recent
أخبار ساخنة

باصُ الأحلامِ .... معطلٌ ... ‏مرام ‏عطية ‏

باصُ الأحلامِ .... معطلٌ
____________________
النهارُ يعلنُ أنها السَّابعة بتوقيتِ الشمسِ ، هديرُ الصَّمتِ يكادُ ينفجرُ لولا راكبٌ واحدٌ في الباصِ تعلو محياهُ الابتسامة، الأملُ لم يراوده ، يحدِّثُ جاره اليائسَ عن أولادهِ المسافرين إلى بلادِ العمِّ تومَ و عن ملايينِ الدولاراتُ التي تبلغهُ والهدايا الفارهةِ 
بينما الجميعُ واجمون وكأنَّ الفرحُ أعطاهم إجازةً طويلةً حتى يبلسمُ مرسومٌ وطنيٌّ دخلهم الشهريَّ العليلَ ،فيشفي سقمَ حياتهم الرتيبةِ، دخلهم الذي يذوبُ بحرارةِ الديون قبلَ أن يلامسَ جيوبهم الممزقةِ وأسرهم المنتظرةَ طلوعَ الفجر ، كما تذوبُ قطعةُ ثلجٍ أمامَ وهجِ النارِ ،
لا أدري كيفَ كان الخرابُ يتدلَّى من سقفِ الباصِ مع أنَّهُ أملسٌ لايشوبهُ ثغرةٌ أو ينبوهُ نتوءٌ 
كانَ يلتفُّ كأفعى على الركابِ فيودِّعون سريعاً النعاسَ الذي خدَّر أعينهم المتعبةِ .
لم تستطعْ قمصانهم الملوَّنةُ وقبعاتهم الزرقاءُ أن تخفي ندبَ أرواحهم ، ولم يستطعْ الميكابُ الثقيلُ على وجوه النسوة أنْ يمنعَ سيلانَ قلوبهم الجريحةَِ 
كأنَّ الحزنَ نسجَ لهم ثياباّ داخليةً سوداءَ مطاطيةً تلتصقُ بأجسادهم أو كأنَّ الغدَ أغلقَ أبوابَ أمانيهم ودفنَ أحلامهم في قبرٍ قديمٍ . 
أترى القبور الجائعةُ فغرت فاها تريدُ التهام ماتستطيعهُ من رحيق نفوسهم و طيبِ أرواحهم
أم أنَّ التجاوزاتُ الجسيمةَ بحقِّ الإنسانيةِ تلدُ ديدانَ النتانةِ والرياءِ و لا قانونَ يمنعها أو يوجهُ لها تنبيهاً أو ملامةً . الزمنُ شرطيٌ عنيدٌ مكلفٌ بجلدِ البسطاءِ بسياطِ الرهبةِ وهم على خشبةِ الصليبِ ، أحسبهم لن يسلللمو من رشفِ زجاجة الخلِّ قبل المنتهى كالمسيح .
بقي هناكَ ساعة لنصلَ إلى المدينةِ يا زهرتي عسى نهربُ من عسسِ الظلامِ .
تراكم الخرابُ في جسدِكَ ياوطني ، فكيفَ أرحِّله إلى مستنقعاتِ النسيانِ ؟! و كيفَ أقلكِ ياطفلتي من عالمٍ موبوءٍ بمكروباتِ النفاقِ والرشوةِ إلى جزرِ الهناءِ والطمأنينةِ و باصُ الأحلام معطلٌ في هذا الشرقِ المنكوبِ ؟! ، لقدتعلَّمتِ في كتبِ الجمال دروسَ الثقةِ والشفافيةِ ، و أنشدتِ وصايا الحبُّ . فكيفَ تحيينَ في عالمٍ مقنعٍ بنقابٍ ثخينٍ ؟! 
كأنَّكِ تسيلينَ والمحيطُ جمادٌ ، عسى تشرقُ شمسُ بلادكِ 
بعدَ ليلِ الانحدارِ ؟!
______________
مرام عطية
google-playkhamsatmostaqltradent