مجلة وتريات قصيدة النثر

* شيخوخةُ النصِّ  

   النصُّ الأدبيُّ كائنٌ حيٌّ ، ينمو ويستوي علىٰ سوقهِ برعايةِ كاتبهِ ، وأي إهمالٍ لتلكَ الرعاية يعني أنه _  النص _ سيمرُّ بمرحلة الشيخوخة المبكّرةِ فيصبحُ غيرَ قادرٍ علىٰ إحداث التأثير والتواصلِ مع متلقيه ، ولعلَّ من أهمِّ أعراضِ تلك الشيخوخةِ هي استنفاذ القاموس اللغوي للمنشيء ، وهنا لابدَّ من التنويه على الوظيفة المزدوجة للغة ، فهي فضلاً عن كونها وسيلة تواصلية ، فإنها التعبير المباشر للأفكار ، وتظهر قوةُ فعلها المعرفي والجمالي تبعاً لقوّة الأفكار التي تجسدها المفردات ، ويعود تحقيق ذلك إلى مرجعية المنشيء المعرفية والجمالية ، فعدم القدرة على تحقيق ذلك فإن النصّ سيعاني من تكرار التراكيب اللغوية والمفردات ، ومن الأعراض الأخرىٰ المهمة هي عدم القدرة على اكتشاف ومعايشة المضامين الجديدة التي تطرأ على حراك الواقع ، إذ انٌ في اكتشاف تلك المضامين الجديدة مايجعل النصّ يجتهدُ لتخليق اشكالٍ جديدة تتناسب وتلك المضامين ، الأمر الذي يجعلُ النص مسهماّ في صيرورة النمط فضلاً عن توفير إمكانية التجاوز الذاتي والموضوعي ، ومن الأعراض الأخرى هي اعتماد التراكيب اللغوية التي تُدخلُ النصَّ في منطقة الإبهام حيث لايكون النصُّ قابلاً  للإدراك الحسّي التحولي / التأويل ، فيتحول النص الى لعب لغوي و حقلٍ من الأحاجي والألغاز وتنعدم القدرةُ على التواصل مع النص ، قطعاً هنالك اعراض أخرى ولكن ما أسلفنا من طرحٍ لجملةٍ من الأعراض نجدها جوهرية ومسبِّبة لبلوغ النص مرحلة الشيخوخة المبكرة التي تحولُ دون تحقيق تبليغ الرسالة النصّية على أكمل وجهٍ إلى المتلقي .

                   عبد علي حسن

                     ٱب / 2021