بعيداً عن هُنا جداً
بعيداً أيضاً عن هناك
عن كل الأسماء التي لا تقترب بما يكفي
من المدن الضائعة
عن كل العناوين التي لا تتكبد عناء الوصول
إلينا أو لأي بيتٍ آخر
بعيداً عن جميع الأشياء
التي ترتدي وجوهاً متعددة الاحتمالات
نقفُ بلا حراك
كالأشجار التي لا تكتفي من قول لا
لا
للعناق الذي لم يحضَ بالأيدي المناسبة
للضوء الذي ينتظر دوره في طابور القيود
للبلاد التي تغني وتبكي في آنٍ واحد
وتتوقف فيها الحياة عند سن الأربعين
للفساتين المُلطخة بالأغاني والورود
وبعضُ انتظارٍ للجسد الذي سيترتديها
لمن يشترون الأوهام كما لو كانت أحلامهم
لمن لا يبتكرون مذاهبَ تدعو للحياة
قبل سن الأربعين وبعده
نكتبُ الشعرَ تقرباً إلىٰ الله
ولكل الذين أكلت منهم الوحدة قلباً
نرتدي السماءَ مثل معطفٍ
يمنعُ عنا برد الأرواح المُكررة
نمنحُ ساعةَ إضافية
ربما ساعتانِ أو أكثر
لساعات اليوم الأربعِ والعشرين
لتكونَ للمتأخرين فرصةٌ أخرىٰ
لا يخيب فيها ظن الأملِ بالأيام
أو يخيبُ علىٰ سبيل الصدق
لأن الوقت الإضافي لا معنىٰ له
ولا عودة تملأُ فراغَ اللحظة التي تذهب
لا شيء ينمو
خلف الأقدام المُترددة
خلف الأقدام التي تهرب
غير حقيبةِ أسئلةٍ باهتة
تستخدمُ أدواتَ الإستفهام للزينة فقط
هل سيخلو بئرُ الروحِ من الماء يوماً؟
من سيروي حكاية الهواء نيابةً عنه؟
أين يقع مأوىٰ الأحلام المؤجلة؟
متىٰ يتحول القلب لكومةِ أحجارٍ كريمة؟
لماذا لا تجيءُ الإجابةُ قبل السؤال؟
كيف نبني سوراً حولنا ولا نختنق؟
ما الذي يحدثُ للكلمةِ التي تُكتَب وتُمحىٰ؟
ربما لا شيءَ يحدث
ولا شيءَ خلفَ البابِ ينتظر
وربما لا بابَ هنا أصلاً
ولا هناك
ليس ثمةَ حاجةٌ للأبواب إن لم تُطرَق
أو لصوتِ العتباتِ الجديدة
سليل البدايات
ربما لا جدار يكسو وحشة الباب
فيرحل الباب
مثل جدارٍ لم يكن هنا
تهاوىٰ أو تناهىٰ
توقفَ عن الإنصاتِ لأحاديث المارّة
توارىٰ
خلف جميع الأشياء التي كانت تتوارىٰ خلفه
عكسَ الأدوار
فكرَ بالاستلقاءِ علىٰ الأرض
كأي رصيفٍ منسيٍ
أو خطوةٍ في الاتجاه الخاطئ
أو بابٍ لا يرغبُ بالوقوف بين جدارين .
#آية_ضياء