دَمٌ أخْضَر..
عِنْدَ بَابِ البَحْرِ
غَبَشٌ صَيْفِيٌّ عَلَى سَطْحِ المَاءِ ..
يُخَاتِلُ الصُّبْحَ ..
يُرِيدُ أَنْ يَحْبِسَ النَّهْرَ عَنِ الجَرَيَانِ
وَاللَّيْلُ حزَامٌ فِي العَرَاءِ
تَتَشَابَكُ فِيهِ الأَسْلَاكُ بِالأَسْلَاكِ ..
لَا شَمْس تَعُدُّ الخُطَى ..
وَيَبْخَلُ الضَّوْءُ بِالضَّوْءِ
وَتَنْهَضُ بِالصَّمْتِ الجُدْرَانُ
وَالمَسْرَحُ ضَبَابٌ ..
وَالحلْمُ مَسَاءَاتٌ عِنْدَ حَقْلِ الزَّيْتُونِ
وَعُيُونٌ مَالِحَةٌ تُطِلُّ مِنْ أَعْلَى الجرْفِ ..
كَالشَّكِّ تُرَاقِبُ
وتُحْصِي الرَّمْلَ عَلَى الشُّطآنِ ..
حُرُوفُ الأَرْضِ مُسْتَنْفِرَةٌ بِالطُّولِ وَالعَرْضِ
وَعَلَى خَطٍّ وَاحِدٍ تَتَوَازَى الأَسِرَّةُ ..
الزِّرُّ وَالعُرْوَةُ
خُطُوطُ القُمْصَانِ عَلَى حَبْلِ الغَسِيلِ ..
وَيَتَمَاهَى المَرْئِيُّ فِي المِرآةِ بِاللَّامَرْئِيِّ ..
خَلْفَ القُضْبَانِ ..
وَعَلَى البَابِ قِفْلٌ مَحْمُومٌ بِالمَجَازِ
وَمَوْتٌ شَفَّافٌ جِدًّا
يَقْطُرُ مَوْتًا نَشَاز ..
وَحُرَّاسٌ بَارِعُونَ فِي الضَّرْبِ وَالسَّبِّ
وَكَيْلِ اللَّعَنَاتِ ..
وَالظَّرْفُ سَبْعَةُ أَشْبَاحٍ يَقْدَحُهَا اللَّيْلُ
وَالعَشَايَا سُعَالٌ بَرْبَرِيٌّ
وَرِئَةٌ تَتَمَدَّدُ فِي الكُرْسِيِّ
تَصْطَافُ المَوْتَ بِالمَجَّانِ ..
وَيَفُورُ البِئْرُ دَمًا أَخْضَرَ
سِتَّ سَنَابِلَ
مِلْعَقَةً وَيَدَيْن..
حَرَكَةٌ خَفِيفَةٌ
زَفِيرٌ يُدَوْزِنُ فِي النَّفَقِ أَوْتَارَ الكَمَانِ
يَقِينًا يَزِنُ الطِّينَ ..
يَقْطِفُهُ بِبُطْءٍ حَبَّةً حَبَّة
يَجْتَنِيهِ كَالثِّمَارِعَنِ الأَغْصَانِ ..
وَمِثْلَ قَمَرٍ إِلَى سَمَاءٍ زَرْقَاءَ خَرَجُوا
يَقُولُ سَجَّانٌ: "لَمْ أَسْمَعْ شَيْئًا.. لَمْ أَرَ.."
وَيَهْمِسُ آخَر: "خَسِرْنَا الحِصْنَ وَرَبِحُوا الرِّهَانَ .."
كَانَ مَا كَان ..
يُحْكَى أَنَّ سِتَّةَ أَقْمَارٍ
مِنْ نَسْلِ الشَّمْسِ
صَعَدُوا إِلَى سُلَّمِ القَوْسِ
وَبِالبَنَفْسَجِ وَاليَاسَمِين وَأَزْهَارًا كَثِيرَة ..
أَعَادُوا إِلَى حَدِيقَةِ الطَّيْفِ فَرَحَ الأَلْوَانِ ..