تقول لي : إذهبْ إلى غابتي كي تعرف صفاتي وإلى غايتي إذهب فإن منحتني ما يُكتب من التضاريس فقد قمت بمحوي وبمحو الدليل .
ثم لا أجدها حينما شجرة ، ثم لا أتسلقها حينما عضد ،ثم لا أهزُّها حينما ثمرة ، ثم لا أباعدها حينما قرب ، ثم لا أدانيها حينما بعد .
أحادثها وتحدثني بينما مانزال في لحظة الصمت حتى أمطرنا خجل تشرينيٌّ فلا لها لأنادي بترفها و لا لي كي ألوذ بالخشونة التي في حقولي.
أعلِّمها عليها وتقول بصفاتها ثم تمحو وتنسى وتسلو حتى ملَّتني سرا لديها وملٍّتني ساحرا مؤولا عنها ؛ ماتركني متأملا في الطير ؛ إن حلَّق حلقتُ ، وإن تباسط تباسطت وإن أسبل أسبلتُ ، وإن لامني تصامتُّ ، وإن هجرني تقربتُ وإن والاني تمردتُ وإن بايعني نكثتُ ؛ حدَّ سؤاله وحدَّ جوابي ، حدَّ غمازتيه في السعادة ولا أرى ، حدَّ حزني عليه ولا يشاهد .
كان يخفي أبيضه عني بحجج بائنة من شدة سوادي حدا في اخفاء مايرغب ، وحدا في اغاظتي ؛ ماتركني في الخفاء من قسماتي وفي الظهور من قسماته ؛ ما قرَّبه وبعَّدني ، ما أسلاه وذكَّرني ، ما طمأنه وأقلقني.
لم يكن منِّي ولم أكن منه ؛ مما أدناني من أصابعه لكلمة قالها عنِّي بخفاء وظننته يعنيني وظننته يتقرَّب بخفاء قرامطة منِّي .
أدعوه بالخفاء فينهرني بالعلن ؛ ما وارني بتراب تجاهله ، ما جعلني أعلنه بأشجاري التي أقوم بغرسها باسمه.