recent
أخبار ساخنة

ألبعد الأخر لمفهوم النهايات قراءة في قصيدة ( نقطة ) للشاعرة السورية ريما آل كلزلي

ألبعد الأخر لمفهوم النهايات 
قراءة في قصيدة ( نقطة ) للشاعرة السورية ريما آل كلزلي 

سمو الشاعر يكمن في سمو الشعور وبما ان الواسطة تتعدد في نقل واظهار ذلك الشعور والكوامن الذاتية مرة من خلال الكلام المباشر وكثير من خلال الكتابة بتعابير وصور شعرية تُرضي بشكل نسبي حالة التفاعل النفسي لدى الشاعر لإصال تفكره إلى المُتلقي أو حتى ذاته من دون النظر الى القاريء بل يعتبر نفسه هو القاريء في أغلب الاحيان وكما قيل ليس كل ما يُعرف يُقال أو يقرأه ألآخرون لذلك نجد اغلب الكتاب الحداثويون يميلون الى التورية من خلال استعمال المجازات والانزياحات في تشكيل جملهم الشعرية وهذا الاسلوب مشهور لدى الشعراء الحداثويون حيث يبتعدون عن المباشرة في ايصال الفكرة بمعنى الخروج عن المألوف , ونجد ذلك مكثفاً في قصيدة الشاعرة ريما آل كلزلي ( نقطة ) ومن العنوان تتمثل النهايات شاخصة لكل البدايات وبكل صورها المؤلمة والجميلة . هذا من الناحية ألتأويلية . أما من الناحية اللغوية فهي أي ( ألنقطة ) تُعد من علامات الترقيم اي علامة وقف بنهاية كل جملة . لتبدأ جملة أخرى . وما يهمنا في نص الشاعرة النثري هو تحليل القصيدة ومعرفة الدوافع النفسية لها بإعتبار ان النص له ولادة يسبقها مخاض تفكري ومن ثم بناء لغوي في سياق متسق بآنساق متوالية ضمن السياق العام . 

في المقطع ألآول هنالك نداء في كلمة ( مولاي ) والمنادى هو الحبيب بدلالة دخول كلمة ( الحب ) لكن ما هذا النداء وما علاقته بالنقطة ؟ وبما أن النهايات متوقعة سلفاً كمخزون حقيقي في الذاكرة لكن توقعها افتراضي لانها خارج نطاق العلم بها فربما تاتي فجأة او بعكس التوقع وهذا يبعث الحيرة والألم والترّبص لذا فهي عند المنادات ترى بآن كل عام ما هو إلا بداية قرينتها النهاية المتوقعة بشكل ما حتى وان كانت سعيدة أو مؤلمة فهي بالنتيجة لديها كمفهوم سايكلوجي نهاية سلبية , ويظهر هذا المفهوم بالتضاد في (مولاي في الحُبّ ) وفي (من رمى بالحزن جدائلَ اللّهفة ) فهي بدأت بالنداء ثم عرّجت على التساؤل عن من رمى بالحزن كجدائل في أوج حبها ولهفتها ليقمع صوتها المنادي ويزيح عن عينيها أمنية جميلة متوقعة .

يزداد توهج المشاعر المتضاربة في لحظوية الشعور ضمن دائرة ألتأمل لديها بشكل استباقي للاحداث بينها وبين المنادى ( الحبيب ) حين تصورت البداية ما هي إلا نقطة الشروع لنهاية رصّعت عينيها بالدمعة انزلقت فهي دمعة تتعانق فيها البدايات والنهايات فرحة اللقاء + حزن الفراق ( يانقطة البداية في حاضرِ الدّمعة ) سبقها تساؤل عن قوة الزمن حتى يفعل فعله ويطوي كل الذكريات في بحر النسيان (كيف لأمطار الوقتِ أن تُغرِقَ صمت الذاكرة ) .

في المقاطع التالية إلى نهاية القصيدة والتي تبدأ بــ ( مولاي " في كل الصفحات ثمة أزهار حمراء ) تبدأ الشاعرة بوصف شعورها المتدفق والحنين وهذا الشعور هو تعبير عن ألأحساس بتلك اللحظات لحظات ما بين البدايات والنهايات وهي محاولة للهروب من ذاكرة النقطة ( النهاية ) كأنه غزلٌ ذاتي بصياغة لحظات وأزمنة ربما تكون إفتراضية أو حقيقية . هي صناعة الحدث والمشهد الرومانطيقي بعيداً عن مصطلحات الألم بينها وبين الحبيب كأنها تريد أن تعيش نشوة تلك اللقاءات الأفتراضية بدافع الحب الحقيقي حين تُعاود النداء تارة آُخرى , إذ تظهر الانتقالة الشعورية جلية من خلال تلك الكلمات / أزهار / تطربها موسيقاك / تُحبك / إلى ان يصلا الى القناعات بأن الحياة رغم ما بها من بدايات وتوقع نهاياتها الحقيقية فلابد من وجود فسحة جميلة بينهما يجب أن تُعاش بكل مسمياتها وألامها برغم الموت الذي يعتبر أس النقاط كلها كما صرّح لها في نهاية القصيدة .

خاتمة /
فكرة القصيدة جميلة وقد حاولت الشاعرة من الممازجة بين فكرة البداية والنهاية حيث جعلت من كلمة ( النقطة ) وهي عنوان القصيدة محطة التقاء ما بين الشعورين شعور البداية وشعور النهاية ثم فسرت النقطة بشكل فنتازي على انها حقيقة يجب التعامل معها بشكل ايجابي رغم وجودها القسري كحقيقة ازلية على بني البشر وبين كل حبيبين , بمعنى انها تريد ان تعيش لحظات واوقات السعادة والحب والاشواق بعيدا عن فكرة النقطة واعتبارها مجرد نقطة لا يجب الامتثال لتفاصيل ما بعدها من شعور مؤلم فهي تريد ان تعيش سعادة ما بين النقطتين نقطة البداية ونقطة النهاية لانهما مصير مشترك . كذلك تعتبر القصيدة من القصائد ألتأملية وفيها بعد فنتازي شفيف يندلق من اتساع افق الشاعرة الرومانسي محاولة منها بالخروج من المألوف ومغايرة الواقع المأساوي . 

نقطة .

مولاي في الحُبّ
كل صفحات أعوامنا بدايات
والحب معجمٌ يحفظ رحيق اللّحظات
من رمى بالحزن جدائلَ اللّهفة
ليخطف البرق لمعةَ العبادة من عيني أمنيةً 

كيف لأمطار الوقتِ أن تُغرِقَ صمت الذاكرة
يانقطة البداية في حاضرِ الدّمعة
هل كنت تعي أهمية النقاط في كل النهايات؟
أنا وأنت والأشواق و حروفنا..
وإذا اقترضنا الشعر
فمن يقايض المحبةَ بالحياة..؟
دعني أرتب دفأكَ
وأقتفي أثر الحبّ في حكايا الياسمين

مولاي 
في كل الصفحات ثمة أزهار حمراء
علمتُها أن تحبكَ
تطربها موسيقاك
ساخناً كان وجهك، ومضيئاً
لحظتها
وأنا كلّما تصفحته أمطرني 

الطريق الذي ابتكرتُهُ إليكَ مدىً
يمهده الحنين
لن تخطئ خطانا في ارتجال أحلامنا الآتية..

كيف يعصفُ بي هدوءكَ
وكيف لي في عينيك من السَكينة 
مُتسع ؟

وعلى أديم النقطة وما حولها 
في معجمٍ لمحتُه
ألَستَ من قال يوماً:
نحن صفحات ٌكتبتها الأقدار ..
 نحن من سيصمد فيها بوسع الاحتمالات
نحن الحب والنقاط والآمال والعبرات
والموت والميلاد زاخرٌ في معجم الحياة .
ثم هل كنتِ تعلمين ؟
google-playkhamsatmostaqltradent