عنه حين كان أبيه
--------
كان ابي مؤمنا بتحضير الأرواح
ومشغولا بصناعةِ تمثال لي
وكان حريصاً ليصنعَ مني صورةً
طِبْق الأصل لذاته!
مرة قرأتُ حماسة في ملامحه
فشعرت باصابعه تحفر في وجهي
دقائق مضت ثم سمعته يهمس في اذني:
أنت مثلي لك يدان مثلي بالضبط، ولك عينان
هيا يا ولدي انطلق سريعا وسوف تكون عظيما!!
لا تضع شيئا فوق رأسي
رجاءً يا أبي, لا تضع شيئا فوق رأسي
لكنه لم يُلقِ لي بالا حذرته
هنا غضبي وهناك سيكونُ طغياني
كان واثقا انّي لن أضرَهُ بشراسةٍ ولن أنفعهُ بطاعة
غضِبَ, فانكسرتْ أصابعهُ
تعصّبَ, فتهشمتْ اضلاعهُ
صرخَ, فبُحّ صوتهُ
صنعَ غيمةً في عينيّ وأوحى إليها أن اغرقيه
اجّج نارا تحت قدميّ وأوحى إليها أن احرقيه
النهاية لم تكن سعيدةً بيننا
فالمسافةَ كانت اكثر ذراع
وضعَ كفّهُ على كفّي وأنفهُ فوق أنفي
وترك لسانهُ يتدلى من فمي ثم غاب
غاب بعيدا، بعيدا نحو مثواه الأخير
تاركا صورته في ملامحي