علامة الفراغ :
العلامات شاردة في الحقول
كان رأسي يداعبُ ذاكرتي ويستلقي على غابة الأسئلة
ايُّ معنى لخطوة مارست لعبة التخفي في الظلال ؟!
ولم تكن طيعة في الوصول
لا أعلق أغنياتي بين الشروق وبين الأفول
فأنا أول الراحلين الى الفراغ
أسئلتي دحرجات الرمال
وعواصفي عرشت في ثناياها غصّة
العلامات غارقة في دمي
لم تعد للزوايا انكساراتها
ولم يولد المستطيل سوى دائرة
قافزاً في المعاني
وما عاد يومي يفلسف ديدنه في سجل الدخان
ماذا سيحمل الأفق ؟!
الخفافيش غردّت في الضفاف
والقنافذ مارست لعبة الإشتهاء
ويداي اللتان أمتدتا على خارطات الضياع
شُلّتا
لم تهمسا في الظلام
وما ضمتا سوى حفنة من دموع
أداهن في اكرتها ما يخاتل خلف أبوابها الساهرة
العلامات عاهرة
الطريق اليها غارقٌ في البروق وعائم في الدعاء
وأنا أسجل رحلتي في جنون
علامة الخلود :
العلامات غادرت أناملها
لم يعد ( كلكامش ) من اسواره الميتة
سوى تغريبة في الخلود
والعلامات هشة
لا أسائل خنصر ( أوروك ) عن دوره في التبادل والتباس الوهم
ولا أمسك في وردة ( أنكيدو ) سوى دمه
فالعلامات نائمة والريح صموت
والليالي التي أنكسر الفجر على معصمها
لم تعد بينّةُ في الشواغل والأنتظار
والعلامات غادرة
بسوى ( شمخا ) التي لم تزني إلا بالايائل والفهود
ولم تزر في الحلم غابات البتول
العلامات بخسة
لم يبعها الهاربون على الحدود بدرهم
وهربوا الأبنوس في أثداء ( بنغازي )
وفي حدقات صحراءٍ من الذهب المزيف /
كان يجمعه الزنوج علامة لرجولةِ /
قفزت في الأفق كالشمس السجينة في أكف الميتين /
فعلى ايّ الوجوه يكون دربي ؟
والمعاني غازلت كرّاسها بالصمت
وأحترفت طلوع الموت كي تبقى بشارات الحريق
علامة المدن :
مدنٌ تموت ،
مدنٌ تقوم
لم يعد ثمة في الأفق سوى سيل عرم
والأتجاهات شمال
والعلامات مقام
مدن من الحجر المفتت تفتدي أسوارها بدم الزنوج
وترتدي حلي الرمال بباب ( مصراته )
العلامات زمن
غادرت آفاق ( لبدة ) صحوها
ومشت على الأمواج لا تدري بان الماء سجن
وعلى امتداد ( ظلال التين )
لعلّ أقدام الجنود تحدُّ من نسل الرمال
ولعلها تبني بآجرٍ لعينٍ آخر الدنيا
حصوناً
وقتها دفقُ الرجولة والهوى
ريح الى ألأبنوس
يلعقه البداة ليمسحوا بظلاله
درب المشارق والنعاس
العلامات مدن
مدن التهجي والتردي والتزجي والهراش
مدن من الصخب المثلث في مخالب ديك ( سبها )
يعلن في آواخر فجره صمت الدماء
مدنٌ تناطح كبش ( ابراهيم ) كي تبقى تغني للأضاحي
مدن تعاركها الرمال فجيعةُ
لما تنم إلا على إيقاع مذبحها الطري
لتقول : ياليلُ أحترق بدم خجول
العلامات وطن
والدروبُ في المرافىء غيرت قمصانها بقميص يوسف قُدَّ من قبل ولم تأتِ السفائن في البريد
علامة بابل :
العلامات بشر
لم تنم في ( بابل ) اليوم سوى بعض الرمال
وأورثت غاباتها بصلاً وثوماً للجياع
وهم يغنون الغناء سلاسل الطمي الدفين
ما عاد في ( بابل ) إلا العقعقُ المشؤوم ينذر بالأغاني
والأغاني لم تكن منّا وسلوى
فالنخيل إلى المقابر خطوة تخبو
كأن ظلالها سجنٌ يرممه العبيد ليسجنوا أجراسه
ويصادروا جدرانه بدمائهم
ويقاتلوا أوهامهم
ويراهنوا بفؤوس ( كسرى ) كي يفوزوا بالسراط
العلامات بشر
ما بين ( بابل ) و ( الفرات ) فجيعةٌ تلد السنين
فكأن لحظتها قرون
وكأن كحل عيونها مدنٌ يغادرها الغزاة
ليفسحوا أثداء نسوتها لبناً لعاصفة الجراد
وجفنةُ تحيي الذئاب
العلامات بشر
حتى المآذن لم تزل تختالُ في مشيتها
بحروف أوقات التهجي والصلاة
والعلامات بشر
أسواقها ماء ينوح وموجه عرقُ يفوح
والراحلون تزاحموا بنثيث مباهجها ليشهدوا :
{ صمت القلاع ونقرة الحوذي والخياط والأسكافي والرّواف والبقال والكواز والأرمل ذا العكاز والعانسة الحلوة ترفل بالشتات } .
العلامات بشر والمعاني رياح
فعلى أي جانبيك تميل ؟!