recent
أخبار ساخنة

ولدت كرها- عدنان جمعة


 ""ولِدتُ كُرهاً""


حين حدثتنّي أمي عن ولادتي ، 

ادركتُ بأنني جُئتُ كرهاً الى الحياة ،

فما بال ذلك العويل لمولودٍ أنكشف عنه حجاب الرُحم ؟ 


أليس من الأفضل أن اكون فرحاً مستنداً

على الأرضِ بدلاً من الأنحناء داخل جوفٍ مُظلم كــ قبةَ جامع ، تكتظُ بما هو طاهراً ، وعندما يهوي بالخروج ، يهبُ سائلاً وبعضه ملتوياً شنيع الرائحة منه  ما يُسري به الى جوف الأرض حتى لا يُدنّس المتنجسين ،

وبعضهُ يكون سماداً ليُدنّس ما يأكلهُ التّوابون...


مالي جُئتُ باكياً ؟

أليس من الأجدر أن اكون متشوقاً

لمعانقة وكب البول في نشوةً مصحوبتاً بأبتسامة الخجل في حضن والدي ،  

إلا انني كنتُ محروماً ، لأن النهار وقت الفقراء والبائسين ، 

فأبي طالما غاب عن ناظري في مثل هذا الوقت

لتوفير لقمة العيش.

فــ ارّجح أملي في الليل ولا اعلم انه وقت خمودي ، 

فأنتضره طويلاً لتحقيق هذه الرغبة ، 

إلا انني علمتُ انه لا وقت لديه لهذه ،

حين سمعته مرةً عندما فززت صارخاً من منامي وهو يزجر و يصرخ بوالدتي ويأمرها أن تُسكتّني ، فتذهب بي بعيداً عنه ، وتزجرني هي بدورها بما يخيفني ويروعنّي 

(نام اجه الواوي)  (انغمد.....نام)...


ما ولدتُ لأكون حراً ، 

طالما ولدتُ بدماءٍ أجبرت أبي أن يكون حمالاً في النهار وحارسٌ في الليل من اجل أن يكسب ثمناً (لمعلاگ خروف ) يعوض ما فقدته امي من ذلك السائل اللعين.. 


ولدتُ ذكراً لأكون منسياً ،

لا يعرفني احد !

حتى أمي تكاد تنساني بقماطي المطرز بسبعة عيونٌ لولا منبه ثدييها ،

لتخفيني عن اعيّن جاراتنا ، 

اللواتي لم يلِدنَّ ذكوراً ،

فزيارتهن لم تكن بأسم الله كما عهدتها امي عند ولادة اختي مريم..


والدتي تخفيني عن الناس

وابي يكنى بأبي (مريم)

فمن  يكون صارخاً عندما يضعني احداً بتابوتي ؟ واخراً يشدني على ضهر مركبته صارخاً ( اريدُ بطانية ) وتأتية احدى المعزيات بواحدةً حمراء كـُتب عليها احبك. 


ما فعله ابواي كان خطأً ،

فأنا لم اعد احمل الذهاب الى اي عزاءٍ

خوفاً من سماع منافسة اللطم بين النساء ،

فــ ليس لأبي من اخوات كُثر سوى واحدة لا صلة لها بالرحم

لتندب ( عمتك رادتك تذكار للخوة) 


وأمي لديها الكثير من الأخوات 

ألا انني لا احُب واحدةً منهن ،

واحدةً لم اراها قط

واخرى مريضةً وضريرة العينين

وأخرى عادةً ما تسأل 

ورابعتهن تُفرّق حبها بين اولاد اخواتها

ونحن اقل حصةً بينهما

وآخرهن لم تزوجني ابنتها.

لا اتوقع منهن ( لخالاته لـتسدن درب خلّلنْه نلعب جوله )


كان أملي أن يصرخن جاراتي ( اليوم اعرض يوم الجورة)

إلا إن قماط امي افسد كل شيئ..


اذا كنتُ قد ولدتُ فــ لماذا اموت؟؟

انتهى الحديث ،

وشاهدت والدتي تهذي مع نفسها وتبكي

وحين سألتها عن سبب البكاء

اجابتني

جرحُ ولادتك ما زال يؤلمني...


عدنان جمعة

google-playkhamsatmostaqltradent