recent
أخبار ساخنة

كوت " زعير "... كاظم اللايذ

كوت " زعير "

على الكتفِ اليسرى 
لنهر" الصالحية " , 
تربضُ منازلُ " كوت زعير" .
ليس بعيداً عن الطريق 
الذي يأخذُ المسافرين إلى ( المحمّرة ) :
عاصمةِ الشيخ " خزعل المرداو " .
أهلُها من عَبَدَةِ النخيل.
النخلةُ في دينهم , هي العمّة المقدّسة 
مثل البقرة في دين الهندوس .
كلابُهم وقططهم تتناولُ وجباتِها الثلاث 
في المزبلة .
وحميرُهم , , تمضي أيامَها حالمةً بالبرسيم .....
          *****
سكان كوت زعير 
لا يموتون إلاّ مقتولين 
وإنْ بلغوا أرذلَ العمر .
تلك سُنّةٌ استنَّها جدُّهم الأعلى : 
زعير بن يربوع التميمي ...
لم يكن زعير قلّافاً 
يصنع المراكبَ الخشبيةَ للصيّادين , فقط
بل كانت له في الليالي الداكنات
 مهنةٌ أخرى :
يتسللُ بقاربهِ تحت محاق القمر 
يعبر الحدود 
مموهاً على صناديقهِ
 بالدغل والسعف والحشائش ...
ثم يعود مع الفجر, بما يقابلُها 
من صناديق بلاد العجم ... 
حتى تنّـبه له , ذاتَ عثرةٍ , حارسُ الحدود 
فسدّدها إلى صدرهِ
طلقةً 
قذفتْ به الى لجّةِ الماء
 مثلما يُقذف الحجر
          *****
في قلعة الضبع
تلك التي لا ينطقُ الناسُ اسمَها إلاّ همساً
 ويشاهدون ظلالَها على ماء دجلةَ 
من جهة الكرخِ
ثقيلةً سوداء مرعبة .
وتنخفض في أروقتها ( ديّة ) الكائن البشري 
الى ما دون الحضيض . 
كانت وجبةُ الإفطار 
التي قدّموها الى السيد الضبع
في ذلك الصباح ،
عشرين رأساً 
من شبّان كوت زعير ...
.......
لا يُعرف حتى اليوم
من وشى بهم ..
فقد كانوا مطمئنينَ على سرِّهم
في كوخِهم المنزوي بين الأحراش
في القرية التي لا يطؤُها عابر سبيل .
.. 
كانت النساء هنا
تلبسُ الأسود , شهرينَ في العام 
أصبحنَ الآن , يلبسنَهُ على الدوام . 
      *****
في أواخر أيام ( عاصفة الصحراء )...
كانت طيّارات ( بوش الإبن ) 
تجوبُ السماوات 
رائحةً غادية
لكنها عبثاً تعثرُ على فرائِسها
فقد كانت السماء قاتمةً ملبدةً بالغيوم
ومدى الرؤية عند الطيار 
تسجل : صفراً 
........
خرجتْ بعضُ نسوة كوت زعير
ليوقدْنَ التنانير للخبز 
كما في كلّ يوم ......
توهّم الطّيار وهو في عالي سماواتهِ 
 أنّ ناراً معادية ً تُفتح عليه ... 
فأرسل صواريخَه في الحال ...
         ****** 
يا له من يوم بهيج !
في قراطيس الخرافات 
فقد تحققَ لكوت زعير ما تناقلته الأساطير 
وباحَ به الآباء للأبناء 
وتغنتْ به حورياتُ الأنهار على الشواطئ
وتحدث به البحّارةُ في سهراتهم
على متون سفنهم الصاعدة الى أعالي البحار : 
     " مَنْ وطأتْ قدمُهُ كوت زعير 
      لا يموت إلاّ مقتولاً " . 

                                          كانون الأول 2021
google-playkhamsatmostaqltradent