على دكة الجسر العتيق وعلى قيد الصبر
يجلس في هدوء قلق
ليوضّب نعاسه
والبرد يسيح ( بدشداشته )
التي تحمل ثقوب الزمن الآسن
إنها الساعة السادسة والنصف
إلاّ ثلثاً حسب التوقيت البايلوجي
من صباح القلب المدمى
من صباحات الحصار الماجن
يتسرب الحزن من خلاياه
تطارده الخيبات ويهرب منه الوطن
يسرف الكثير من الأحلام ويدّخر القليل من الصبر
أحلام الأمس التي لم تبارح مكانها
يفترش الخبز الأزرق وينشر حلمه على جسد الجسر
وهو في ربيعه السابع وأمانيه ثكلى بحجم ظلاله
وبأكف ضارعة متوسلة
يلوّح للمّارة المتعبين
وبأصابع متيبسة
يمسح مايرشح من أنفه
وهو يتأبط طفولته التي غادرتها البراءة
يا إلهي مابال المارّة
لاأحد يمسح على رأسه
ويستلّ الحزن من الدمع الهاطل
ومن العيون المغرورقة حسرات
وهو ينظر بوجه شاحب
الى سراب الجسر الذي يضيق به ويداه ترتعشان
يرمي ببصره إلى النهر عسى أن يعمّد جراحاته
ويعاتب براءته الغضّة لأنه لابجيد فن المكابرة
أيها الجسر
لاتخذل الطفولة وقد طبعت براءتها على جسدك
لم تكن أحلامه غير أن ينعم بدفء الأماني
فمن يحفظ غيبة العصافير عن أعشاشها
ومن يرفع عنه ثقل الصمت
ومن علّم النوارس أن تحزن هذا الصباح
ومن أورثه كل هذا الألم
وقبل أن يجلده الإنتظار
رمى عتابه في النهر
وتفحص طفولته وأزال كل ماتعلّق من ظنون
يرتبك الجسر العتيق
الدعلج بجبروته يمر ملوحاً بعصاه
وبألفاظ كثيفة الوقع
مع تناثر أشلاء الخبز
يشهِر حقد شهوة السلطة
فمن يعصب رأس الجسر
وقد تصدع جسد النهر