قلبك الثقب المنسي
ابتهال بليبل
على جسور يتغذّى وجودها الذي يهدم بشراهة مساحات
النسيان مثل خلايا غير طبيعية (شاذة) في أنسجة
المخ.. يأخذني (سائق التاكسي) ليوقظ
هول السقوط في رأس: لطالما طاردتْني ذكرياته على أرض
فسدَتْ لأنها صارت بديلاً عن ثلاجات الموتى.
سائحة كنتُ أخمن بالوجوه انعكاس خيبات
الطريق على الهواء الكثيف.. بينما السماء
القريبة لا تدري حتىّ أنّ خوفاً بلا ملامح يتجلَّى في جرح
يمرّ من هنا.
يمّر بصمت.. وبصمت فوق أو ربّما تحت الجسر.
أن تصمت تحت احتمالات (السخرية منك).. أن تصمت عابراً فوق
الجسر: متاهة أن تشيخ بعيداً عن نفسك عالياً تتنفّس الهواء بلا رئة.
أن تصمت تحت احتمال سقوطك من الجسر.. كل حياتك، كل
أحلامك: قلبك الثقب المنسي في بالون أفلت.. ضاع بين أغصان
شاهقة لا أعرفها.
أن تقضي ساعات من يومك واقفاً على جسر غامض
بسياجين على نصل مدينة من مرايا تُخيفها صرخة.. وكأنك على سطحِ
المرّيخ.. جهاتها- أعني الجسور- تتغيّر متتالية مثل أحوال
الطقس -عادة- ما أنسى مراجعة خدماته عبر هاتفي
النقال.. من دون أن يغيب احتمال شعورك بالتحليق
بشكل ما، بينما الفضاء من عواصف الاقدار
الخفية وكرانيش قميصي حمامة مدّربة للعودة كشبحِ البيت
الغائر في ثقب ضوء.
الإشارة المعلقة عن (ارتفاع الجسر) ليست دقيقة تماماً.
فالارتفاع يفيض كمسافات أو ربمّا خسارات
قديمة عن نفسها.. وكأنّ ضلوعي متباعدة عني، أقيسها بملل
تلميذة من (فرجال) المسافات.
ثمّة ما يبتعد عن الأرض وغصون الأشجار.. وكأنّ الجسور
عالية كنجوم ضالّة في متاهات سماء دامسة.
عبور الجسور والتلصّص على خوفك
أكثر خطورة من الموت بمحاذاة الوحدة
المقدرة قبل كل وقت تصل فيه إلى استواء الشوارع.
الصمت فوق الجسر- أي جسر- يعني أن هناك حفراً مجهولة
ومطبات.. ولافتات عتيقة ستميل لاحتضان
نظراتك، وامرأة في العادة تَخْفض رأسها، وتغمض
أجفانها مع موجات الهاربين من المرتفعات
المظلّلة بهدوء قاتل.. من ضيق وجودها فوق الأرصفة والشوارع.