حين أقف بين القبور ..
لا يتوقف نظري عند قبر ..
بعد زيارة الأحباب الذين سكنوا هناك ..
كل القبور تزار ..
أقرأ الاسم , أو الآية المكتوبة ..
قد أتوقف عند عمر المتوفى .. كنيته .. لقبه ..
وأنا أتمتم بالدعاء , وأعيد قراءة الفاتحة بصمت .
هناك ..
الصمت يسيطر , يسمو , ويشمخ ..
وفي داخلي ينتشر صفاء المكان كسحر ..
فأبحث بهدوء عن ؟؟؟
لا شيء !!
لا أريد شيئاً ..في اللحظة إلا ذاك الهدوء ..
وتلك السكينة ..
لا أسئلة , ولا تساؤلات ..
يعيد ذهني ترديد آيات تعوَد أن يرددها كلما وقفت بجانب قبر حبيب ..
هناك في قمة جبل لا تزوره إلا الملائكة .. أكيدة أنا ..
وبعض الزائرين ..
واليوم ..
ازدادوا قبرا ..
حين وضعوك هناك في حفرة محسوبة القياسات ..
كنت كملاك ..
رأيتك فوق الأكتاف كخيال ..
لا وزن لك ..
قد تطير .. وتسكن حيث أرادوا .. وحيث كنت تريد !!
كنت تخطط لمسكنك الجديد ..
قلت لي في آخر زيارة لك أنك تتمنى الرحيل ..
لم أتوقع أبدا أنك تريد الرحيل إلى الأبد !!
أربعة أيام ترفض فيها الطعام , ولا تشرب إلا الماء ..
وترحل راضياً ..
حين حدثتك مودعة ..وأنت في سرير العناية المشددة ..
يقيني .. أنك سمعتني .. نظرت إلي , وأنا أبكيك , وأصرخ ..
حيث أخبرني الطبيب بسفرك الطويل .. حيث لا عودة ..
صرخت لترد علي .. لتسمعني ..
كان صمتك قوة , وفي نظراتك الهدوء .. والألم الذي لم يرحل بعد .
الألم يغلف جسدك , من قدميك , وحتى بطنك المغادر كحفرة ..
إلى عينيك الناطقتين , وفمك الصامت بحزم ..
ضائعة أنا أمام ضياعك المديد ..
أخي ..
وقلبي ينزف بصمت .