الصّمت الفصيح
______
مصابة أنا بالكلمات
أعشق لغة الأقلّيات
تلك التي لا تتظلّب
سبر الآراء و لا محاكمة
الشّذوذ اللّفظيّ ..
أحتاج ارتواءً من النّدى
و عطش الفراشة ،
أحتاج لملمة الزّمن الممتدّ
بين بداية العالم المظلمة
و نهايته المتأجّجة ،
كم نسيت أن أحيا بينهما
و أنا أحشر أناملي
بقلب السّماء
في محاولة بائسة
لارتشافة واحدة
من ثغر الغيم ..
أريد غرقا دافئا
بمجرى الشمس
و احتراقًا بين أصابع الثّلج...
أريد اقتلاع باب جنّة لا يُفتح
إلّا مرّة بالعمر
حين تَعْلَقُ أقراطي بمساميره
الصّدئة إلى أن
يخضع لوجع الصّدى..
أريد قطوفًا بلوعة
جذوري النّاجية من جحيم
يثقل خطى الزّمن
المتكالبة
ليتسمّر في لظاه المكان
و أرقص أنا ...
كم هو رائع ملمس
العشب الذي
ينمو على وجه الحجارة
تماما كطيفٍ ظلّ
جربئ ينام بين كفّي
و جرح الوردة المنهمر
على وجنتيّ ..
في لحظة فريدة ، يتواطأ
الموت مع شهد الحياة
مولّدا
سمّا حلو المذاق يطيل
الاحتضار قليلا...
سيعود زهر اللّوز لعروق
الشجرة الألفيّة ،
ستعود النّجمة العالقة
بين عين العاشقة
و هدب معشوقها ،
لتؤنس بؤس دموع تحجّرت
حتّى تحرّرت
بعدما كسرت أغلال نقطة
تقسم بإضرام
نارها بعمق سماء معتمة ..
شبق الحياة أسطورة
تخدّر النّبض لتستمرّ العنادل
في نواحها، و الفراشة في غزل ألوان
قزح ،
و قزح في تدوين حكايا الشمس
على ضلع السماء المعوجّ..
هذا الجسر الأحمر الشفّاف
هو دمنا ،
إنّه يتوق لتصفّح
الكرة الكونيّة بعدما تدحرجت
كريّاته الحمراء فالبيضاء
حتّى استوت على عين صفائحَ
ملتهبة ...
فوق هذه الأرض
المتخمة، يتخثّر العمر،
يتصلّب بعقر حرب لم تندلع
إلّا على أجساد تسقط
شلالا أزرق
من أعالي الجبل بعدما
نخرها الوقت..
الوقت غربال يحجب كلّ شيء
حتّى الحبّ الخجول
حتّى الحبّ الوقح ...
أشجاني المعتّقة
لن تخمد إلّا برفع نخب
الحياة مجدّدا ..
أحنّ إلى ياسمينتي و هي تقتفي
عبقها برئتي ،
و هي تغازل نبض العشب
الأخضر بقصائدي التي لم تكتمل
بعد ، كعمر كلّما هربت حلقة منه
تشبّث بباقي الحلقات ...
سأربط القوافي المنسوجة من المجاز
بالواقع المترسّخ بظلال المعنى
ربّما قادتني إلى سديم الوزن
الخفيف المنحوت بفواصل العدم ...
الان فقط سأشرب النّور المجنّح
لأرتوي ، لأطير كشذرة سامية
شفيت من حنين الثّرى أخيرًا ..
النّقطة التي خلتها توثيقًا
لنهايتي تتحوّل الآن لشامة
كلّما تنفّست آلمتني
و كلّما داهمتني غصّة الحياة
فتح الموت شريانه و أغراني ...