قُربان الصَّمت
أرخَى الدُّجى سدالهُ
وتَعالى عواءُ الذَّاكرة،
فافترشتُ السَّماء لحافًا
ألفُّ به جسدَ القَدر الّذي يرتعدُ من
قساوةِ الزَّمن.
هُناك
أين يسكُن مُقلتيْ اللَّيل
عصيانُ النَّوم،
وتتسلَّل من بين النُّجوم
كلماتٌ متقاطعَة،
أسعى أن أربطَ حروفها
وأشدَّ على نقاطها،
لأشكّل منها رسالةً لكَ،
أوّلها تحيَّة عتاب
وآخرها نداءُ شوقٍ على شفا الاحتضار.
أقولُ لكَ فيها حُزني،
ولغةُ الحنين تقضمُ كلّ علامةَ استفهام،
كيف لكَ أن تمضي؟
متناسيًا أغاني أمّ كلثوم،
مخلِّفًا لخراب لم يُرمّم بعد،
متخليّا عن حبّ أسطوري...
قُل لي بربِّّك، كيف سوّلت لكَ نفسَك؟
لم أمُت حينها،
لأنّني علمتُ أن الإله هرقل
لن يجرؤ على تصدّي الموت،
من أجل طفلةٍ مُكتملة الأنوثَة
ويتيمَة العقل.
ما بي غير شرخِ الفُراق،
الذي لا يُرتَّق إلاّ بإبرةٍ مستعارَة،
وأنا المرميَّةُ خارج إطارِ صُورتك،
ليسَ لي أصدقاء!
تقفُ السّاعات مذهُولةَ الدَّقائق
بعد دورَان عجلَة قطار الرّحيل،
وهي تدعسُ قلبَ الصّمت
دون أن يُطلق صرخةً واحدة!
فجمعتُ أشلاءهُ المتناثرَة،
وابتلعتُها بلهفةٍ شرسَة.
فتلكَ الصَّباحاتُ التي لا تحمل ذكراكَ
قد أخبرتني،
بأنّ جُرح الحبِّ علاجُه
تناوُل الصَّمت،
لأربعة وعشرون مرّّةًً باليوم!
فاطمة بن عيسى من الجزائر