recent
أخبار ساخنة

نص ونقد بقلم الناقد عبد علي حسن النص للشاعر حبيب السامر....

* نص ونقد 

 ( مربكة جدا ،
هذه الليلة ..
لا ضوء يمسح خد الظلمة،
لا عطر نساء،
لا لحن روح ينساب حين التذكر،
لذا تعلمنا حين يجرفنا المد،
نتشبث بالنجوم .) 

                      الشاعر حبيب السامر
               صفحته الخاصة 26/5

 بنائية التوالي السببي ____________________________

 يتأسس النص السالف للشاعر حبيب السامر علىٰ ثلاث حركات شكّلت كلٌ منها نتيجة وسبباً  بشكل متتالي وصولاً إلى النتيجة الأخيرة في السطر الأخير ، وشكلت هذه النتيجة مفارقة كسرت توقع أفق القاريء ، فالنص يبدأ في رسم مشهدية ليلةٍ وصفها ب (مربكة) ليستقر مفهوم اللانظام المتقاطع مع ماينبغي أن يكون عليه الليل من سكون وهدوء ، إلّا أن مفردة (مربكة) قد خرقت هدوء الليل وسكونه ، ولئن كانت مشهدية ارتباك الليلة فإن السطور اللاحقة تكشف عن سببية ذلك الارتباك ، إذ أن اللاءات الثلاثة (لاضوء/ لاعطر / لالحن ) ستفسّر حالة ارتباك الليلة ، فقد شكّلت هذه اللاءات مثلث الاستقرار النفسي المتقاطع وحالة الارتباك ، فالضوء مزيلٌ للظلمة وعطر النساء تدفقٌ للعاطفة الإنسانية كما أن اللحن الروحي يشيع في النفس شغف التذكر لكل ماهو جميل ، فالنص قد نفىٰ حصول كل ذلك الجمال الإنساني ، وأزاء هذا الارتباك والجفاف الروحي ، وليس امام الإنسان سوى النكوص والإنسحاب إلى الداخل إستسلاماً لحالة الجفاف التي إشاعتها سطور النص الأولى ، إلّا أن السطر الأخير شكّلت مفارقة كسرت توقع أفق التلقي ، ومع وجود مفردة (تعلمنا) وهي إشارة إلى مرورٍ سابق لحالة النكوص والجفاف ، فإن النص يقترح حلّا ٱخر في حالة ظهور المدّ، وهو التشبث بالنجوم ، و(النجوم) هنا اكتسبت بعدا دلالياً انزاح فيه المفهوم من الدلالة المحسوسة والمنظورة الىٰ دلالة متجاوزة إلى مرموزات تتناسب وقوة عوامل النكوص التي شكّلتها اللاءات الثلاثة ، فالنجوم كما نراها تأويلاً هي منظومة رمزية متخذةً اتفاقاً جمعياً تلجأ إليه الجماعةُ حين يداهمها ويجرفها مدّ الضعف والخور والنكوص ، وما النجوم هنا إلّا رموز تتّسع وتمتدّ إلى تفاصيل كثيرة تتصل بالمخيال الجمعي الإيجابي الذي يعين الجماعة على مقاومة عوامل النكوص والضعف.
لقد اكتسب النص صفة إنسانية شمولية متجاوزة هموم ومعاناة الفرد إلى الجماعة ، وبذا فقد عبر النص حدود الخاص إلى العام عبر التحقق الشعري للصور والمشاهد المرسومة بدقّة وعناية وبتكثيف واختزال للتجربة الإنسانية ، فليس هناك فائضٌ تعبيري مضرّ بانسيابية وتدفق النص الشعري ، كل ذلك أسهم بتقديم نصٍ مؤثر على مستوى البناء والمضمون .

               عبد علي حسن
               27/5/2021
google-playkhamsatmostaqltradent