لم تستطع المحافظات -رغم وجود الاستثناءات - رغم اهمية فعلها الثقافي ان تشكل منافساً للعاصمة
حوار: جلال طالب عبد حسون
وأنا أقرأ بعض الحوارات السابقة لي مع شخصيات أدبية، لمست كثيرا من التواضع في إجابات بعض الكبار التي لا تخلو مسيرتهم من كفاح فعلي وتسلسل في صعود سلم الابداع الذي لا يقف عند حد عندهم، وسيرتهم إنما هي شهادات جامعية يجب على البلاد والعباد احترامها وتقديسها وبالخصوص أدباء المحافظات لأنهم أبعد ما يكون عن بعض المقومات والأدوات التي يحتاجها الأديب والشاعر..
الاسم الكامل: حميد حسن جعفر علي جاسم
التولد والمدينة: واسط ١٩٤٤
السيرة العلمية: معلم متقاعد، خريج معهد المعلنين /الاعظمية /دبلوم
السيرة العملية:
السنوات الأُولى وسط مناخ و جغرافية مفتوحة ،لا سلطات قامعة ،سلطات سياسية ،كان قضاء الحي حينذاك يشكل أكثر من بؤرةٍ للمعارضة, الطفل الذي كنته لا يمكن أن ينسى رؤيته لجثتين تتخليان من مشنقة مزدوجةٍ، انهما جثتا الشهيدين علي شيخ حمود و رفيقه عباس الدباس ،وعملية الشنق التي تمت وسط المدينة خريف عام ١٩٥٦،حيث خرجت المدينة و بتأثير اليسار العراقي منددةً بالعدوان الثلاثي ( انكلترا وفرنسا و اسرائيل ) على جمهورية مصر، لتجد حوادث المقاومة و تأثيرات الوعي تربتها في دواخل الطفل ذي الاثني عشر سنةً، بعد عام ١٩٥٨ و ثورة ١٤ تموز تم انتقال العائلة الى مركز اللواء / المحافظة، ليجد الفتى امامه حياةً فسيحةً، و متعددة الاهتمامات ،و ليعمل في ستوديو /مختبر للتصوير ،ومن ثم عامل خراطة / تورنة ،و ليتحول لبائع فواكه جوال، وليجد في مهنة والده الجديدة وفضاء المقهى متنفساً كساق شاي ،مع استمرار التعثر في التعليم لعدم التفرغ ،وليستمر عمله في المقهى لسنوات عديدة ، و لينهي المرحلة المتوسطة و ليطلع على انشودة المطر، و السياب ،وليحاول ان يتذكر ما في الذاكرة من قراءات سابقة لمصادر الشعر فلم يجد ،و ليتمكن من انهاء المرحلة الثانوية ،و ليتم قبوله في معهد اعداد المعلمين /الاعظمية، وليمارس التعليم بعد التخرج في المعهد ،منذ عام ١٩٦٩ في ارياف المحافظة لمدة اكثر من عقد ونصف من السنوات ،،مع عدم الابتعاد عن العمل في المقهى اثناء العطل الصيفية وايام الجمع ، فيعام ١٩٩٦ تقدمت بطلب التقاعد لأتخلص من سلوكيات العامل الوظيفي و ارتباطات الفرد بالأنظمة والقوانين ،واشتراطات التنظيم الحزبي و تخلصا من الارتباط بمراكز حياتية تحاول ان تحد من افكار وتصرفات الفرد ، خلال فترة التقاعد ،وقبل ان أنفصل عن العمل الوظيفي كمعلم كانت فكرة العمل المر قد اوجدت لها مكانا في التفكير ،لأجد دكاناً في سوق شعبي قريب من سكني لا أعمل عطارا ً،وليستمر عملي الذي منحني مساحة واسعة من العمل والقراءة والكتابة خارج ما ترتأي الدولة والنظام والحزب الحاكم ، حينها لم تكن لي ارتباطات بمراكز النشر او الاتحاد العام للأدباء والكتاب وخارج التنظيمات الثقافية التي تقودها افكار الحزب القائد،،
أبدأ معك من حيث نصوصك الشعرية! كيف تختار قصيدتك ولماذا النثر بالذات؟
البدايات كانت أكثر من مربكة ، اذ لا بد من توفر المعارف ،و اعتماد القراءة كمصدر حياتي لا بد منه ،فالمدينة لا تشكل آنذاك مركزا للنبوغ، ولا مصدراً للعراك المعرفي، مدينة تفتقر الى الكثير من المؤهلات ،رغم التاريخ الأول لمدينة واسط ،لأتمكن بالتالي و ضمن الجهود الشخصية في القراءة والكتابة ،و المتابعة لأبد في القصيدة التي تعتمد التفعيلة ثغرة في جدار الكتابة الشعرية، التي تعتمد القصيدة الكلاسيكية في النظم أولاً و أخيرًا، ليجد الفتى نفسه منساقاً كمعلم نقابي أن يكون حضوري لما يسمى النادي الاجتماعي لنقابة المعلمين ،و لأبد و بتحريض اولي من الصديق القاص الشهيد حميد ناصر الجلاوي ،لأجد نفسي وسط مجموعة من الادباء و الشعراء و المتابعين ،كائنات بشرية ترى و تفكر وتتابع و تمتلك وعياً و معرفةً و فكرا مختلفاً عما هو سائد، كان الجميع يعتبر القراءة واجباً و لزاماً على الانسان ان يكون ممتلكاً لأدوات المعارف، وكان الوعي علامة بارزة و متقدمة في القراءة أولًا، وفي الكتابة ثانياً، ليستقبلني الشاعر-آنذاك -الصديق الدكتور الناقد حاتم محمد الصكر، القادم يومها من اليمن الجنوبي، ،والشاعر المرحوم عادل العامل القادم من مدن الجنوب /العراف ،والصديق الشاعر المرموق سميع داود الناشي تولد قضاء النعمانية و العائد الى وظيفة التعليم ضمن قرار عودة المفصولين السياسيين الورى وظائفهم بعد فصله منها والحكم بالسجن ضمن مساكين - نبرة السلمان-،و لأجد في صديقي الشاعر المرموق جواد ظاهر نادر رابع الشعراء الذين سيشكلون معي أنا الخامس تجمعاً شعرياً أدبياً, تمكن الوعي من ان يكون المانع لهؤلاء الخمسة ليتم الاتفاق على اصدار مجموعة شعرية (نوارس الموجة الآتية )، من عند خط شروع ادبي /شعري كهذا كانت بداياتي ، حيث تشكل القراءة المصدر الأساسي لكتاباتي ،حيث قصيدة النثر ،هذا الفعل الشعري الذي اتهمني في يوم ما الصديق الشاعر-عادل العامل-بالخيانة لقصيدة التفعيلة، لقد استطاعت الافعال الكتابية الابداعية الورقية -مجلة شعر اللبنانية ،ومجلة شعر ٦٩،البغدادية ،و مجلة الكلمة النجفية - ان توفر اكثر من فرصة متقدمة للاطلاع والتعلم ،و اكتساب الخبرات الكتابية ،اصافةً الى الصحف والجرائد والمجلات التي كانت تمنح الفعل الشعري مساحة واسعةً من الاهتمامات، لقد استطاع الفعل الشمولي ان يحد من حركة الابداع ومن الكثير من الاهتمامات التي يديرها الادباء عامة، والشعراء خاصة، وكان لمن تمت تسميتهم بالأجيال ومن قبلها الجماعات والتجمعات الدور الكبير في تشكيل المنظمات ،الاجتماعية /النقابات ،فكان الخمسينيين اصحاب ثورة الشعر ،فكان النروج على نظام القصيدة الكلاسيكية،(بدر والحياتي و نازك بلند) القصيدة التي اطلق عليها الدكتور -عبد الواحد لؤلؤة—قصية العمود المطور -، وليتمكن الستينيون من الوصول الى مقدمة الحركة الشعرية العربية من خلال ما استطاعت ان تقوم به مجلة -شعر ٦٩- والبيان الشعري الذي وقعه (فاضل العزاوي و فوزي كريم و خالد الفيصل مصطفى و سامي مهدي) الدور الذي ترك خلفه دويا، هائلا لا يقل اهمية من دوي مجلتي حوار و شعر اللبنانيتين ،،دوي قلب المثبة من الامور وازاح تلالاً من الرماد عن جمرة الفعل الشعري، على المستوى المحلي والعربي، مع السبعينيين استطاع الفعل الشعري وان كان شعراؤه يدعون الثورة والتحرر و اجتياح الفعل الناصري الّا أن السلطة التي احاطتهم برعايتها ،عبر وسائل الاعلام والنشر والمهرجانات والمؤتمرات ،عبر هكذا تأثيرات استطاعت افكار الحزب القائد ان تحد من حركة الشعراء ،وان تدفع بالقصيدة الى تمجيد الحروب ،و تجميل قباحات افعال القائد التي دفعت بالعراق و شعبه الى دخول مزالق و أنفاقٍ اجتماعية وسياسية على مستوى الاقطار العربية والعالم،،ومنها الحرب العراقية الايران وغزو الكويت وضرب اليسار العراقي ، و ليجد السبعينيون انفسهم وسط تيهٍ من السياسة والفكر والاقتصاد والعلاقات الدولية والاجتماعية ليجد الكثيرون في الهجرة الى الخارج الفرصة الوحيدة المتاحة للتخلص من قمع وارهاب و تسلط الفعل الشمولي و العسكريتارية، اااااااا الشعراء الثمانينيون ولدت افكارهم و مشاريعهم في زمن اشكالي، قمع، ارهاب، تسلط، مخابرات ،استخبارات حيث حكم العائلة حروب ، فكانوا رافضين للكثير من افرازات الحزب القائد ، فلا يمكن أن يتوافق الشعرُ مع القتل والترويع والإلغاء والشطب، لقد كان نظام الحكم بتعدد مصادره كان يتسلى عبر الحرب والتهجير بأروح الفقراء الجنوبيين، لذا لم يكونوا ضمن جوقة البواقين، من شعراء المنابر ،رافضين ان يتحولوا الى مصفقين و هاتفيين فما كان لهم سوى أن يسلكوا طريقاً آخر، غير ما يسلكه زملاؤهم، السابقون،،فكان لهم ان يذهبوا الى حيث -قصيدة النثر -تلك الحقول الكتابية التي وجدوا فيها طوق نجاة ،ليتخلصوا من عمليات قباحات الأنظمة الشمولية ،من خلال عدم اشتراكهم في المهرجانات التي تكاثرت بتكاثر اخطاء السياسيين الحزبيين،،تلك الوسائل الإعلانية التي كان النظام يدعو لها و يمولها، و يديرها،،و يوزع هداياه و الشهادات ،رابطاً الشعراء /شعراء السلطة وتسميات (شاعر القادسية و شاعر ام المعارك وشاعر الشرطة)معتمداً شعار -للقصيدة والبندقية فوهةٌ واحدةٌ)،في محاولة لعسكرة المجتمع وقد كان له ما أراد، من خلال اعلام و ثقافة و أدلجة الافكار ،لتتشكل الفيالق التي امتدت على مسافة ١١٠ كم ،هي حدود الدولة العراقية من جهة الشرق، في قصيدة النثر فعلٌ قراءاتي لا يصلح لتجييش الجيوش ،او الدعوة الى اقامة الحروب ،والتجاوز على الدول الأخرى ،وصناعة العداوات ، لقد وجد الثمانينيون في قصيدة النثر اكثر من فضاء ينتمي الى الابداع لا الى الاتباع ذلك من خلال الذهاب الى العبارة والجملة العربية التي مازال معظمها باكراً، مؤكدا ًعلى إن اللغةَ التي انتجت القصيدة الكلاسيكية هي ذاتها التي انتجت قصيدة التفعيلة ،وهي التي تممت الشعراء من خلالها أن يكتبوا قصيدة النثر.
كيف يستطيع الشاعر حميد حسن جعفر إيصال قصيدته الى الجمهور؟
ربما يشكل الجمهور القارئ اكثر من هدف ،فأنا شخصيًا لا احب ان يرتفع صوتي على أصوات المتلقيين ،لذلك أفضل التدوين على المشافهة،،والقراءة على الاستماع، لذلك كانت القراءة كفعل سابق تمثل اكثر الوسائل اهمية في صناعة المتلقي ،فالمائة المستمع هو سيد المرحلة الشفاهية التي امتدت قروناً طويلةً ،هذا المتلقي لا يشكل هدفاً أتمنى الوصول اليه، القراءة فعل أولي تمكن الانسان الأول أن يقرأ/أن يتابع الفصول و تكاثر النباتات و الحيوانات و نضوج الفاكهة وتساقط الامطار والثلوج ،و تحولات الانثى -البرغش والنضوج الكنسي والحمل والوضع والرضاعة ،كان يراقب مواسم الحصاد و الجني ،الطبية هي الكتاب الأول /مصدر المعرفة الأول،، البدري يقرأُ حركة الرياح واثار الحيوانات ،وظهور النجوم والكواكب و افولها،، الملاح/البحار يتابع العواصف وسكان النيات ،و المد والجزر و هجرة الاسماك وتكاثرها، القراءة فعل سابق للكتابة، الكتابة فعل لاحق ،لذلك يشكل الجمهور القارئ ورقياً او إلكترونيا ثر من هدف من أجل ايصال كتاباتي و افكاري و تصوراتي حول العالم و تقلباته، النشر الصحافي /الورقي أمرٌ مهمٌ و صروريٌ الى جانب النشر الالكتروني ،اما النشر /الطش المنبري ،المهرجانات ،المناسبات فهي امور تنتمي الى المؤقت،،الى الفعل الهامشي الذي لا يشكل حراكاً مركزياً رغم الرعاية التي يتلقاها من الجهات المستفيدة منه كفعلٍ اعلامي ، ومنذ ظهور جائحة كورونا توقفت المهرجانات الادبية والشعرية ليس على المستوى المحلي فحسب ،بل تمكن الوضع الصحي ان يؤثر بشكل قاريٍ ،ليعم العالم ،،حتى صلوات الجمع للأديان كافة تقريبا توقف تأثيرها على جموع غفيرةٍ من المتلقيين الشفرتين /المقلدين، الّا ان انكماشا و خمولا اصاب الفعل الشفاهي لم يستطع ان يوقف البحث عن المغايرة والمختلف من الكتابات،
هل النقد ابداع ام اتباع؟
إن كان النقدُ خلقاً فهو الغاء للتبعية، ومن حقه ان يوفر لمتابعيه طرقاً غير سالكة من قبل، و إن لم يكن كذلك ،فلماذا كل هذه المدارس التي يحاول بعضها أن يشكل ازاحةً،و إضافةً، ولماذا هذه النظريات و المنظرين ،و الصراعات ما بين التيارات النقدية ،ما بينر الاسطوري و الانطباعي ،والبنيوي و التاريخان ،و التطبيقي ونقد المتلقي ،و الثقافي والجمالي ،و نقد النقد و المقارن ،و السكلاني و الطاهراتي، و العشرات الأخرى التي تحاول أن تبث افكارها ،و تصوراتها، عن الكتابة والقراءة، و مفروزاتهما، كل هذه النظريات و وجهات النظر والمفاهيم المتفقة و المتضاربة تؤكد ان النقد فعل ابداعي ، ان الكاتب المبدع لا بد له من أن يمتلك رؤيةً نقديةً يضاف اليها فكر و وعي وقدرة على الفرز و الانتقاء، و ليتمكن بالتالي من بناء منجزه الابداعي على الورق ،و تطبيقه على ارض الواقع، عند هذه النقطة يأتي دور الناقد ليتلقفَ المنجز الكتابي ،وليدخله مختبر رؤيته النقدية و ليخرج على القارئ و كاتب النص /مبدعه ،و استخلاص الواقع من مفهوم اللاواقع، و ايقاف عالم الكتابة على قدميه ،وع التأكيد على استفزاز الكاتب، و تحصين القاريء بعد ان تمكنت عملية الكتابة من امتلاك الفعل الابداعي، و إشاعة خصائصه، النقد يحاذي و يسايرٌ و يواكبُ ضمن عملية موازاة ،و قد يتقدم كثيراً او يتأخر قليلاً عن الابداع ،ليمهد الطريق للآخرين كتاباً و متلقين، مضيئاً ما عتم من الجوانب و الزوايا و الكهوف،. مؤكداً بذلك على الابداع و لاغياً الإتباع.
ماذا عن الواقع الشعري في المحافظات؟ وهل ترى بدا من التواصل الإبداعي مع العاصمة؟
ربما سيكون السؤال بصيغةٍ اخرى، هل استطاعت المحافظات منافسة العاصمة ثقافياً و إبداعياً، و الجواب قد يكون سهلا عندما لا ندرس الاسباب و النتائج لما يحدثُ في الواقع، و تبقى علاقة المثقف و الاديب المنتج للكتابة المختلفة، و علاقاته بالجهات الساندة،-الاحزاب والمنظمات والحكومات و المتنفذين - تمثل هذه العلاقات اكثر من محكٍ، وحين يحدث التنافر ،و تتقطع الاسباب ،يبدأ الإهمال ،و يحل عدم الاهتمام من قبل اصحاب الشأن، ليقابله المسل والخمول من قبل المحسوبين على الفعل الثقافي /الابداعي، فبمقرة دور الحكومات المحلية. ان تلغي مهرجاناً ،او تسلب مهرجانا ،او تقيم مهرجاناً، او ان تعتم على مهرجانٍ من خلال عدم رعايته ، لم تستطع المحافظات -رغم وجود الاستثناءات - رغم اهمية فعلها الثقافي ان تشكل منافساً للعاصمة،،و هذا أمرٌ يشمل معظم المحافظات ،حيث تتمتع العاصمة بما ينتمي الى المكتبات ومعارض الكتاب و دور النشر والاتحادات و المنظمات و مقرات الاحزاب ،والصحف والمجلات ،والمحطات الفضائية،،و العلاقات مع الخارج، حيث الانشطة الثقافية حيث المطابع و دور النشر و الوزارات و تعدد الحكومات المتعاقبة، إضافةً الى توفير رؤوس الاموال و الاستثمارات الممولين من البنوك والشركات ،اضافةً الى الكثافة السكانية.
ماذا عن المهرجانات الشعرية هل أنت من روادها؟
بإمكان المتابع أن يعلمَان علاقتي بالحكومات ،و الجهات المتنفذة لا وجود لها قبل سقوط الدكتاتور عام ٢٠٠٣،رغم توفر الكثير من الفرص التي تنتمي الى الانتهازية، هذا الكلام عن الفعل الثقافي خلال الانفتاح على اليسار ،/ما يسمى بالجبهة،،ومن ان اعلن النظام عداءه لليسار العراقي كان لابد لي من الانسحاب من حقول الادب والثقافة والركون الى الصمت كرد فعل لما يحصل، ، المتابع للديوان المشترك (نوارس الموجة الاتية)الصادرة عام ١٩٧٤،و لأسماء الشعراء أولئك ،سيدهم جميعا ما بين شيوعي منظم، وصديق للشيوعيين او يسارياً،،اذا التعارض و التضاد كان امرا واقعاً هذا الفعل الذي ينتمي الى الوعي والمعرفة و الانحياز للأفكار اليسارية و فر لشخصي حماية من الانزلاق والذهاب الى قطار الحكومة والحزب القائد ،لم افعل كما فعل الكثيرون عندما كانوا يواصلون حضورهم القذر الى مهرجانات الشعر التي تقيمها وزارة الثقافة أنداك،(المربد، والمتنبي، ابو تمام)، علاقتي بهكذا مهرجانات بدأت بعد سقوط الطاغية،،وحصول التحولات التي كنتُ اتمنى ان تتمكن من انتاج نظام حكومي قادر على قيادة المجتمع ،و تحقيق اماني و طموحات الالاف من الشهداء و المغيبين ، كانت علاقتي اولاً و أخيرًا مع هذا نشاطات ثقافية قد بدأت بعد عام ٢٠٠٣،(المربد ،المتنبي ،الجواهري ،المدى)، فقط كان حضوري لهكذا افعال و نشاطات ثقافية.
ماذا عن اتحاد الأدباء والكتاب هل ترى ضرورة لوجوده وتواصله مع الأدباء؟
معلومة؛لم انتم الى اتحاد الادباء والكتاب ،او لأي تجمع ثقافي الصحافي او فني قبل السقوط، التجمعات بكافة اشكالها —سياسية او اقتصادية او مجتمعية او ثقافيةً—لابد منها، لا بد من قيادة، تلك القادرة على صناعة المبادرة، و لديها من السلطات ما يجعلها متمكنةً من ان توفر نوعاً من الدعم المعنوي والمادي ،و ضرورة وجود هكذا تنظيم ينتمي الى الجمهور ذاته، حيث تشكل الانتخابات الوسيلة الوحيدة لصعود النخبة القيادية الطالعة من واقعٍ معرفيٍ قادر على تعزيز موقف الفعل الانساني وصعوده الممهور بتأهله للقيادة، هذا الفعل ام يكن حكراً على فئةَ او شريحةٍ، بل ان المجتمعات كافة لا يمكن ان تسيّرَ امورها من غير قائد او زعيم او رئيس رغم حصول حالة ذوبان الفعل الفردي وسط تأثيرات الحس الجماهيري، وهنا تتجلى القيادة الواعية والناجحة التي تعتمد العلاقات الانسانية المتطورة ،ولا تهتم الغاء الآخر، الذي أتمناه من الجهات الثقافية الرسمية والمهنية ان توفر حالة تواصل مع جمهور الادباء والفنانين و المثقفين،،ان تكون هناك قنوات تواصل تعتمد المراسلين ،وهذا الامر لا يخص اتحاد الادباء او دور الثقافة الجماهيرية فحسب بل تشمل مصادر الثقافة كوزارة الثقافة، ودور النشر والصحف والمجلات ،هذا ما كان حاصلا فيما مضى ،تواصل كهذا يوفر اكثر من علاقة توفر خدمات ثقافية اطرافها الكتاب و المثقفون من جهةٍ بتعدد اهتماماتهم ،ومصادر النشر كالجرائد والصحف والمجلات،
ماذا عن واسط؟ وماذا مثلت لك شعريا؟
من الممكن جداً أن تشكل الامكنة /الجغرافيات —العواصم /المدن الكبرى، مراكز العلم، المراكز الدينية، الجامعات ،معاهد المعرفة، من الممكن ان توفر هذه الامكنة الكثير من مصادر الأدب والثقافة، او يتم على ايدي ملوكها او سلاطينها او خلفائها الغاء الابداع و تدمير منتجيه، من الممكن ان تكون بعض المدن ممولاً اقتصادياً، او ثقافياً، وقد لا تكون كذلك، قد لا يشكل البيت / العائلة بالنسبة لي مصدراً معرفيا، ،دار سكن بغرفتين احداهما فقط مضاءة بمصباح ستين واط، والاخرى معتمة ، ابوان أميان تمكنا من قراءة تصرفات و سلوكيات اربعة ابناءٍ و ثلاث بنات اميات ،اخوة يجيدون القراءة والكتابة المدرسية، لا أثر لمكتبة او كتاب،،ربما هناك نسخة مهملة من القرآن الكريم ، فضاء لا يوفر فرصة علم او معرفة، ليشمل الجهد و الاطلاع الشخصيينِ وسيلة للوصول الى ادب و معرفة متداولة،،و رغم ما ينتمي الى جهد نظم وكتابة الشعر بشكله الكلاسيكي في المناهج الدراسية، الّا انها لم تستطع أن توهم الفتى في سنينه الاولية ان ترغمه على الاعتراف بفضلها عليه ، وانها كانت مصدراً للتزود بالأدب عامة والشعر خاصة ، فأنا لا أتذكر في يومٍ ما اني حفظت او استظهر قصيدة او نشيداً، و ربما نشيد (مليكنا ،مليكنا نفديك بالأرواح )هو كل ما تمكن من الذاكرة ،او استطاعت الذاكرة ان تحتفظ به، ليكون الجهد الشخصي مصدري الوحيد في القراءة والاطلاع ،و التزود بما افتقده، ما زلت اتذكر في الصف الرابع الادبي /اعدادية الكوت للبنين (٦٤-٦٥/٦٥-٦٦) كنتُ أفضل من يكتب ضمن درس التعبير /الانشاء، ففي الوقت الذي كان مدرس اللغة العربي —ضياء عبد القادر - قاسياً في منح الدرجات ،وقد كان مراراً و تكرارا ًيمنح البعضان الطلاب درجةً تحت الصفر، كنتُ أنا صاحب الرجة الاعلى التي لم تبلغ الّا ١٣ من٢٥، لم يكن اواسط /الكوت معرفياً و أدبيًا دور في تكويني القراءاتي، مدينة تقع في الوسط ( كما اتخذ الحجاج بن يوسف الثقفي )مدينته واسط التي تبعد خمسين فرسخاً عن كل من البصرة والكوفة والمدائن والأوان )وهي لا تنتمي لأيٍمن هذه المدن، فكانت موضعاً وسطاً ، هذا التوسط اضاع عليها الانتماء الى الجنوب /البصرة او الى الشمال /الكوفة، و بغداد فيما بعد، لذلك اهملها الكثيرون من الحكام والحكومات والزعماء و القدة و اهملها حتى الثوار، حتى باتت احد المنافي التي اتخذتها الحكومات ما قبل ثورة ١٤ تموز لوفي اليساريين، حالها حال المنافي الاخرى، رغم ان تاريخها يشير الى معاهد علم ومعرفة و إنها أنداك /الإمارة الأموية التي تعتبر آخر الامراض التي استسلمت بالاتفاق مع السلطات العباسية، للانضمام الى دولة العباسيين، و قد زخرتْ واسطُ في زمنهم بعد كبير من المدارس ودور العلم والقرآن. وعلومه، حتى ان المدن الكبرى او الاقطار الاسلامية، لا تخلو من واسطيٍ يدرسُ القرآن وعلومه ،ومن علمائها (عماد الدين زكريا القزويني الأنصاري صاحب كتاب -آثار البلاد و أخبار العباد ) و كتاب (عجائب المخلوقات،)و ابن الدبيبي الواسطي المتوفي سنة -٦٣٧ هجرية-و ( ابو طالب الكناني المتوفي سنة -٥٧٩ هجرية -،والقاضي أبو تغلب الواسطي ، واذا ما كانت واسط قد شيدها امير عربي اسلامي متمدن ترك وراءه الكوفة من اهم مدن العالم الاسلامي، و عاصمة الخليفة الرابع الامام علي بن ابي طالب سلام الله عليه، فإن الكوت (كموقعٍ يشرف على حركة وسائل النقل النهرية و حماية المسافرين والحفاظ على ارواحهم و ممتلكا، التهم من اللصوص والسراق وما يمكن ان نطلق عليهم في يومنا هذا تسمي -القراصنة-لم تكن المدينة او القرية او موقع الحراسات الا من انتاج صاحب قطيعنا الابقار والمواشي الباحث في تلك المنطقة عن الماء والكلأ،،على يد هذا الشخص الذي يعود عشائرياً الى عشيرة -البدريين- الشخص الذي اتفقت الحكومة العثمانية آنذاك معه لحماية مجرى النهر و وسائل النقل و المسافرين، بعد فسخ عقد مهمة حماية المستفيدين من النهر كوسيلة وحيدة للنقل حينها مع -عشيرة بني لام -ولم تظهر المدارس او ما يدل على وجود مدينة الّا بعد ان بلغت من العمر عتياً، لم تكن مدينة الكوت حتى مطلع القرن العشرين ممتلكة لمعهد علم او مدرسة حتى ظهور الدولة العراقية، عام ١٩٢١،لتظهر في العقود الاولية للقرن العشرين و الخمسينات و الستينات من القرن ذاته ملامح واضحة لوجود مدينة تنتمي للتحضر، حيث كانت (مكتبة الادارة المحلية )اهم مركز ثقافي ومعرفي اساسي ،حيث كانت ملكا الباحثين عن المعارف وحيث يلجأ اليها طلبة المدارس و محبو الادب و القراءة والكتابة، مع وجود -مكتبة السعادة - لصاحبها عبد الرضا مجدي مع وجود الكتبي -ابراهيم كسار -الذي كان يدير مكتبة لتأجير الكتب ،فكان يستوفي -عشرة فلوس - عن كل كتاب لليوم الواحد،
كيف ترى المنصات الأدبية اليوم في ظل التطور التكنلوجي؟
ما زال الإرث الشعري يتشبث بالمنابر والمنصات التي توفرها المناسبات والمسابقات ،و المهرجانات، لذلك ستظل هذه المنصات ذات تأثير واضح، في صعود و انتشار اصوات ما تنتمي الى الكتابة الكلاسيكية، لقد كانت وما زالت تمثل مصدراً للمعارف الشفاهية،،وربما تكون المصدر الوحيد الأكثر قرباً من المتلقي السّماع ،وليس المتلقي القارئ، هذا ما كان حاصلاً منذ ازمنة سميقةٍ وما زال ،لينحس بعض الشيء مع ظهور الالة الطابعة ،و توقف عمل النسّاخين ،وبروز المؤشر الورقي بشكل واسع، الذي استطاع ان يوفر للجميع /القراء و التلقي التدويني ، وبعد ان كانت المنصات تعتمد التواصل السماعي و وجوب حضور المتلقي الذي يروم التزود بالعلم و الادب، لقد اطاح التطور التكنولوجي ،و النشر الالكتروني منذ ظهور التواصل اللفظي /الهاتف النقال /الموبايل وصولاً الى الانترنيت/الحاسوب و الشبكة العنكبوتية، ليتراجع تأثير المنصات الأولية ليتم انتماء المجتمعات بكل شرائحها الى التقنيات الحديثة في ادارة شؤونها، لقد قلب التطور ،وكما تقول العرب-ظهر المجن-للكثير من المنصات الشفاهية ،و لتمول المجتمعات من مجتمعات شفاهية ،كتقنية قديمة سيداها اللسان والحنجرة الى مجتمعات تحريرية تعتمد القراءة والكتابة، في تواصلها و اتصالاتها ،لقد تحرر الكثير من المجتمعات من الانقياد للفعل الآمر الذي لا يقبل الحوار ،رغم وجود القائد الذي يتحدثُ، و الزعيم الذي يأمر، والأب الذي ينصحُ، و لتتحول كل هذه الكلمات الى افعال تنتمي الى العلوم والمعارف،،
ماذا عن إصداراتك الأدبية وكم صدر لك؟
من المفارقات أن يحاول الشاعر ان يكون اول اصداراته فعلاً سردياً، هذا ما حدث معي عندما تقدمت لدار السؤول الثقافية برواية تحت عنوان (نصف مليون كيلومتراً مربعاً من الجنة)،هذا ما حدث عند نهايات عام ٢٠٠٢ ،لتتم الموافقة بعد قراءة الخبير، و لتبدأ افعال التنضيد و لتتصاعد الصراعات واحداث حرب الخليج و لتسقط السلطة الحاكمة ،ولتتوقف اعمال دار الشؤون الثقافية ولا تعتذر تلك الدار عن طباعة جميع الكتب التي تمت الموافقة على طبعها ،ومن بين هذه الكتب عملي السردي،
من المتعارف عليه لدى العامة /الاسلاف ان (الشعرُ ديوان العرب) الّا ان الواقع الذي كانت امهاتنا وجداتنا ان الحكاية والقصة وما يقوله القصصيون
كان هو ديوان الانسان عندما تجمع العائلة في ليالي الشتاء لتبدأ امهاتنا بسرد ما قالته كبار السن والعجائز من حكايات الزير سالم والسندباد البحري وما تعلق بذاكرتهم من ألف ليلة وليلة،
المرأة تحفظ الكثير من الحكايات التي يسمعونها، فالفعل الشفاهي هو السائد، ولا تحفظ من الشعر الًا ما ينتمي الى تنويمة الاطفال، وتدليلهم، فكنا نحن الاولاد /الاطفال ننام على حكاية ابو زيد الهلالي والزير سالم، وكانت ثقافتنا الحياتية افعالاً سرديةً،
لذلك تشكلت الذائقةُ السردية لدى معظم الابناء ليغطي الحس الروائي على نشاطاتنا الأدبية، فلا عرابة ان اكتب الرواية قبل الشعر،
بعد السقوط تم رفض الرواية كما اعلنت، وليبدأ الجهد الشخصي في طباعة مجموعة من الكتب الشعرية والسردية عبر جهد عائلي، فكانت وعبر طابعة شخصية وحاسوب شخصي تتم عملية التنضيد والطباعة والتصحيف ،والكبس، و تصميم الغلاف،
فكانت الطبعات الخاصة
١-عتمةٌ مضيئةٌ) شعر ٢٠٠٤.
٢-مالا يرى الآخرون شعر ٢٠٠٤
٣-زخرف للبياض /زخرف للسواد شعر ٢٠٠٦
٤-من اورثه قلقي وقال ليديه انطلقا. شعر ٢٠٠٨
٥-استرجاع لما سيحدث. شعر ٢٠٠٥
٦-حفلة انقراض. سرد ٢٠٠٩.
٧- تجفيت. سرد ٢٠٠٩
٨-مدن مرئية نقد الموسوعة الصغيرة دار الشؤون الثقافية،
٩-هبوط أدم وصعوده. شعر دار الشؤون الثقافية
١٠-أحاديث اولاد آدم عن ليلى والذئب شعر. دار رند دمشق،
١١-طواريء /غرفة انعاش تجربة في الحياة والموت طبعه خاصة،
١٢-كوتوبيا /كوت سبع،كائنين المكان دار الشؤون الثقافية،
١٣-فنطازيا. شعر منشورات اتحاد الادباء في واسط،
١٤-كائنات الوهم /كائنات الشعر ثقافة الهامش /الكوت أنموذجا دار عدنان،
١٥-براءة البياضُ و بسالته شعر طبعة خاصة
١٦-شرق الغابة/شرق الأسى. شعر طبعة خاصة،
١٧-كوتوبيا الماء دراسة في شعر الاراضي المنخفضة، دار تموز /دمشق،
١٨-النافخُ في البوقات. تجريبية الشاعر مقداد مسعود في الكتابة الشعرية،
١٩-لم أكن تمثالها انا النور الطالع من مفاتنها شعر، من منشورات الاتحاد،
٢٠-حي تربيا /ذاكرة إثر طبعة خاصة
٢١-خارج المنازعات /داخل المعرفة دراسة نقدية في تجربة الشاعر سلام دواي،
٢٢- قطرة ماء. قصائد للأطفال، دار ثقافة الطفل
هل الأبداع متشابه من حيث الهدف؟ أم أنك ترى تفاوتا حسب الكاتب والنص؟
الابداع من الامور المتشابهة المختلفة، خاصية التناقض هذه هي التي تمنحه القدرة على صناعة الازاحة ،و الوقوف بوجه السائد، حيث تكون بحيرة الحياة تمارس افعالاً تنتني للانقراض، الابداع متشابه في البحث عن المغامرة،/الاختلاف، و غير متشابه تبعا ًلكمية المعارف التي يعتمد عليها في صناعة الحراك الحياتي، و القدرة على استثمار المخيلة من امل انتاج الفعل الجمالي المستخلص من الاعتيادي، الابداع متشابه من حيث المواد الأولية ،و القدرة على الانتقاء والحذف والاضافة والتغيير،،و التمثيل الضوئي /الغذائي، و الاستفادة من التجارب عبر تجاوزها ، النموذج / القدوة لا مكان له في الابداع،، المهندسون جميعهم يستخدمون المسطرة و الفرجال والمنقلة ،والشاهول و القبان ،و لكن لكل منهم عقليته ،و ذهنيته، و مخيلته، الابداع يشتغل على انتاج معمارية كتابية غير متماثلة، ليكون سؤال المهتم بالشأن الكتابي ،هل بمقدور الكتابة الابداعية ان تنتج شاعراً او روائياً يجاري او يتجاوز المنجز المعماري للبناء الذي أنجزه المهندسون المعماريون العراقيون ( زها مديد ،او أد خالد السلطاني، او أد قحطان المدفعي، او معتز عناد غزوان،) لقد تعددت المنجزات الابداعية بتعدد و اختلاف المخيلة و المواد /المفردات المستخدمة في انتاج الفعل الابداعي، ان كان هذا على مستوى الفعل العماري ،فيجب ان يتوفر لدينا أفعالٌا ابداعيةٌ على مستوى الادب، عامة ،و الشعر خاصة،،اللغة العربية لديها من المفردات ما يتمكن عبرها الشاعر أن يجدد كتابا هو فوق الابتكار والتحديث،(اثنا عشر مليوناً و ثلاثمائة اثنين الفاًو تسعمائة و اثنا عشر كلمة)هذه هي مكونات اللغة العربية التي بين ايدي كتاب القصيدة والرواية والبحث النقدي، هل استطاع مستخدمو اللغة من البلغاء والخطباء و المتكلمين و الفصحاء ،والشعراء ،و النظراء، أن يوفوا اللغة حقها، عبر اكتشاف قوة المهمل وما يمتلك الغريب، و المسكوت عنه والمهمل و المتروك،،؟ لا اعتقد ذلك، سوف يظل الأديب /الشاعر يغوص في بحر اللغة ليتمكن من الوصول الى المختلف، التشابه و اللاتشابه امران واقعان ملزما الحضور، من خلال صراعهما يطلع المختلف الذي لا يشبه ما قبله،
ماذا عن النصوص المترجمة؟ وهل ضرورة لتبادل الثقافات؟
منذ متى والانسان بحاجة ضرورية او هامشية للإنسان الاخر ،قريباً جغرافيا ،او عند الاقاصي،،من غير توفر الاختلافات على المستوى الأفراد و الجماعات، بهذا الشكل او ذاك، على المستوى الفكري او الاقتصادي او المعرفي ،وما التحالفات الدولية و التجمعات العرقية او سواها على المستويات متعددة،، وما الثورات الوجه الناصع لصناعة المستقبل ،وما الاستعمار الممثل للجانب القبيح من الحياة ،كل من الطرفين وفرا فرصاً للتقارب والتباعد ،و ما الاندماج و الاتحاد الّا وسيلة لصناعة الاختلاف ضمن طبيعة الانسان كفرد نجده بحاجة للجماعة، لذى يسعى الافراد الى البحث عن الاخر لمعرفة تاريخه و ثقافاته، حتى باتت المعارف و الثقافات من الامور اللازمة و القادرة على صناعة التواصل عبر اللغة والفن و التواصل المعرفي و العلني ليجد الانسان هذا في افعال الترجمة اكثر من وسيلة للاطلاع على ما تم انجازه من قبل الامم والشعوب والاقوام ، واذا ما اعتبرنا الترجمة فعلاً تواصلياً وليس فعلاً ثقافياً فحسب سنكد ان الترجمة كائن يمتلك رؤيةً مستقبلية فائقة الانفتاح على جميع سكان المعمورة، كائن يمتلك القدرة على تحسين اوضاع المستقبل و على ضرورة بنائه ،أو إعادة بنائه، لذلك سوف يجد المتابع ان الفعل الترجمي لم يكن أمراً طارئاً على حركة تطور الافكار والمفاهيم وتحول المجتمعات عبر مراحل تطور الانسان وتغيير مواقفه ،الترجمة مجموعة افعال رافقت الانسان منذ هبوطه على الارض الى يومنا هذا ،هذه الرفقة التي انتجت حركات التطور التي عمت المجتمعات منذ نسوئها الاول ،و اثرت بشكل لافت على ثقافات الشعوب و الامم، وان معارك الانسان المثقف /المترجم لن تتوقف ما دامت هناك افكار لا تتماشى مع تطلعات الانسان ، الترجمة محاولة لإصلاح ما خربته الحروب والافكار المضادة لبناء العالم ،قد تتخذ الترجمة مسارا، مضادا لتطلعات الانسان الا ان الفعل الجمالي للترجمة سيكون الاكثر اهمية في صنعة كرة ارضية تمتنع من صناعة الدمار،
أقوال
لن أسّعى لمناداتكِ باسمك،
أخاف أن تتعلق الفتياتُ بغيابكِ،
سأقولُ: مزرعة الشاي وأعنى آخر ما على جسدكِ من الأقمشةِ،
أقولِ: لم يعد لمضخة السقي أثرٌ، وأٌشيرُ الى مساقط المياه التي
طالما اعتنيتِ بها، لتصير من بعدكِ مسبحا للكلاب،
قولي شيئاً ما وأنا الذي سيؤول،
قولي اسم صغيركِ، لأقول :حركة القطارات بعض حركات اصابعه،
قولي: الطقسُ شديد البرودة، لأكتب على الجدار الملاصق لمنزلكِ
(لم تعد المعاطف تتودد للمساء لكي تجدَ من يرمي بها للأنهار
لتتجاوز فترةَ الانجماد،
سأقطعُ الطريق على التجار الجوالين، لتجدي في النوم متنفساً
للخلاص من حكاياتي التي لم اسردها لسواكِ٠
حميد حسن جعفر /العراق /واسط /ايلول ٢٠٢١
أرانب
ما كان أيلول الّا بقية قطيع أرانب ترعى عند قدمي مجموعة
تلالٍ، استطاعتْ ان تضلَ الكلاب السلوقيةَ، وجمهور الصيادين،
بنادقهم التي بَرُدَ حديدها لم تعد مدعوةً للتصويب على أهداف ٍ
لم تستطعْ حاسةُ الشمِّ ان تحدد َ مناطقها المضيئةِ، باللهاث
والفزعِ،
ايلول ما زال يمتلكُ آياته، من تحت جسده الرخو تنسحبُ الجواميسُ وتتعدد مخارج البرية، ويطلقا لليلُ أقدامه نحو مساحاتٍ فسيحةٍ من عشبٍ ذابلٍ، وذوات دم باردٍ تشدد رقابتها على ما يحدثُ من ثوراتٍ، وهزائم، وإعدامات،
سيتذكرُ الاخوةُ حفلات الإحترابِ كما لو كانت لحظة
احتساء كوب شاي وسط مقهى شعبي،
النسيان لا يوفرُ لحظة أسى،
فالموتى أبناؤنا، والمنتصرون الأحياء بالزي الأوربي
يزينون القاهرة وعمان واسطنبول بالأفراح والليالي
الملاح٠