recent
أخبار ساخنة

الموت الحافي _ فاطمة بن عيسى

 الموت الحافي


وجهًا لوجه، 

يقابلُني قمرُ نيسان،

وبنصف استدارَة 

 يمتصُّ دمعتي،

غير مُهتم بظلّي الذي يكبُر،

كلّما لامستهُ أصابعُ الموسيقى.

 

أراهُ يتوهّج بشدّة،

ثمّ يقتربُ حيث سريري الصّغير، بسُرعةٍ أختبئ بين طيّات الفراش، 

لأبتلعَ الحُزن الذي يتدلّى من فمي.

إنّها حقا لمُعجزة!

أن يزورَ القمرُ غرفةَ قلبي،

ويُداعبَ خصَلات الرّوح الغافيَة

على نعشِ الذّكريات...


وأنا على كفّ يده الهشّة

أجفُّ، أحترقُ، ثمّ أتلاشى، 

مثل الفتاة التي ماتَت مائة مرّة

لأُخلَق من جديد، 

في صباحٍ كئيب 

نسماتُه محمّلة بدُموع اليُتم.

كم أُحبّ التبرّج أمامَ مرآة الظّهيرة،

التي تعكسُ لي بهجةَ البُحيرة برقصة البَجع وشهقَة أزهارِ الغاب،

فأنسى العالَم كلّه بصراعاته واحتباسه الحراري.

 

وحين يأتي المساء،

أمسحُ جبينَ الشّمس المُتعبة من عناءِ اليوم،

لتتفضَّل عليّ بابتسامةٍ صفراءَ، 

سقطَت منها زهرة عبّاد قد علقَت سهوًا بين أسنانها،

ألمسُ عبيرها الممزُوج بحلاوة الفَراشات وزرقة السّماء.

وعلى أرض اللَّيل الجرداء،

تنمو أشواكُ الخطيئة،

تُدمي خطواتي وتعلقُ بآثاري،

فألتقطُها وأخيطُ بها ثوبَ القداسة المُهترئ.


آه أيّها القمرُ الذّابل! 

توشَّح البياضَ

وابعث لي نجمةً فُسيفسائية،

تشهدُ على ولادتي هذه المرّة

من رحم المَوت، 

الموت الذي سأتبرّع لهُ بنبضات قلبي السّرمدية،

علَّه يغفرُ و يسامح،

كلّ هؤلاء الموتى العالقين داخلَ إطارات الصّور،

تحملُها مساميرُ عوجاء صدئة

على جُدران الذّكرى، 

عاريةٌ هي أرواحُهم، 

إلاّ من لُغة


الصّمت،

وابتسامَة الوداع الباردة.


فاطمة بن عيسى

google-playkhamsatmostaqltradent