recent
أخبار ساخنة

إشارات الخيال...صلاح جلال

قصة قصيرة جداً
                                       إشارات الخيال
صلاح جلال
ثانية ساعة الغابة تمتليء بذبذبات قصص الفضائية.. إندهشت الصحراءُ بحركة الخيول. اِحتفل الهواء بأَصوات متفاعلة الأجناس تنعكس في الفضاءِ المتعطش للكلمات المتقاطعة التي ذابت في الرياح وتفرش بهما بحركته حفر الكبابيّون. وابتلعت الأَرضُ قوة الركض والهبوط والصعود لقد تلون ضوءُ القمر بقنوات إِعلامية.
أعاد الصمتُ للأشجار لتتبرعم بالأَحداث التأريخية، وتلونت في غصونهم وأَوراقهم، وإضطراب كثافة فروعهم بقوة فى الظلاميات السحرية دلالة على محاكاة القصص التي تجري تحت ظلهم يومياً.
ظهرت هذه الرموز والدلالات عبر الحفريات والمأكولات كانت تتجسد في القشرات والأَوراق والغصون، تدلُ على زمنِ غابر، أَحياناً تتلون بطلقات وحربة مسمومة، كانت ممسوحة بجروح جديدة، تتجدد على شاشة أَوراقهم كفيلم جديد يستعرض الموجودات اللامرئية، والأشجار بفطرتها كساعة تحاكي قصة اللحظة، مع الأهتزاز الجمعي للموجودات، لقد تبين ميلها يتجسد على رؤيا النائمين الذين غطاهم حالوب وقطرات الماء والورق والريشة والتمر. حملوا اللون الأحمر ، مع بداية مشاهدة الفيلم حيث ورق أشجار الغابة يتحرك حركة جنونية أيقظتهم من نومهم العميق.
غربلت العاصفة وأَطلق صوتٌ أَزلي، أَشعلت أضواء النارية في السماء، وسقطت أوراق الأشجار بقوة لاشعورية، انتشرت في الخنادق المملوءة بالتراب وسيطرت الأَصوات المختلطة في الفضاء بشكل غير مميز لجنسهم، صهيلٌ، نباحٌ، صياحٌ، عواءٌ، نداءٌ، بكاء، تغريد.....وغربلت الرؤيا بخيط الجنون للموجودات اللامرئية، التي تجد حركاتها في الظلام، حيث تزحف الأجساد نحو همسة ودغدغة وبكاء.
قطعت العاصفة بقافلة من الخيول، اختنقت الأَصوات في الحنق، أَسقطت كل الموجودات على الأَرض، ثم إِرتفعت ذبذبات الأيقونةُ كخيط في لسان الرضيع، وانتشرت في الفضاء كرمز لمرموزات المشبهة بإِنغمار الحروف في شبكة اللغة، ابتلع الظلام نفسه، والأَجسادُ مغطاة في ستارة السواد، غارقة في السقوط تهيء جسدهم للذوبان.
لقد أَظهرت حركة بطيئة تحرك جسد أَحدٍ منهم، كان يرفع يده اليمنى على صدره مغطى بدمٍ مجلد على كفنه الأبيض . تحركت يداه ، انحسر بالأَلمِ، بدأ بالزحف بعذاب شديد:
* من هناك، من يجد لي، من أين إِنغمرنا يا إِله ؟
زحفت بضعة بقعات بتعب شديد توقف في مكانه، تحرك يداه ، ما لمس شيئا، وغرق في التفكير والنظرة واِستماع. إِندهش فكرهُ في وجوده لإِعادة الذاكرة من النسيان، غرق في الهذيان وإِنغمار التصادفية ، إِنقطعت من رؤياه خيوط الذاكرة وحس بزلزال روحه للفزع .
 العاصفة هبت بقوة اهتزت على إثرها الموجودات، وعرش على جسدها المكونات المغربلة، انقلب على ظهرها، ثم تحول على الصدر، غطى طوق جنوني عقله، يبرق الهواء كلهيب لامرئي ، اِستحوز حوضٌ سحريٌ معجون من المعطرات المشكلة من البرتقال والتمر والعشبة والعش والمبيضة والأَدلجة والأَرجوحة والمتربة والدخان والتنفس والمشيم والريح الميتة... إِنعكس بالناتيء الأَبدي لمصبغة اللحوم وإِستدرج ملامح الجسد في اِستبراقات عميانه .وأحياناً عطر الهواء بشذا المعطرات المدفونة في الفضاء كان يصور جثث المذاب في الغابر، كان تنسج نظرته من الهواء ، لقد تبللت سلسلة أَحداث قصته ، تمسك بفكرة الظلامية، تخيل استنطاق شبح لريبوتاً مظلماً، كان يحفر خندقاً لدفن كلماته، لتكون صامتة في لعبته.
سقطت نجمة وإِنطفأَ في الحفر، إستدرجت الريبورتات صفاً صفاً، وحركة الخيول. وقفت الأَشباح أَمامهم بظلام النارية، إِبتعد الريبورتات، وغرقوا في الظلام، والجسدُ إِنغمر في ذواب تفكيره وتوجت الأشباح بالصمت. زلزل الفضاء بحركة طائر خرافي سقطت بينهم، رفرف جناحاه في اليمين واليسار، ثم نصب خيمة زجاجية على الأَرض، وغربل في التراب مثل ما كان غريبٌ يعود الى أَرض أجداده.
نسجت رؤياه بهذه الصورة وجلبت انتباهه وقوة ذاكرته، تحرك نحو الخيمة وكان قد ثبتت كقصر سحري، والأَشباح استدرجوا بحلقة مدورة طوقوا مكانها:
* الآن عدنا إلى ماوراء الأَرض ونسكنُ في أَرضنا لقد أحتل البشر منذ الآف السنين الآن يعودُ الزمن إلى أَصلها، عصر الديناصورات.
سيطر الصمت، إبتلعت العاصفة الحروف والنطق والإِيقونات والذبذبات، وإِشتعل شمع من السيف، إبتعدت الصفوف الى الوراء، موج العاصفة بقوة مؤثرات ومؤشرات الفضائية، إِنطفأت الشمعة وذاب الطائر في مكانها، توجهت الصفوف نحو الآخر، تغطى الهواء بصهيل الخيول، وحرك جسدٌ آخر بِلا أَزياء، فتح يديه، وحاول أَن يحرك بشفتيه، أَخرس ولم يطلق حرفا من فمه وتوقف من الحركات، ِإِستدارت نظرته في العمق، وحاصره الروبوتات والأشباح:
*من أَنت، يا إِيها الانسان العاري؟ من ارتدى أَزياءك؟هل أنت بشرٌ وحشي؟
غربل العاصفة بحمل الأزياء والملابس، ووقعت بعضهم على فروع الأَشجار، وهو يزلزل برداً، فعرف سرواله، أشار بيديه، وتجسد نظرته أَن يقراُ فيها دلالة، أَو إِستعارة ليفهم شيئاً عن غربته، ورأى نفسه يتحول إلى روبوت...
غرق في التفكير المتطاير، وقفل الفضاء سمعه وبصره ولسانه، وانغمر الروبوت من رؤياه لقد مسك الثاني يديه ببطء:
.... ......
سكتوا كلاهما، لم ينطقا حرفاً، واحتفلت بهم الروبوتات :
* أََنتما آخر بشرين تقليديين، يجب أَن تذابا لإنهاء نطفتكم على الأَرض، العصر زمن ألكترونيات.
نصب علمٌ ملون بأَلوان سماوية، وهلهلت الصفوف بموسيقى الثورة:
* الروبوت ينتشر من ذراعه العلم، انحل إِنسان تقليدي بثورة العلمية.
 وقطعت بينهم الأَشباح:
نحن تورعنا من جنس الأَرواح نحلُ بآلة مصنعة وإِنسان متداول.
ظلت العاصفة سيطرت على الرؤيا وأنتهت الحوارات، إِلتمس جسدان، في الذوبان توأمهم وكلاهما عمي، دون أن يرى أَحدهما الآخر، وإِنغمر في نسيان الذاكرة وعدم وجود الحس واللذة، إِختلط تنفسهم، إنتشر كريح النواتئ، لخيطه إِنقطاعات نسيج قصتهم في الأَرض، وسقطت من شفتيهم كلمات متقطعة الحروف:
*هل نحن بشرٌ؟
أشارو بيديهم، ودلوا على نسيان جنسهم، لقد تحركوا بقوة وتوقفوا على رجليهم وفتحوا لسانهم منقطعاً:
* كلا، لا نعرف جنسيتنا، هل إِننا مخلوقات؟
إحتفل الروبوت برؤيتهم، كان الفضاء نسج بهم، أَقام كلاهما، تقدما نحو الأَمام إِندهشوا في التفكير :
* لسنا بشريين.
نظرات..تفكير..تعجب..إيماءة..لعبة الطائر..
* إِن نسياننا يندمج من ذوبان فكرنا .. خيالات ينسج الروبوتات بروبوتات المحادثة.
أشارا بأصابعهما الى إشارات في الظلام.
استمرا في التقدم نحو الأَمام، والأَشجار تهزهما بعاصفة الصحراء وتصورهم ببلعمة الأَلم، وهما في دجلة الإِحتضان، مثل مايذاب روحهم، غرقوا في إنغمار النهائي وسيطرت عليهم مومياء الأَبدي. نسجت رؤياهم بروبوت وتحولوا في نفسهم روبوتاً كانوا يحركون لتحقيق قصتهم للسيطرة على المركز التكنلوجي لمسح العالم عن الخريطة ..
بهذه الإِشارات الخيالية المتسعة بنواتئ أَحلام اليقظة تقدموا نحو بؤرة الملامح، وسقطو على الأَرض كأن تنطفئ نجمتان في التراب، عرش الفضاء بحركة الخيول، قطعوا كل الحركة والأصوات بصهيلهم، انعكست الأَوراق والتراب في اللون مشبهة بدوران عاصفة المحيط، وظللت الأشجار بفروعهم المظللة....وشكلوا حركتهم بنفخ الأزياء الملصقة بفروعهم، كدمى ترقص في دوران محاكاة القصص لثانية ميلهم في سقوط الأَوراق وكثافة المرموزات بهمسة استيقاظ الأَرواح دقت على ساعة الصفر
google-playkhamsatmostaqltradent