ايقونة الأبداع
في هذه الفقرة
هي المبدعة إبتهال بليبل
شاعرة وإعلامية.. كاتبة وباحثة نسوية، مهتمة في بحوث الجندر والجنسانيّة والجسد، وعضو في لجنة الشعر والسرد في مجلة الأديب العراقي الفصلية الصادرة عن الاتحاد الأدباء والكتاب في العراق.
(CV) السيرة
- الاسم: ابتهال بليبل
- التحصيل الدراسي: بكلوريوس كلية آداب / قسم صحافة واعلام/ اذاعة وتلفزيون
- عنوان السكن: بغداد/ العراق.
المهنة: مسؤولة الصفحات الثقافية بجريدة الصباح التابعة لشبكة الإعلام العراقي.
-عملت معدة ومقدمة برامج إذاعية في إذاعة بغداد، راديو العراقية وآخرها كان حتى عام 2011، مراسلة في اذاعة العراق الحر.
-مارست أيضا نشاطها كمدربة دولية ومحلية للصحفيين.
-مارست عملها كمسؤولة صفحات في العديد من الصحف المطبوعة المحلية والعربية ومراسلة لمجلة شباب (20) التابعة لمؤسسة الصدى الإماراتية، نشرت العديد من التحقيقات والتقارير والمقالات في الصحف والمجلات العراقية والعربية، وقد ترجم لها بعض التحقيقات الاستقصائية التي تعنى بحقوق الإنسان.
-مارست مهنة الصحافة منذ العام 2005، ولديها عمود اسبوعي بعنوان (سيلفي نسوي) بجريدة الصباح الرسمية تتمركز موضوعاته حول النسوية والجندر والمعايير الثقافية والفلسفية والفكرية.
-عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق (كانت من الأعضاء الإداريين في نادي الشعر وكذلك منتدى نازك الملائكة التابعيين للاتحاد في دورات سابقة).
شاركت في العديد من الدورات الاعلامية بداخل البلاد وخارجها.
- دورة تدريبية في الصحافة الاستقصائية 2007 في بغداد
- دورة تدريبية في الصحافة الاقتصادية 2008 في بغداد
- دورة تدريبية في كتابة التقارير الاخبارية 2012 في بغداد
- دورة تصوير الفيديو في معهد صحافة الحرب والسلام بغداد 2012
- دورة في العمل الإعلامي المرئي والنشرات الإخبارية التلفزيونية 2012 في بغداد
- دورة في الصحافة 2013 في بيروت / جريدة النهار
- دورة في التصوير " فيديو " لعمل الافلام والتقارير التلفزيونية والتقارير التي تنشر على المواقع الالكترونية واليوتوب في اسطنبول 2014.
- دورة في الصحافة التخصصية " التحقيقات الاستقصائية والتقارير " 2014 بيروت
- اجتياز دورة في تدريب الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني على استخدام تقنيات الاتصال والتكنولوجيا الحديثة واستعدادات المراسل الحربي والعمل في الصحافة الاستقصائية والحفاظ على امن وسلامة الصحفي والناشط المدني الاولى كانت في اربيل 2014 ، والثانية في بيروت 2014 للحصول على شهادة تدريب من شبكة الصحفيين الدوليين في واشطن والوكالة السويدية .
- اجتياز دورة في تدريب الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني عن السلامة المهنية في اربيل 2015 من ( IMS) ، واجتياز دورة أربيل في الصحافة الالكترونية والتواصل الاجتماعي والتصوير الفيدير.
- دربت أكثر من 140 صحفي وناشط مدني على الصحافة التكنولوجية والتصوير وعمل الافلام ورفعها على وسائل الاتصال وبالتعاون مع منظمات غير حكومية تعنى بحقوق الصحفيين والمرأة في العراق.
حصدت بعض الجوائز والشهادات التقديرية منها
- المرأة الصحافية المتميزة لعام 2008.
- المرأة الصحافية المتميزة لعام 2009.
- أفضل كاتبة تحقيقات لعام 2010.
- الجائزة الأولى لأفضل تحقيق صحفي عام 2010 .
- المرأة المتميزة لعام 2011 من وزارة الثقافة العراقية.
- الاعلامية المتميزة في العام 2014 في بغداد .
- الجائزة الاولى لأفضل تحقيق استقصائي على مستوى العراق من كلية الاعلام – جامعة بغداد -2015
-المرأة المتميزة عام 2018.
شاركت في عدد من المهرجانات الثقافية والإعلامية المحلية والدولية
- منها مهرجان القاهرة الإعلامي في العام 2010 عن سيناريو فلم وثائقي درامي إذاعي شارك فيه كل من الفنانة الدكتورة إقبال نعيم والفنانة أسيا كمال وزهرة الربيعي وزهرة بدن ويحمل عنوان (عيون ترقب الموت).
الاصدارات
1) مجموعة شعرية "دمية عالقة في اسلاك شائكة"/ 2013.
2) طبعتان لكتاب نصوص شعرية "جسدها في الحمام"/ 2018، 2019.
3) كتاب "نكروفيلييا بشريط ملّون"/ 2019 .
4)مجموعة شعرية "اغنية رأسي"/ 2020 / دار الشؤون الثقافية.
5) مجموعة شعرية "مائلات من ثقل دمعة" 2020 / الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق.
6)مجموعة شعرية "نزيلات هاديس"/ 2020 / منشورات أحمد المالكي.
7)كتاب "سيلفي نسوي" دراسات ومقالات نسوية/ 2021/ دار الكتاب السومري.
نص شعري
حمّام النزيلات
ابتهال بليبل
مرةً كنتُ غريقة..
غَطستُ مُثقلة نحو قاع يفور بالمياه
المغليّة والحمم الصاهرة.
مصطبات من أحجار مصقولة بإزميل عامل
بناء كئيب كان أيضا يصقل الوقت المتعرّج بالملل
لا أرى غير نساء يخطرن مثل كوابيس
التلصّص على وحدتهن المسوّرة بالفجيعة.
هي المهمة الأكثر
صعوبة مع بخار يتكوّف على وجهي
فأبصره طفحا
أحمر.. يسيل على خدي.. دمعا برّاقا
بثياب تحتلّك.. وفكرة تغور في تلافيف
وجعك.. تضيق الحياة.
الدخول لهذا العالم،
أقصد الغطس الثقيل، الغرق
الأزرق، الخوض في لججه هو الانكسار في زاوية
منسية من زوايا الأجوبة التي تنثّ من سين الأسئلة.
الدخول لهذا العالم.. هو أن تسبح بقلبك
بعيداً عن جسدك.. أن تجدّف بذراعيك في وهم
موجة مُنقذة
لم يكن هناك غير نظرتك الكسيرة إلى نفسك...
ولم يكن مجديا أن تلتفت إلى الوراء.. فلا ظل.. خلفك.
لا "كاميرات" في هذا العالم.. ولكن المياه كانت
مليئة بصور العالقات في رأسي.
العالقات.. يخطرن الآن داخلات إلى حمامات
السجون المتبرعمة بملايين النوافذِ المطفأة، الباحثات
خلف حيطانها المتهرئة عن طاسات لامعة لا تعكس
النظرات الجائعة والمصوبة إلى صدورهن
المفتوحة نحو سماء غرفٍ تتقشّر عن جصّ وصدأ.
العالقات.. مرهقات من غسل همومهن،
من غسل بقايا نعاس وأحلام وخدر.
أتلصّصُ وبالكاد، تنفتحُ عيوني من لزوجة الأجفان
لترى رؤوسهن (تتلفت بشكلٍ دائري)
فيما نظراتهن القلقة ترقب الحارس المتكئ
على طاولة كئيبة مثلما تفعل الاثقال بنفسي.
لا بدّ أن الأثقال تسبح الآن.. تمخر عباب الغثيان
تسبح ُ في نفسي بسرعة وبشدّة
كدّوامة، من دائرة إلى دائرة
وعلى بُعد سنوات.. أرقد أنا، مختنقة وصامتة
في التيه، بعيداً مع الأمواج.. مع الزيد
المترسّب على خد الساحل.
لقد تهتُ ثانية وسط الهزائم.. أتلمسُ آلامها التي
لا تسمع خطواتي المتعثّرة (ببطء) من اللواتي ولدن بشراً
تتعثّر (ببطء) من تأمل الذي يضغط بسبّابته على حلمة
ثدي امرأة مائلة إلى زرقة باهتة، بينما العصا المدببة
تجدّف في تغضّناتِ فرجها جيئةً
وذهاباً إلى اللا مكان.. إلى اللا شيء
حيث البرودة اللحوحة التي هي جحيمها
وصقيعها الأزلي.
الحارس المتكاسل يدخّنُ وجهي
المعلّق في الهواء، وينفثني دُخنا يتصاعد غيمة
تحت بريق مصباح مكسور
الحارس المتغافل عن ظلّه.. يُدرك أن سيجارته لن
تحتاج إلى كل هذا العناء.
ومن المؤكد أنّه يقضي يومه جالساً.. يتسمّعُ صرير كرسيه
الدوّار، ويقتنصُ ظلالاً تفيضُ برغبة السيقان للهرب من حمّام
يشبه حفرة موحلة.. حفرة لا حواف لها.. ولا جذر شجرة يابسة.
عيناه الحمراوان من النسيان المضيء
دوماً على قلبي تبحثان في هيجان عن نبضاتي
المريبة في جسد ما.. الجسد الذي أوصَى ذات يوم بأن يُدفن
فجأةً في رأسي الغارق بالوحدة.
أجسادهن من خلف زجاج النافذة المضبّب بزفيرهنّ
ليست سوى بللّ ونصف خطوة.. ونصف أغنية
لكن في الممرات التي يتجول فيها الصدى
والصراخ والعويل
هناك كائنات تهتزّ.. وترتجّ برفيف نابض
لتفتح أفواه الرجال عند الاستمناء
في مؤخراتهن الدافئة
أفواه تفغر على رعشةِ أعضائي التي لا تجسدها
ثيابي.. كالرعاة القساة كانوا، يضغطون على أعناقهن
المسرجة في عتمة مضمار العدم الطويل.
لا صراخ هنا، لا شيء غير الصمت
الذي يضيء الألم.
هناك حيث ثيابهن الداخلية المتعفّنة
بعرقهنّ وقطرات البول والدم والحياء
ثيابهن التي تغطسُ بهدوء في أحوض ممتلئة بمناديل ورقية
مفتّتة كجوزة القطن بيد فلاح فتي.. وفقاعات
صابون رخيص.. تنتفخ وتنفجر مثل حياة.
بعضهم، كل في خدوشه الزاهرة، يتحركون
بصلابة التلاشي.. كنتُ على وشك أن أتوضأ في مياهه
المتدفقة من صنابير أكلها الصدأ ويمتص سكون
كثيف صوت خريرها.. أوشكت أن أصلي
لولا أنني اصطدمتُ بسجينة مربكة..
مفصولة عن جسدها.. معزولة عن حيّز
التوأمة حيث يرُتَهن الهواء الثقيل بالنسيان
المنسرح مثل جدائل عتيقة..
ركضت.. ثمّ التفتت فجأة.. وجهها
المنسوخ من وجوه.. ركضت لأعوام طويلة خلفي
وهي تردّد: أمضي.. أمضي من دون صلاة.
السجينة المفصولة عن جسدها.. المربكة.. تركها
الحارس تخلع وترتدي ثيابها مرات ومرات
ثيابها التي يعشِّشُ فيها العرق
والخوف والدمع وبقايا عطر لاذع جثم
ظلها على فراغ الحمّام كخيمة سوداء.. مزّقها فمه المرتخي
الأدرد.. ببقايا أسنان مهدمة.. تنتأ كذيل عقربة
فحاولت ألا تخيّب ظنه
واجهت أصابعه السمينة الذاهبة إلى باطن فخذها
بمعس سرواله الناضج بأحشائه الهاطلة
كتمثال يرعب من يراه.
هي تغني..
بلا شفتين.. بلا لسان.. ولا غرابة
فالمرأة لا تغني بلا شفتين إلاّ عندما ترقب موتها
تغني برئة ساخنة
والكلمات التي بلا حروف.. تزحف مثل دودة
شرهة لتأكل تفاح قلبها.
أدري كيف يمكن أن تأكل الكلمات قلبك
أن تسقط على خوفك المخبوء بعرَق جسدك
حتى تبدو أغنيتك صرخة
لا تُسمع.
لكن ماذا يفعل الفم الملتصق بوجهي؟
فم بلا صوت يفرّ منه
إنه حتى لا يصلُح للتقبيل.
المرأة التي دهنت جسدها بمراهم تؤنس
وحشة البشرة الموحشة.. مَرّت وهي تدخن
سيجارتها الرخيصة مرّت.. بانكسار مطربة
شعبية هجرها صوتها.. وتهرأت
صورها في متحف مهجور.
المرأة التي نسيت فستانها محشوراً بصدأ خزانة مهملة
لم تكن تشعر بالبلل الذي يبادل أقدامنا عزلتها، كلوحة
مفقودة تركل تشوهاتها مع الرطوبة.
المرأة التي تضطجع بتراخ تطفو مع الماء
وتهبط تحت ثقل أصابع مدربّة تحك
ظهرها.. بطنها.. أفخاذها
المفتوحة كأبواب البيوت المهملة
أمام أعيننا كانت عظاما تلوذ بجلد تشقّق..
هذه السجينة أصابعها
تتجمّع كالأطفالِ حول بيت مهجور.
ما فتئت السنوات تتمايل
مع رهْزِ يد لسجينة قبل أن أراها، وما كنّت لأصدق
لولا أنّها سلخت طيات جلدها
بغَصّة فاجرة.
ثمّة نحافة على الدوام في أجساد اليائسات
ولاسيّما أنّ أخمس البندقية على الأرضية
خلف بابها.. في فمها.. على رأسها
نائم فوق جسدها في روحها.. في حلمها.
هروباً من نظراتهن الشبقة
في الحمام الضبابيّ، حيث الأخطاء
المتوارَثة تلتصق بالدمع المالح
الحاسر في العيون، حيث كلّ ندبة
ترتدي ثوباً قد يكون كفناً عديم اللون، لا يسعك أن
تطالعَ أصابعهن.. وكأنك بأسماك (قوبيونية) من دون أن ترى
البصقات المشدوفة.. بقايا من قلوب دامية
أو (أورجازم) يجمّدُ الهياج كالرصاصٍ في أجساد
اللواتي يداعبن بظرهن على ألواح خشبيّة
لأسرة تتعفّن بصمت.
صيّادو (القوبيونية)
لا يقتربون من أجسادهن
المرتجفة، يلتصقون ببرودة الحيطان
لسماع صراخهن المبتل بلزوجة الهمهمات
ويفكّكون شِباك التشنجات
من دون إبر.
الشهوة تدبّ كنهر ساخن.. في أنامل عطشى
الشهوة يرسم زيتها.. أصابع وزغب وقطرة حليب.
الأصابع القوبيونية
عالقة بحفر صحراء نهمة
(ترفع الأشواك وتخفضها على عتمة وجوههن)
لكنّ وجوههنّ تذكّرني
كثيراً ببيوت لا أتذكر منها إلاّ خوفي
المخبوء: بيوتا أم أجسادا؟
والسلطعونات تفرّ من كل ركن..
حيث كلّ منهم يفرغ رأسي.. ينتصب فوق
بطني أطرافاً شرهة
تئن في جوفي
وتلعَجُ على اليباس قلبي.
لطالما انفرد قلبي بمساحة من الفجيعة، وتقشّر
كتميمة عاطلة مخدوشة
الرائحة، على خلفيّة من يستحق الاحتضان.
هكذا.. تزيح المرأة –نفسها- المحترقة في سنوات
لا تُحصى، كمن تُضنيها
صدفة.. كمن بأبواب خائنة مقابضها.
ويطول بك الوقوف عند عتبة بيت، وأحسب
أنّك تبتكر الأشياء للسقوط
بعيداً عن رصيف الجثث.. كأن تتفحّص
قلبي في العتمة، أو تجرّب أنّ تقيس
المسافات بين المرأة -نفسها- والمحترقة، أو أنّ تدرّب
أصابعك على اقتلاعي، أو اقتلاع قلبي.
وفي محاولة لاحتضانك
أكتشفُ أنّ أصابعك كانت أكثر
خشونة من أصابع القتلة.