(( مروان الطيّب لم يَمُتْ ..!! ))
الكثير من الأشخاص تلتقيهم خلال مسيرتك الحياتية عملياً واجتماعياً ، منهم مَنْ يمرّ كالسحاب صيفاً ، ومنهم كغيوم الشتاء ، ومنهم يسكنون القلب ،ويكونون شارة عمل وحياة ليتركوا أثراً في حياتك !!
مروان عادل حمزة .. الشاب الطموح ، الطيّب ، المفعم بالحياة والموسيقى والغناء ، الحامل في قلبه محبةً كبيرةً للناس ، والماسك بزمام الشعر بقوّة منذ أول جملة خطّتها أنامله على الورق ، ومع أول تلويحة لحماماته المحلّقة فوق بيوتات ( الفضل ) وهي تنثر ريش محبة مروان واندماجه مع الناس والوطن بتراتيل لطيور أرادها أن تكون محنّطة لتخلد عبر الزمن !!
التقيته بعد 2003 فكان لقاؤنا بداية مشوار صداقة وزمالة كبيرتين ، هو ومجموعة من الشباب الطافحين بالحيوية والنشاط حباً بالشعر والعمل وسعيا إلى الإبداع بكل صوره !!
ابتدءوا سويّة في نادي الشعر من أولى بواكيره ليختطّوا لهم مساراً خاصاً بهم ، فتلازم مروان وعمر السرّاي معاً ليشكّلا ثنائياً إدارياً وثقافياً ناجحاً ، تعلّما العمل على أيدي أستاذنا الكبير الراحل ألفريد سمعان وتلميذه النجيب الراحل إبراهيم الخياط فصارا صنوين من محبة ووعي وعنفوان عمل !!
في كل دورة انتخابية تجدهما معاً في قيادة الاتحاد يعملان بجدِ ونكران ذات وهمّة لا مثيل لها أبدا ، إنهما منتميان حقيقيان للوطن والناس !!
لا أريد الحديث عن الاثنين معا ، بقدر ما سأتحدّث عن مروان ، ذلك الولد المعجون ببغدادية ابن الفضل الذي يحمل كل صفات الطيبة والشهامة والشجاعة ونكران الذات وحب الشعر والحياة ، تنبض الموسيقى في كل خلية من خلايا جسمه ، كما ينبض حب الأرض والوطن مع كل دقّة من دقّات قلبه ، يهوى تربية الطيور بكل أشكالها ، ففي كل مرة يتّصل بي يقول :ــ لتجي لبغداد إذا متجيب بلبل ، وأريده وحشي ــ يعطيني مواصفاته كلها ، لكنني أجيء إليه بلا بلبل متحزّما بأعذار كثيرة ، لطيوره ألف حكاية وحكاية ومثلها لبلابله وقططه وكلابه في سوق الغزل كل جمعة !!
يمتلك ناصية الشعر ــ قصيدة النثر ــ بجدارة وحرفية عالية ، وبإلقاء متقن جدا ، لن يلحن أبدا ولا يلثغ بمخارج الحروف ، عريف حفل ومقدّم مهرجانات وجلسات ناجح جداً ، من خلال ابتسامته وروحه الشفّافة المرحة النقيّة يضفي على كل جلسة البشاشة والفرح والارتياح والموسيقى !!
حين سمعت خبر رحيله المفاجئ صُدِمْتُ حقاً ، ولم أصدّق أبداً أن هذا الشاب الطافح بالحيوية والنشاط ، الذي يأتي ليمارس عمله في الاتحاد وكذلك في معهد إعداد المعلمات على درّاجة هوائية ، ثم استبدلها بنارية ، يسقط صريعا بهذه السرعة ؟! حقاً أنها ضربات القدر المحتوم ، هذه الطيبة والمحبة والأنغام والابتسامة تذوي في لحظة ؟!
بكيتُ كثيراً وما أزال ابكي عليك يا مروان الطيّب !!
لروحك السلام والطمأنينة ، وستبقى طيورك ترفرف محلّقة بفضاءات محبتنا وذاكرتنا لأنك رحلت جسداً وتركت الكثير الذي سيخلّدك يا صديقي !!