recent
أخبار ساخنة

ميكانزيمات الانزياح في مجموعة «سيرة ليست لهولاكو»

ميكانزيمات الانزياح في مجموعة «سيرة ليست لهولاكو»

شاكر مجيد سيفو

تمثل لوحة الغلاف بانوراما الشخصي المنكسر في تجلياته الحسية وانكفاءة الجسد غارقا في الصمت والمجهول ، وقد اجتهد الشاعر الرسام في اختياره هذه اللوحة كعتبة اولى للديوان ، اما العتبة الثانية فقد تمثلت في موجهها النصي احد مجسات الروح الشعري كمرسلة نصية من عمق الذات الشاعرة والانا الساردة ...
لن ادخل الى مفصل القراءة النقدية للكاتبة فضيلة ذياب كي لا اتجاور في مفاصل ورقتي مع تمفصلاتها القراءتية ، ارى عنونة النص الاول ( وطن في بطن كنغر ) ص 15 مركبا لسانيا ترشح عنه نبرة الانزياح في طبقة من طبقات المعاني بدلالة العمق المتمثلة ( في بطن ) شبه الجملة جار ومجرور.
مرجعيات زمانية ومكانية
ويستثمر الشاعر الافعال المضارعة في صيغ من السخرية والسير ذاتي ( واقفز بملابسي فقط ...) ، ( لكنني ساتفاجأ...واندهش / واكاد اموت من شدة الضحك والبكاء معا / عندما اجد ملايين العراقيين متزاحمين / قد سبقوني الى بطن الكنغر ) عبر سلسلة هذه الافعال التي تتحرك بها الذات الشاعرة مع الانا الساردة يتمشهد السيرذاتي بعمارته النصية محتشدا بالجمل الشعرية الضاجة بالدوال الانتشارية. 
ان المشهد الشعري في نصوص الشاعر يمتاح ثراءها الشعري من الثقافة الكونية ومرموزاتها بدلالات احالتها الى مرجعيات الزمكان ( مثال ماورد في عنونة نصيه ( وطن في بطن كنغر ) اذ يتسلل المعنى كطبقة اولى من ثيمة الاستهلال ( لو كان العراق مجاورا لاستراليا ) وفي نصه الاخر ( شنغ لو شانغ ) يقارب الشاعر بنية الاستهلال ( لو كنت فيتناميا ) مع العنونة ( شنغ لو شانغ ) يعمد الشاعر في نصه الى تأسيس مركبات المعنى منذ الطبقة الاولى في صيغة التمني ( لو كنت فيتناميا ) الى ان يجترح صورة اعترافية ساخرة ( لتخلصت من كوني حفيدا لطارق بن زياد ) ..
ان الشاعر احمد جارالله ياسين يتعمد بذكاء شعري حسي حاد على اختيار عنوانات نصوصه كلها رائيا ساخرا في لغته التي تبدو للقارئ العادي سهلة ، هي لغة في اللغة حسب ( فاليري ) ومن العنوانات الثرة في جوهرها الشعري نصه ( تم....ساح ) في التشكيل السيميائي لهذه العنونة ثراء شعري في تشكل بنيتها من لفظتين بفواصل تنقيط ( حتى النقاط الاربع ) رأيت فيها دلالة الجهات الاربع .

عتبة النص
ويمثل الفراغ بين اللفظتين تمظهر البياض وبالتالي يتحقق جسد العنونة ومعناها في التئام الملفوظتين اللتين هما ( تمساح ) وتسلل العنونة الى عتبة النص في الجملة الاولى منه ( مثل تمساح هزيل ) .ان ثراء التشكيل السيميائي للعنونة ( تم....ساح ) يحيلنا الى مفهومات مالارميه للفراغ والبياض ، فالفراغات والبياضات والنقاط ) جسد نصي تام مغلق لكن الشاعر هنا استطاع ان يشطر معادلة المعنى الى معنيين ( تم ) احالة الى الكمال و ( ساح) دلالة التيه. 
وابتدع الشاعر بنية الانزياح الاخرى في جماليتها المشعرنة ( يتوقف كل شيء عن الحركة .../ ملاعق الشاي في جوف المقاهي / خفق اجنحة السنونو / قطع الدومينو / تثاؤب حبال الغسيل ) وهذه هي قمة الابداع الشعري في نصه هذا ، اذ تتثاءب فعلا حبال الغسيل حين تعلق النسوة مشداتهن الدامعات ويصعد البخار من حبال الغسيل في صورة بصرية تشكيلية ثرة في تصويرها للشاعر برؤيته الجمالية الرسوماتية لكونه فنانا محترفا فن التشكيل. ، وتتحقق ثيمة الانزياح 
بقوة في ارسالية الملفوظة الاخرى للنص (الخطأ الآخ) فالخطأ دال سالب يفضي الى التأوه ( الآخ ) وتعزيزه في خاتمة النص ( اني / لم / اعد / حرا كذرة الغبار التي تسقط خلف النافذة) تجلت مديات المعنى الكلي من المركب اللفظي ( الخطا الآخ ) في فقدان الانا الساردة لحريتها متمثلة في الدال المفضي الى الزوال (كذرة الغبار ) وبهذا استطاع الشاعر بذكاء شعري اخاذ ان يقارب بين مؤولات العنونة ( الخطا الآخ ) كدال سالب و ( لم اعد حرا ) طبقة اولى مقرونة بالطبقة الثانية ( كذرة الغبار ) دال سالب وكلي تمشهدت هذه الصورة الكليانية النصية في تسريد الحادثة الشعرية ابتداء من الاستهلال 
النصي حتى خاتمته دون اي تقطيع او فواصل .
google-playkhamsatmostaqltradent