مجلة وتريات قصيدة النثر

(وأقشر قصائدي فيك) 

مجموعة شعرية للشاعرة رند الربيعي

نصوص شعرية غارقة بالوجد تلوذ بالإشارات والرموز

قراءة عقيل هاشم

يا سيدي المبجل هل كتبت قبلي اليك امرأة ؟

واخبرتك انها الحاضرة والحضارة.

وانها مسلة زقورةٌ، بل انها تاريخنا عراقةٌ...

وشارع الموكب ومواكب العذارى

ذي حضارة وفجرها بغداد

حناؤها البصرة

اكليلها ذي قار

ربيعها نينوى

قنديلها شبعاد

في قصيدة النثر غالباً مايلجا الشاعر إلى الصورة الشعرية، إلى المجاز المتحرر من سلطة النظم الايقاعية بإحالة المعنى لتكون بديلاً عن الإيقاع الخارجي الذي يميز القصائد القديمة ذات الوزن والقافية، والصور في قصائد (وأقشر قصائدي فيك) المفعمة بالوجد والعشق الجنوبي والتي تلوذ بالرموز والاشارات انجزتها مخيلة شاعرة رسمتها على لوح الحياة والوطن معا والصادرة عن دار تأويل للنشر والترجمة 2021..

  المجوعة الشعرية تشتمل على العديد من النصوص الشعرية تحمل في مضامينها مشاعر الأنوثة والحب والجمال، إنها الذات المتشظية بين المحبوب والوطن وهي ذات حكيمة تحسن التعامل بما ينبئ عن تلك الحكمة في السلوك والمواقف كما يتجسد في قولها:

اقتباس

أي جينات هذه التي احملها؟!

أشم عطر القصب والبردي عل مسافة يوم ،

سومرية أنا بامتياز ،

الشاعرة متجددة ومتنوعة وثائرة، تبوح عما يدور بخلدها، قصائد شعرية متعددة، تكمن فى شعرية الهوية، وشعرية الحب،والحزن ، فقد اهتمت الشاعرة بالجانب الانساني والوطني والعاطفي وبالموروث التاريخي واستعانت بالرموز والاشارات لتعبر عما يعتمل نفسيتها من حزن وألم وفرح أمل.

والمتأملُ في القصائد يجد موهبة خلاقة تعبر عما فى جوفها من مفرادات وأشياء من فكرها الشعري ، وترسم لنا خيوطا من نسيجها الشعري الفياض ،

جاء في الاهداء: 

الى ...

كل نخيل الارض

من أول نخلة زرعت في قلب هذا العالم

وحتى أمي التي شاخ جريدها وما انحنت أبدا

.

.

كن بخير

تستخدم الشاعرة الرمز الفني والجمالي ، ليساعدها على ارسال رسالتها إلى القارئ، 

لذا حين قرأت نصوص الشاعرة لفت نظري هذا التدفق العفوي لأحاسيس الأنثى، فهي تترك مشاعرها تنساب على الورق دون تدخّل، وتؤكّد أنها تكتب استجابة لرغبة ذاتية غامضة، وتدوّن ما يمليه إحساسها لن تتوقّف عن الكتابة إلّا بعد أن تشعر أنّها سكبت على الورق أحاسيسها كلّها!، فهي أقرب ما تكون مكتوبة بوحي الموهبة ولا يوجد تصنّع، ولا تزويقات لفظيّة، 

اقتباس

( موعدي معك) :

سأرتدي معطف أشواقي في هذا المساء

في موعدي معك

سأحمل كل ملامح الانوثة

بين الحروف

فلا تنسى صرح حبك الممرد

هنا تتحدث الشاعرة بلسانها العاشق عن الوطن في أبهى صوره التي تتمنى أن يدوم عليها وربما توحي دلالات الحزن في النصوص أنها تجسد الأمور المعنوية في تشبيهات مادية تقرن الحزن بالحب, فكأنه الجرح الذي لايندمل . جرح لا يزال نديا باقيا ألمه .

اقتباس

وطن

ذات حنين

أدور

كدولاب عيد

حول مساءات بلا

صبح...

لا شيء الا كلمات

عرجاء

وأيد مبتورةٌ

نصف وجه عار

وممّا يلفت النظري في هذه النصوص أنّ المرأة والوطن هما صورة تتداخل وتتكامل لدى الشّاعرة، بطريقة ولا أروع، فالوطن عاشق ومعشوق ، والمراة تعيش داخله وتحتلّ كيانه وفكره وتشغل حواسّه.صورة تنبض بالحياة، بالصّدق والنّقاء، وبالرّغبة الدّفينة بالحياة والعشق.

اقتباس

ترمق في مرايا الذاكرة

أشياء... وأشياء... مازالت

تفوح منها رائحةُ

البنفسج

والوطن

وختاما اقول ان نصوص هذه المجموعة الشعرية تتميّز كونها نصوص ثريّة وشعرية موغلة في العُمق، وتوظيف رائع للرّمز، وثقافة عالية لدى الشّاعرة، وتأثّر عميق بالفكر .نسجت بطابع وجدانيّ حيث تلخّص الوجداني والروحيّ،معا ، وتعكس الكثير من عوالم الشاعرة الدّاخليّة، كالعشق والفرح والحزن.

 كتبتها باسلوب قصيدة النثر والتي تنشد الحبّ حيث يؤثّر بها بشكل صارخ، حالة استثنائيّة خاصّة لا تشبهها حالة أخرى، وربّما هو أسلوب يتناسق وروح الشّاعر المتمرّدة الصّاخبة، وعوالمها الدّاخليّة التي لا تميل أبدا للقيود والرّتابة. كما وتميل لتوظيف الرّموز التّاريخيّة، والأساطير، في نصوصها، مما يضيف من عمق اللّغة وغزارة المعنى في نصوصها .الذات تصنع واقعًا وتجربة شعريّة كثيفة مميّزة وعميقة، مدهشة وموحية معًا.