recent
أخبار ساخنة

الجانبُ الآخر /مريم العطار

.
مع أنَّ للحياةِ جانباً  آخرَ 
لكنني لا يمكنني الوصولُ إليه،
.

- أنا في ساعةِ الصفر. 
.

أهرولُ كلَّ مرةٍ في مكاني، أبدأ يومي بتفاؤلٍ ساذجٍ، أرجعُ في نهايةِ الليلِ كمحاربٍ مهزومٍ، أقفُ وراءَ النافذةِ بعيدةً عن النومِ الهادئ، أشعرُ أنَّ العالمَ وراءَ النوافذِ يقتنصني.
.

لا أحدَ يعرفُ ما يجري لي، غيرَ الطبيعةِ الصامتةِ تلكَ الأمُّ التي تدفنُ الشرَّ والخيرَ في بطنِها،
شريطُ كاميرتِها فاقدٌ للذاكرة
.

لكنني شاهدةٌ على ما يحصلُ:
-  من يصرخُ تحتَ التعذيبِ الآن، دخلَ الغرفةَ المظلمةَ بعلبةِ ألوانٍ خشبيةٍ
-  من يقفُ وراءَ المنصاتِ تمَّ تدريبهُ كي يكذبَ.
-  القاتلُ الملثمُ ابنُ عائلةٍ كبيرةٍ.
.

من يخبرُ العالمَ أنَّ تلكَ الشجرةَ الواقفةَ وراءَ النافذةِ منذُ دهرٍ لونُها الأخضرُ كذوبٌ،
الأبطالُ في الحكاياتِ أرواحٌ ضائعةٌ تدورُ في أرجاءِ المدينةِ بحثاً عن طريدةٍ..
.

لا أملكُ المزيدَ من الوقتِ، أنا في الثلاثين والعالمُ وراءَ النافذةِ مسرعٌ جداً، لا وقتَ لإعادةِ البداياتِ أو حتى المكوث في المنتصفِ، ليس هناك مزيدٌ من الوقتِ كي أسألك:
.

-   لماذا لا يتعبُك الفراقُ؟ 
-  لماذا لم ترَ يوماً تلويحةَ يدي؟
-  لماذا لم تسمع تهشمَ عظامي بين المصفقين؟
-   لماذا لم تقرأ رسائلي الألف؟
.

 ربما اختلطت عليكَ الأصواتُ، أو الأسماءُ، لكنكَ تجهلُ هذا الوقوفَ المستمرَ،
اليومُ الذي تندمُ فيه لا يأتي، وليست هناك قصيدةٌ تكفلُ لقاءك، هنا في اللاوقتِ، في مكانٍ مكشوفٍ عبر الليل، أوزعُ عليك شتائمي
 أنتَ الفضولُ، أنتَ المتسامحُ، أنتَ الأرملُ، أنتَ المتشعبُ، أنتَ الذي لا تريدُ نقلي إلى ذلك الجانبِ من الحياةِ، حيث للأوجاع علاجٌ، للجوع شيءٌ يسدُّه، وللشوقِ كتفٌ مثلُ كتفِك تماماً أستطيعُ أن أسكَّنَ حروقَ قلبي عليه.
.

جسدي باردٌ كميتٍ متمددٍ على مصطبةِ المغتسلِ، الجسدُ الذي كان كافياً لبقائي الطويلِ هنا
نصفُ العالمِ ملكُك والنصفُ الآخرُ للكلمةِ تلكَ التي صنعتك.
.
مريم العطّار 
11_1
google-playkhamsatmostaqltradent