recent
أخبار ساخنة

عيدٌ بلا طعم ..!! ‏عبد ‏السادة ‏البصري ‏

عمودي الاسبوعي ،،،،،ليس مجرد كلام ،،،، في جريدة طريق الشعب ،،، الاثنين 17 آيار 2021 ،،، محبتي لكم 

(( عيدٌ بلا طعم ..!! ))

في ستينات القرن المنصرم ، وحينما كنّا صغاراً ، كنّا ننتظر العيد بلهفةٍ وترقّب ، رغم فقر الحال نجمع مصروفنا اليومي طيلة شهر رمضان ، وتغسل أمهاتنا ملابسنا لنضعها تحت الفراش كي تكون مكواةً ، وما أن يطل صباح العيد حتى نهرع لآبائنا نقبّل أياديهم ونهنئ الآخرين حاملين عيديتنا فرحين بما منحوه لنا وما ادّخرناه ، ونطوف على الأقارب والجيران لنتجمّع نحن الفتيان ونذهب في إحدى عربات الخيل أو باصات الخشب إلى مركز المدينة ، نلهو ونمرح في ساحة الدواليب ، حيث الألعاب البدائية البسيطة المتنوّعة ( دواليب الخشب ، الفرّارات، تحت وفوق السبعة ، الحلقات ، سباق الخيل ( الحصن / الحمير ) ، مع تلذّذنا بلفّات العمبة وخبز العروك والببسي والسينالكو وكراش كولا والفانتا وغيرها ) !!
كانت فرحتنا لا توصف أبدا ، نحكي عن العيد وما فعلناه فيه أياماً وليالي ، حيث البيوت تعبق برائحة البخور مزدانة بأجمل ما فيها من سجّادات وبسط وستائر وجودليات !!
عدتُ لتلك الأيام الجميلة رغم بساطتها وعفوية الناس وبراءتهم ، حيث طيور المحبة والإلفة والفرح ترفرف في فضاءات القلوب والنفوس !!
 وما أن جاءت الثمانينات ، حتى بدأ العدّ التنازلي للفرح ، وخيّم الخوف والموت والحزن والكآبة على كل مكان وروح ، حروب واعتقالات وإعدامات وتشريد وموت لتستمرّ مروراً بتسعينات الحصار والقهر وصولاً إلى سنوات كنّا نتأملها ونترقّب هلالها وقدومها بفرح لا مثيل له ، لكنّ الفرحة ماتت في النفوس وصارت غصّة ، وعشّش في القلوب والأرواح الحزن والأسى ، طائفية مقيتة ومحاصصة شرعنت للفساد أبوابا ، وإرهاب وموت مجانيّ ، وفساد استشرى في كل مكان ، حيث ارتفع الخطّ البيانيّ للفقر والموت والكراهية رغم الموازنات الانفجارية وأسعار النفط الخيالية !!
انعدمت الزراعة وتوقّفت المصانع عن الدوران فبتنا نستورد قنينة ماء الشرب ، وتدهور التعليم وارتفعت نسبة البطالة وتفاقمت الأزمات المتتالية ، مع كثرة الأمراض والأوبئة التي تفتك بالناس !!
أصبح العيد بلا طعم ولا لون ولا نكهة أبدا ، غابت الفرحة والضحكة والإلفة وأيام اللعب والمرح وليالي السمر والحكايات ، فصرنا نتبادل التهاني الجاهزة صورياً والجامدة شعورياً بلا أدنى إحساس بالفرح والسعادة ــ إسقاط فرض فقط ــ !!
أعيادنا لم نشعر بها لكثرة الطعنات والنكبات والأحزان ، حيث النفوس اعتلاها الصدأ ، وعبثت بعض الأفكار بها فانعدم مفهوم التسامح وضاعت المحبّة في مهبّ الأقاويل والأراجيف !!
يا للعيد الذي يأتي ويذهب دونما طعم ، ويا للأزمان ، كيف تدور وتلفّنا بعجلتها عندما يُسْرَقُ من نفوسنا الفرح ؟؟!!
google-playkhamsatmostaqltradent