ديوان الشاعر سعد جاسم ( ارميك كبذرة واهطل عليك )
( أولا ) ما أن يقرأ المتابع --للشعر العراقي --للشعراء --الشباب تجاوزا --الثمانييين و التسعينين عامة، والشعراء المسرحيين --من خريجي معهد وأكاديمية الفنون الجميلة /قسم المسرح خاصة، حتى يتأكد هذا المتابع من أن المسرح كان و مازال هو الفضاء الأول للشعر، وهو المنقذ للشعر و للقصيدة من محنتهما، أو من السقوط في فضاء إللاشعر، حيث تكون العودة للجذور، أي عودة الشعر للمسرح، وعودة المسرح للشعر،
هذا ما كان واضحا لدى الشاعر (صلاح حسن )في كتابه --الحياة في اللغة الأجنبية ---
كذلك لدى الأكاديمي التشكيلي الشاعر --مازن المعموري --في كتابه --حب مطلق ---
و لدى الشاعر --سعد جاسم --في ---ارميك كبذرة واهطل عليك --الصادر هام 2010 عن دار الحضارة /القاهرة،
و إذا ما كانت الأدوار متبادلة في الإسناد و التكافل من أجل إحياء ذكر وتاريخ كل منهما، فإن السرديات، و حراك الفن الروائي استطاعت أن تجد لها مكانا فسيحا في جسد القصيدة المعاصرة، وكذلك السينما و تقنياتها لدى العديد من تجارب الشعراء،
كل هذا الحراك حصل بعد انسحاب الشاعر /الأب، شاعر إدخال القصيدة في نفق الادلجة، ---والتي لا تخرج هذه التسمية عن فضاء الراديكاليات، حيث التعصب المطلق للموروث، على اعتباره جزءا من المقدس، وأن المساس به والدعوة إلى تجاوزه هو مفصل معاد لتاريخ الأمة، واللغة و الفكر العربي و الاسلامي،
و ليجد الشعر ضالته بمحاذاته للسرد، و العودة إلى فن المسرح، والسينما والتشكيل، وكل ما ينتمي للمعرفة ولا ينتمي للشعر، حيث توفر هذه المفاصل /الأجناس آفاقا جديدة، هذا جمهور ناظر /متفرج، وهذا جمهور قاريء /متأمل ، و ليمزج الشاعر ما بين منبرية المسرح و حراك الرواية وتقاطعات /مونتاج السينما و تقلبات التشكيل، من أجل إنتاج نص شعري قادر على إقناع المتلقي /القاريء من أن الذي بين يديه هو الشعر لا سواه،
حتى باتت القصيدة العراقية تتشكل وفق الخزين المعرفي للروافد المتعددة (سينما، مسرح، تشكيل، سرد، شعر واجناس أخرى بمقدور القاريء الفطن أن يضع أصبعه عليها مكتشفا )هذه الروافد التي يمتلكها الشاعر ،هذا الأمتلاك البعيد كليا عما يسمى السليقة، أو القريحة أو الموهبة /الحالات المنتمية للفطرة، و لتجد المعارف فضاءاتها، وتأثيراتها على القاريء /المتلقي، من خلال القراءات الشعرية،
فإذا بهذا القاريء يبحث عن القصيدة المختلفة، القصيدة التي تنتجها إهتمامات أخرى مختلفة كذلك، إهتمامات تقف بقوة بمحاذاة الشعر، رغم عدم انتمائها إليه،
ليشكل الشعر و اللاشعر نسيج القصيدة التي تداركت أمرها عبر انتهاج مفصل المغايرة،
يتبع