من بقايا أفيون وماركسية بلا لون

وأحصنة بلا بارود.


ثم

أنتشل من التراب حفنة صامتة

أنظف بها جسدي المتعفن

بلمسات غريبة عن هواء مدينتي

وأرحل

بفجر خطوات شاردة 

تركض بي إلى حيث لا أدري

والحصى بكفي والوطن بكف الحصى


بقلمي للا فوز أحمد 

المغرب

google-playkhamsatmostaqltradent