الاحالة في نصوص الشاعر الكواز واكتشاف مرجعياتها … نص ( هو الذي راى ) للشاعر جبار الكواز
انموذجا
بلاسم الضاحي
—————-
كيف يكتب الكواز نصوصه الشعرية ؟ ما الذي يقوده اليها او هل يقودها له ؟ هل توحى له فيكتبها ؟ هل يعدّ لها العدة ويجمع شتاتها ويكتبها ؟ هل يقرء عن الموضوع الذي يروم كتابة نصا شعريا عنه ويجمع معلوماته مما قرء ؟ هل يحلم ويدوّن احلامه نصوصا شعرية ؟
ما هي مرجعيات نصوصه التي توحي بها له شاعريته ؟
اذن :- كيف يكتب الكواز نصوصه … ؟؟
(هو الذي … ) تدلنا الى قول متداول حفظناه
( هو الذي راى ) هذا القول له مرجعية في ملحمة كلكامش هنا يضع المتلقي اصبعه على دال يقوده نحو البحث عن محصلة او نتائج ما يقرأ اذ لا بد لمن يقرأ لن يبحث للوصول الى نتيجة لما يقرأ والا تتوازى عبثية المقروء ولا حدوى القارئ …
( لا اراه ولا ترونه ….. اوحى ) مرجعية اخرى تذهب بنا الى احضار مرجعية روحية فيها نفحة دينية
( الفلك ) مرجعية اشارية لها حكاية دينية راسخة في العقل الجمعي تتمتع بليونة استقبالها لتشكل جزءاً من حكاية المعنى هي فلك نوح وما شكلته حكايتها من احالة المتلقي اليها دون عناء كبير
( عصاه التي تغوي الافاعي ) احالة اخرى الى موسى وحكاية عصاه والسحرة وافاعيهم وافعاه التي التقفتها وعصاه التي يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه وله فيها مآرب اخرى
( جبه المملوء بالذئاب ) جب يوسف واخوته حين اتهموا الذئب باكل يوسف هكذا اخبروا اباهم يعقوب مرجعية اخرى للنص
( نونها الغريق في حقول اليقطين ) يونس وحكايته في بطن الحوت وشجرة اليقطين وما لها من حكاية معلومة في التفاسير
( صليبه المعقوف فوق جدار فراغه ) عيسى بن مريم وبما شُحنت حكايته بقص اضافها الشاعر الى بنية نصه
( قرابين ، الثرثرات السود ، في الحروب ) اشارات ، وبؤر تنطلق منها القراءة المؤولة نحو ضفاف المعنى
هذا التماهي المباشر مع حكايات محكية سابقا تحتفظ بمعناها بنفسها جعل منها سواندَ للنص حسب ما يقتضيه دون ان يقع في المباشرة والنقل الصريح التي انقذت نصه في فنية التلاعب والازاحات في التراكيب اللغوية وتغيير امكنة المفردات وتغيير مواقها ادت الى حتمية الاستفادة من اجواء الاشارة في مفردة فقط مثل يقطين ، عصا ، جب ، الخ نقل المتلقي الى اجواء جملة جديدة ليشكل منها حكاية جديدة ولم يكتفي بهذه اللعبة وحدها بل ذهب الى استثمار ما توحيه المفردة لوحدها بعيدا عن بناء الجملة مثل، نونه ، اوحى ، المرآة ، البرق ، الظلام ، امرأة حبلى ، نذر ، ما كان ، ما سيكون ، ليعود الى مفتتح النص ثانية دون اضافة ( راى ) لانتفاء الحاجة لها مكتفياً بالاخبار الاول وما شكله من احالة المتلقي
( هو الذي … ) لينهي حكاية النص وموضوعه وبنية معناه ( تستيقظ العبارة ) بعد ان تلاعب في بنية اصلها وبقي على ما يُذكّر المتلقي باصلها ايحائياً ليتساءل متى تضيق العبارة ؟ عندما تتسع الرؤيا متى تتسع الرؤيا ؟ والرؤيا هي الخلود في القاموس الصوفي
( في كفن الاموات ) على اعتبار ان الموت هو البقاء الابدي هو الخلود هناك وهذه هي محصلة النص وغايته بدءا من كلكامش الباحث عن الخلود ومرورا بنوح وموسى ويوسف وذنون وعيسى والنفري .. هكذا يبني الكواز نصوصه وعلى من يقرأ له عليه ان يتماهى معه مسلحا بادواته كي ينتج معناه ومعنى النص نفسه الكواز شاعر صعب يتوخى الدقة في كتابة نصوصه المنتجة التي تحتاج الى قارئ منتج مثله .. الكواز شاعر له قاموسه اللغوي الثري وذامرته المكتنزة يتلاعب في استثماره على وفق ما يشاء هو لا كما يرى الاخرون يقود القارئ ويوجه بوصلته نحو ما يرى لذلك تبدو نصوصه لاول وهلة صعبة كأنه ينحت في حجر( ابا تمام) وما ان تتماهى مع شاعرية الكواز تذهب برايك نحو سهولة وانسيابية تلك النصوص حتى تحسبها من السهل الممتنع رغم فخامة الجملة وفخامة تركيب المعنى
هل الكواز شاعر صعب ؟
نعم تكمن صعوبته في فخامة تجربته ووعية وحرفيته وجديته وحرصه على دقة منتجه ، نصوص الكواز لا تعطي نفسها بسهولة ولم تكن قصيدة يومية تسجل حدثا عابرا وانما لها موضوعها المتجذر الذي بحاجة الى باحث
(ايكولوجي) يتعمق في تاريخ موضوعاته ، لا يكتفي بتأملها ...
---------
(هو الذي رأى)
هوالذي لا اراه ولا ترونه
اوحى لنا ما قاله الفلك الى الامطار
ما زال يحمل فوق ظهره اهات موتانا
ويبتكر الاحلام:
-فلكه المثقوب بالاغاني
- عصاه التي تغوي الافاعي
-جبه المملوء بالذئاب
- نونه الغريق في حقول اليقطين
-صليبه المعقوف فوق جدار فراغه
- قرابين الثرثرات السود في الحروب
هذا الذي لا اره ولا ترونه
اوحى للريح وقال لها : تعالي
ايتها المرآة فوق حقل الحصى
تكسري
كما احتفال البرق في الظلام
كوني سرير امرأة حبلى
وعلقي نذر الذين لم يروا
ما كان من قبل
وما سوف يكون
هو الذي...
انا الذي لم اره
ولم تروه مرة في جمرة الزحام
فمن علمه المسرى اليّ في الفراغ؟
وأوقد المسرى دموعا واسى
وقال في السرّ