وأنا أيضاً أردتُ
أن أكون امرأةً حقيقيّةً
تحمل بوصلةً على كتِفها
لئلّا تضلّ طريق العودة إلى الذّات
إذا ما قادها الزمنُ بعيداً في السماء
أردتُ أن أعلّم الأطفال دروس صونِ الهوية
وأنّ للأرضِ أيدي فقيرة تحتاج من يتمسّكُ بها
ألقّنهم مناهج مجانية في ترويضِ العاطفة
والصدقِ مع الله
لأن الله يحبّهم
وأردت أن أحكي
كيف بإمكانهم أن يجمعوا أمانيهم
على عربة غزل البنات
ويبيعوا أفراحاً تذوب في الفم بسلالةٍ
أو أن أصبح ثورةً بسيفٍ وسُنبلتي قمحٍ
أصرخ في وجهِ الأجداد
ما هكذا يُعاشُ العمر
ما هكذا تُسقى جذورُ التّقاليد مياه الوهمِ
أردت أن أكون حقيقية
كطبيبةٍ لم تدرس الطبّ
تعالج جروحَ اليافعات
نحويّةٌ لم تحبّ النحو
تصححُ أخطاء ماضيهنَّ الضائع
أن أكون رجلاً...
سياسيّاً مراوغاً يضربُ بهمومِ شعبه عرض الحائط
ويهربُ على متن طائرته
ليصعد محراباً
مرتدياً ياقته
في مؤتمرِ "داحس والغبراء "
يصفّق للحرية
أن أكون حانوتياً
يحفظ أسرار العشّاق
يتعمّد إرواءَ عنفوانِ قلوبهم بأغنيةِ لفيروز
"بأوّل شتي حبّو بعضن "
أردت أن أكون شتاءً يتهافتُ من بين يديّ الله
يغسلُ أحزان الأطفال
ينير ظلمة قبورِ الأجداد
وبعدها
يشتدُّ هطولاً
ليمنع الطائراتِ من التحليق
فيموت السياسيون بفعلِ ثورةِ المطرِ
وتشتعلُ حينئذٍ رياح ُأغنية
"تحت الشتي تركو بعضن "
#بتول_الحسين