recent
أخبار ساخنة

وقفات_مع_مقاطع قراءة بقلم عبدالرحمن المكتباتي لنصوص الشاعرة المينا علي

#وقفات_مع_مقاطع

تقول مينا علي :"مالي ارتجفتَ أمامَ تَجَاعِيدُ وَجَهكَ
أُصارع ردى المشاعرِ فوق الفراش"

ها هنا قلب ينام، ومشاعر تشتعل، تلك هي لحظات الصحو، وعكسها أيام الأرق، لكل منا ذاكرته الخاصة، لكن نجدها جميعا نفس الذاكرة في النصوص الشعرية.

كبحُ الميول الأنانية يضحي أبدًا من الطريق= في أيام سرقة الفراش النوم من الجفون، الفراش والنوم افترقا، والطرف الثالث يُعَذّب "الروح، الجسد" أيهما أقرب للاستسلام، ويشّج أسرعَ عند سماع روض الكلام، متناثرا أمامه، مطامنا مع سنابل الذات المزمعة الانهيار "في لحظات يخبو فيها التفكير".

هذا موقف أصبح منطقيا من الجسد، لاعتيادنا عليه، مع أنه الوهم.

 وهذا الاضطراب، هل له من بداية؟ أم أنه وصل مرحلة اللا-عقلانية كالتي وصلت إليها فلسفة العلم؟ أم كما قال الشاعر الصوفي الذي وصف العشق:

صفاته منه فيه غير محدثة ومحدث الشيء ما مبداه أشياء
 لما بدا البدء أبدى عشقه صفةً فيما بدا فتلالا فيه لألاءُ

والعشق نقيض إيقاظ المشاعر، نتصارع معه نعم، لكن بوجه آخر وسبيل مضاد، اللحظات الوحيدة التي نرجو فيها خفوتا أكبر للشعور هي لحظات العشق، واللحظات الأخرى التي يرتدي فيها الجسد ثوب الجزار للشعور، هي اللحظات الأوسع وجودا، والأقرب منالًا، والأكثر إيلامًا.


إيقاع روح تتهدم، ومأساة قلبٍ لا يتعلم:
تقول مينا علي : المتاهة
أشعر بمتاهةٍ عجيبة يا اللّه
تضج تدب تجلجل تشق صدري
لماذا لَمْ تمسك يدي
أكانت حمامة الأيك ثقيلة!

النص تغيب عنه الصور المكثفة، لكن هذه ليست مثلبةً بحقه، ثمة شيء أسميه "الصور المهداة للقارئ"، في البداية إيقاع التصوير الفني، ذهنيا وصوتيا، فعمق صوت الألم خرج من الكلمات الأربع: "تضج تدب تجلجل تشق"، ترك الخيال يغني بالمعاني النفسية الكُبرى، وكما يسمي الأمر دولوز صيرورة التغير الذاتية، تجدها من عمق الألم تذهب للإله، إلى عمق النور في الأذهن، متسائلة عن التخلي، وهذه هي مأساة قلب لا يتعلم، لأنها وبعد المعاتبة الصوفية، تزدلف لقول: "ضحكةٌ مِنْ تلك وهذه، كفيلة بأن تزلزل ذقنك"، التفاصيل الصغيرة التي تصنع الدهشة، الذقن أول شيء ترى عليه التعابير، تهزه لمسات الألم، ومحطات التعب، أول شيء ينحدر متوسلا الأقدار -مع إباء الروح- أن ترحمه، لكنه أول شيء كذلك يصعد في شموخ أمام الناس، تاركًا النفس في وحدتها تتنفس الصعداء، والروح التي تسمو بذاتها بالحزن فقط، ولا مكان للمسرّات في غياهب الوجود العارم حتى لو كان الأمان يحيطها من كل جانب، هذه روح عاقّة!

و"في الحرب يسقط الأكثر رحمة"

ولنا الكثير من الوقفات مع مينا البغدادي، وهذه بداية!.
google-playkhamsatmostaqltradent