recent
أخبار ساخنة

التأويل والتشكيل النصّيفي قصيدة كان الوعد ليلاًللشاعر المغربي محمد العصامي.................كتابة : علاء حمد

التأويل والتشكيل النصّي
في قصيدة كان الوعد ليلاً
للشاعر المغربي محمد العصامي
.................
كتابة : علاء حمد
........

تعتبر البنية اللغوية الأرضية المشتركة في التشكيل النصّي، وهي حاملة المعنى والتأويل، وفي النصّ والنصّ المباغت، نلاحظ أن التشكيل اللغوي فلسفة قائمة بمنطقها الصارم والتي تؤدي إلى الأبعاد الشعرية وثقلها التصويري والجمالي؛ حيث إنّ فلسفة الجمال كالإدراك العاطفي للحقيقة، كالفنّ الذي ينقلنا من يقظة إلى يقظة أخرى، ومن عالم إلى عالم خيالي لانتوقع منه سوى الدهشة والرغبة بالديمومة والاعتناء بالمسافات المرتعشة التي تعتشش بها الأصوات، ارتفاعا وهبوطا.
لو استدرنا قليلا نحو التأويل والنصّ، ونحو الاستدراك والتأويل، فسوف نلاحظ أن الغريزة الشعرية لاتتجنب هذه العناصر، وخصوصا نحن نعيش زمن تحقيق الغاية في النصّ الشعري الحديث، ومن خلاله تُبنى تجارب الشاعر الحياتية والفنية؛ إذن العالم النصّي، عالم مملوء بالمفاجآت والغرائب والعجائب، بداية من هرم النصّ ( العنونة ) والتي تقودنا إلى الجسد النصّي، أو تبقى مستقلة كلّ الاستقلال، كنّص مجاور للنصّ الرئيسي، ولكن في نفس الوقت تلتلقي النصوص المجاورة بنقاط مشتركة، وأهم تلك النقاط، ماهية الباث واللذة الشعرية اللتان تفوقان كلّ الاعتبارات من حولنا. 
الشاعر المغربي محمد العصامي، الذي يكتب خارج الضجيج، يكتب بهدوء تام ولا ينتظر الآخرين، فهو ذلك الطائر المحلق حول بحيرته الشعرية، ومن هنا يبني أعشاشه النصية لكي يميل ويميل إلى تشكيلاته في لوحاته الشعرية النفيسة والتي تخرج بين الحين والحين، وتبقى لذتها كلافتة رفعها الشاعر لرفض الواقع من حوله، وقد أدرج في نصوصه المواقف النفسية، وما يدور في الشارع المغربي.
ضدّ تيار
على غيمة أحلام شاردة ناديتك
كان للزمان دهشته
وكتاب مفتوح وارف
يتخطى كلّ الهندسات
يعزف على أوتار أندلسية مائلة
تعبق بهدايا الاغتراب
كنت أرمق قضيتي على الرفّ
وأنا أرقص
وطني جماجم محنّطة
تسترخي على كراسي الغباء
طوبى لهذا الليل الذي يسكنني معك

من قصيدة: كان الوعد ليلا – الشاعر المغربي محمد العصامي
بالرغم من أن المفردة تمثل بنية مستقلة كمعنى خارج النصّ، لكن ارتباطها داخل النصّ من خلال تركيبها تختلف بين المعنى العام والمعنى الخاص، ودلالتها تؤدي إلى دلالة النصّ كجزء من الكلّ، وهي تابعة لجملة شعرية؛ أي لقول مرسوم من قبل الباث الذي يكون صاحب القول عادة، والقول والقول الشعري يعتمد حركة المتخيل الواسعة والذي يفرش ظنونه من خلال مساحة الخيال النصية..
ضدّ تيار + على غيمة أحلام شاردة ناديتك + كان للزمان دهشته + وكتاب مفتوح وارف + يتخطى كلّ الهندسات + يعزف على أوتار أندلسية مائلة + تعبق بهدايا الاغتراب + كنت أرمق قضيتي على الرفّ + وأنا أرقص + وطني جماجم محنّطة + تسترخي على كراسي الغباء + طوبى لهذا الليل الذي يسكنني معك
ننطلق من خلال التأويل النصّي بالفهم مقابل التفكيك، وهو الحالة النصية التي انطلق منها الشاعر المغربي محمد العصامي، ونحن ندخل معه بشرنقة واحدة نحقق عبر تواجده تحقيق عملية الفهم وشروطه في تفكيك النصّ؛ ومن أهمها البحث عن ماهية الإدراك، كحالة نفسية وزمن كتابة النصّ الشعري، حيث أن الشاعر يلوذ بأحلام شاردة، وهي الغاية من توظيف لغة الأحلام؛ وقد اعتمد على الانتقالات بين جملة وأخرى بواسطة الأفعال الحركية التي أعطت الإطار الحركي للغة الشعرية من إيجاد الوسيلة المتجانسة بين الباث والمتلقي: على غيمة أحلام شاردة ناديتك = ضدّ التيار، عندما نبدل الشطور بين التقديم والتأخير، نلاحظ أن المطلع الأول ( ضدّ التيار ) له علاقة حركية مع الجملة الثانية، وهي الحركة الامتدادية بواسطة فعل الاندماج، وهكذا نقيس المعاني أيضا؛ حيث يكون للمعنى الأول خاصية المعنى الثاني بواسطة الانزياح الذي برقع المشهد الشعري.
أنتظر شهامة العذارى
على جنائز عرائس من قصب
بلقيس الرسولة رفيقة درب
تدلني على قبور تحت الماء
وسبايا قتلتها أبراج الرؤى
حين أقرأ اسمك يفتك بي الوهم
يا سيدة الكون ... !
المدارات تواكب شموع الركام
وأنا أغزل طويلاً ما تبقى لي
أسرح قراءة تاريخ معصب
أغمض عينيه على عشق الفصول
يتكاثف المداد ليكتب لك وسامة
تنال منه ريشة أمل قد يجيء
على صهوة جواد أحذب

من قصيدة: كان الوعد ليلا – الشاعر المغربي محمد العصامي
نميل إلى الذات والموضوع، فالموضوع الذي يرفرف في الخارج، يستقطبه الشاعر ليصهره في الداخل النصّي، وهو نفسه من خلال تحولات المعاني المتراكمة حول الذات الحقيقية التي يظهرها الشاعر في منظوره الشاعري، حيث يشكل الثقل الشعري الأهمية من تحولات الموضوع إلى موضوع شعري، أو إلى قول شعري يأخذ بالانتشار في الجمل الشعرية الامتدادية.
أنتظر شهامة العذارى + على جنائز عرائس من قصب + بلقيس الرسولة رفيقة درب + تدلني على قبور تحت الماء + وسبايا قتلتها أبراج الرؤى + حين أقرأ اسمك يفتك بي الوهم + يا سيدة الكون ... !+ المدارات تواكب شموع الركام + وأنا أغزل طويلاً ما تبقى لي + أسرح قراءة تاريخ معصب + أغمض عينيه على عشق الفصول + يتكاثف المداد ليكتب لك وسامة + تنال منه ريشة أمل قد يجيء + على صهوة جواد أحذب
إنّ إثارة المنظور الدلالي للكلمات من خلال عملية تركيب الجمل الشعرية، تجعل الشاعر يثير الأنماط السياقية المختلفة التي تؤدي إلى اختلاف المعاني، ومن خلال هذه الخاصية الدلالية نلاحظ هناك الدلالة المعجمية والدلالة البنيوية، والتي تثير الأخيرة العلاقات الداخلية الجديدة التي يتحلى بها النصّ الشعري المكتوب.
نلاحظ أن الشاعر محمد العصامي قد أثار الأفعال في الجمل الشعرية، وهي تلك الأفعال المنسوبة للحركة والانتقال، فالفعل : أنتظر، يعتبر من الأفعال التموضعية، وهو يمثل خصوصية الأنا، فالانتظار في مكان ما، قد وضع الشاعر في هذه الحالة المكان على المكان، وهي حالة الانتظار التي لم تتحرك إلا من خلال علاقات الجمل بين بعضها؛ وكذلك لو ذهبنا إلى الفعل يدلّ ( تدلني... على قبور تحت الماء ) أيضا نلاحظ أن هذا الفعل له مشيئة الانتظار، فهو ينتظر من تدله على تلك القبور تحت الماء، وماذا بعد أن تدله، يعني أن هناك حركة دلالية قد ترجمت مفولها من خلال الفعل الحركي بعد أن تدله تلك المرأة على القبور المنتظرة. الشاعر المغربي محمد العصامي، استطاع أن يوظف الأشياء في الأماكن الصحيحة والتي من خلالها انطلق في توظيف مساحته الخيالية لكي يو جد نصا مختلفا.
تخونه الخطى وهو يصهل موعدنا
سماء هذا الليل حالكة
مسافاتها طويلة غالبها الظمأ
رفاقي ساقهم الريع
انبطحوا يتبدلون على جنوبهم
وعلى مؤخراتهم هل من مزيد
كل المبادئ لغو
وفرح ينهمر افتقاداً للغياب
يا سيّـدة الكون ... !!
اسمعيني ...
ما لهذا البياض يفقد سطوعه
تغنيه تنهدات الأيائل والطرائد
متهمة هي خواصر الوقت بفعلتها
تعتلي قصائد الخطايا والرزايا
وتعتقل عيني العاشقة سهداً
وهي تغنّي للأشباح
وتتراقص في فراغاتي وقفاري

من قصيدة: كان الوعد ليلاً – الشاعر المغربي محمد العصامي
الدال والمدلول في الجمل المركبة التي اعتمدها الشاعر، نلاحظ هناك المنظور الاستبدالي الذي يعوم بين المتغيرات اللغوية، حيث أنه أعطى نتائج تقنية من خلال العلاقات وسمات الذات الحقيقية المعتمدة في شبكة اللغة الشعرية، فاعتمد الشاعر على المنبهات المثيرة، والتي نطقت ضمن المعاني والتأويلات في الجمل الشعرية المركبة؛ لذلك فالأنساق الصوتية والكتابية أدت إلى علامات كتابية وتصورات من المفاهيم، وهي الطاقة الخفية للشاعر العصامي.
تخونه الخطى وهو يصهل موعدنا + سماء هذا الليل حالكة + مسافاتها طويلة غالبها الظمأ + رفاقي ساقهم الريع + انبطحوا يتبدلون على جنوبهم + وعلى مؤخراتهم هل من مزيد + كل المبادئ لغو + وفرح ينهمر افتقاداً للغياب + يا سيّـدة الكون ... !!+ اسمعيني ...+ ما لهذا البياض يفقد سطوعه + تغنيه تنهدات الأيائل والطرائد + متهمة هي خواصر الوقت بفعلتها + تعتلي قصائد الخطايا والرزايا +وتعتقل عيني العاشقة سهداً + وهي تغنّي للأشباح + وتتراقص في فراغاتي وقفاري
إنّ القول والقول الشعري بمثابة الرغبة المتواصلة في التأسيس النصّي، لذلك كلّ جملة أصبحت جملة قولية، وكذلك ترتمي في حضن المنظور الشعري الآني، فالحقيقة التي نبحث عنها ماقاله الشاعر الآن، وهي المبينات من الأفعال وزمنيتها، التي تساعدنا على القياسات الزمنية، وكذلك الأبعاد الزمنية. وبما أن الشاعر المغربي محمد العصامي، اتخذ مخاطبة الغائب، فالغائب يشكل البعد النصّي الآني، وذلك بسبب غيابه وحضور النصّ، حيث يدعونا الشاعر بالبحث إلى مخاطبة الغائب لحضوره، وقد نادى من خلال جملة " يا سيّـدة الكون ... !!" إذن فقد حدد العنصر الغائب هنا بالمرأة، وهو القياس الذي استطعنا من خلاله تحديد جنس الغائب. 
الشاعر العصامي، يقودنا إلى الأسئلة، ويقودنا إلى حضور الطبيعة، ويقودنا إلى الخطايا وإلى الفراغات، وفي كلّ مرة يوجد معاني، وتقونا المعاني إلى المعاني ومن ثمّ إلى اللامعنى، فالحالة التي اعتمدها الشاعر لاتقبل التقسيم، فهي من حالات فعل الديمومة بالتواصل النصّي.

...................

كان الوعد ليلاً
محمد العصامي - المغرب
..............
ضدّ تيار
على غيمة أحلام شاردة ناديتك
كان للزمان دهشته
وكتاب مفتوح وارف
يتخطى كلّ الهندسات
يعزف على أوتار أندلسية مائلة
تعبق بهدايا الاغتراب
كنت أرمق قضيتي على الرفّ
وأنا أرقص
وطني جماجم محنّطة
تسترخي على كراسي الغباء
طوبى لهذا الليل الذي يسكنني معك
أنتظر شهامة العذارى
على جنائز عرائس من قصب
بلقيس الرسولة رفيقة درب
تدلني على قبور تحت الماء
وسبايا قتلتها أبراج الرؤى
حين أقرأ اسمك يفتك بي الوهم
يا سيدة الكون ... !
المدارات تواكب شموع الركام
وأنا أغزل طويلاً ما تبقى لي
أسرح قراءة تاريخ معصب
أغمض عينيه على عشق الفصول
يتكاثف المداد ليكتب لك وسامة
تنال منه ريشة أمل قد يجيء
على صهوة جواد أحذب
تخونه الخطى وهو يصهل موعدنا
سماء هذا الليل حالكة
مسافاتها طويلة غالبها الظمأ
رفاقي ساقهم الريع
انبطحوا يتبدلون على جنوبهم
وعلى مؤخراتهم هل من مزيد
كل المبادئ لغو
وفرح ينهمر افتقاداً للغياب
يا سيّـدة الكون ... !!
اسمعيني ...
ما لهذا البياض يفقد سطوعه
تغنيه تنهدات الأيائل والطرائد
متهمة هي خواصر الوقت بفعلتها
تعتلي قصائد الخطايا والرزايا
وتعتقل عيني العاشقة سهداً
وهي تغنّي للأشباح
وتتراقص في فراغاتي وقفاري
.
العصامي
google-playkhamsatmostaqltradent