أفكرُ بالرحيل و ستفشل عشرات
الأذرع بإبقائي هنا،
ليست ثمة حياة متاحة لأستوطنها
ليس ثمة شاطئ لا اسم له
لأسحب مقعدي نحوه،
ليست ثمة نهاية
تفوتني كقطار ثم ألحقها
قبل فوات الأوان .
أفكر ايضا بإلغاء مواعيدي مسبقاً ،
الحفاظ على روحي ناصعة و ضريرة ،
دفع الباب
بقوة من ستكون له مليون يد ،
أفكر بالحب إذ لم يبق
من المطر
سوى الحفر المغمورة بالماء ،
حيث اللذة و نحن في بيوت مستأجرة
كاللذة ونحن أجساد لآخرين،
تقبيلك على العشب المجزوز
كتقبيلك
على الحصى !
♤
هكذا قلتُ منذ أن عرفتُ أنني لم أمتْ:
سأحبك
طويلاً بشغف الطبول
و هدوء الأمواج التي تعبث بملابسنا،
فلا تفقدي الأمل،
تعودي أن تفتحي النافذة صباح كل يوم،
حتى إذا لم أكن جندياً
سأعود مع الجنود،
حتى إذا لم تكن لي سمكة جنب أسماكك
سيلتمع أثر مملكتي بين القشور،
حتى إذا لم
أنس شيئاً على الطاولة
سيمر زمنٌ على الكتاب
الأجنبي
ذي الغلاف الغائم
فيصير كتابي!
♤
دللتُكِ على البيت
الذي لا يعرف أحد مفتاحه،
صنعتُ الكلمة التي تلصق على الأذن،
و أحببتكِ
لأن القوارب لا تدرك أناشيدنا.
مضيتُ خلفك
بالخطوات التي تسبق الحقول
و أنهيت طريقاً
طويلاً
كالمسافة بين الزهرة و الجذر .
أردت أن يكون لكل واحد منا
جسد يصغر
في الجهة الضبابية
و يكبر عند حلول الموت !
♤
أنا الطرق التي اختفتْ،
الدموع التي تلامس أطراف الأصابع،
المؤلف
الذي يؤلف قصصه
بعجالة ،
الحياة التي لا تكفي لكتابة
ما يحتاجه المرء ،
أنا قدمكِ التي ستقودك
نحو الأسرار ،
و فمك الصغير
الذي تعذبينه
مئة عام
لنسيان الكلمة الأولى!
♤
حان وقت المضي
نحو ما هو كريه لصنع ما هو براق للغاية،
نسيان ما لم يكن ينتزع
لتذكر ما يبدو خفيفاً و مرحاً كأثر غزال ،
إظهار طقم الأسنان
لإخفاء ذعر الدم و اللحم.
حان وقت الصفح
عن الأعداء
لا عن المحبين،
التلويح
للقمر البارز من الجحيم
و الحنو على النبتة
التي لا تنمو أيضاً.
حان وقت الإصغاء بهيئة من يخفف الوطءَ
لعل في الأصوات البعيدة
من يهتف باسمي!
♤
في الصفحة الأولى من كتابي
عشرة أسطر إضافية
عما في كتب الآخرين،
ثمة أشد ما يحزن
و أدق ما يرى،
رسائل ليست لغرباء أو لأحبة،
آلهة مجهولة
تخلصني دون صيحات،
و نجوم تبدو حزينة في العدسة المكبرة .
في الصفحة الأولى من كتابي
هناك الحب
بقوة اليد التي تنزلق
و الذعر
مما في الصفحة الثانية فقط !
♤
كالمرايا التي تنكسر فجأةً،
قلتُ كل شيء
عما يتوحش في حنجرتي،
قلت ما يوجز الألم
و البصيرة
وها أنا أصمت
لأتحدث عن ذلك بالتفصيل!
♤
نحن نصف جرحى
و نصف شاحبي الوجوه، نصف ملوحين
و نصف سائرين باتجاه
من يتشبث بنا لأنه يتهاوى .
نحن قوم لم يزودوا بالأصابع
التي تعد الساعات المخنوقة داخل أبديتهم ،
لم تخلق لهم الأعين
التي تبصر ظلالا خلفها ،
لم تكن لهم كما للآخرين
القلوب الرحبة بعد انطفاء الأضواء ،
المياه
التي تستأنسُ بالغرقى!
♤
عبرَ حيوات وعرة
لأناس آخرين
أحاول أن أشق طريقاً حيث أتبعك
بلا هوادة ،
و ألمحك
تلوحين كآخر نفائس الأرض.
عبر أكثر من يد
أتلمسك ،
عبر مدن شاسعة كالمعابد
أحبك
مرة في الدموع المجهولة
و أخرى في الأجراس !