في مهابة النار
ما دخل في الغياب
ربما دخل في النوم
أو فم الأفعى
أو الريح دارت برأسه
فلبس الحجاب
. . . . . . .
الرجل الطيب ذو اليمام
تأخذه سنة
فينام . .
فمن يأخذ بيديك
أيها الماء
نحو شواطئ الموت العالية ؟.
كلما منحه الظلام سترته
مارس عاداته الحلمية
ليفلت من لسان الجحيم
وحين يصحو
يسأل الجبل عن أيامه الباقية
ويقول في نفسه :
كم شعرة في ذيل البغل ؟
ثم يغني :
هذا ملك الماء . . نديمي
ذو السماء الأملس والأجراس .
ذات نزال نزلنا نصطاد الغفلة
وراء العين الهاربة
قلبان منزلقان
على صخور صقيلة
بحوافر الجند والبغال
صخور عنيدة
ننزف عليها فتغتسل بالرعود .
وحين نزول تبقى حروفنا
جروحا ً صامتة
على صدرها .
ثمة صخرة كريمة
أسلّم عليها .. وأقيل في حضنها
واضع خدي على ركبتها الناعمة..
كنت أستأمنها على صور ، وقصائد محّرمة
وزجاجة ماء
مهرّبة...
كان نديمي يشم رائحة الماء في يدي (ويخزّن) ورق
السعادة. . .
وفي لحظة التلاشي
ذهبت حروفه حرفا ً حرفا
ذهب رأسه ، ثم الجسد ، ثم الأوتاد
واختفى ذيله المرجّل
غدا صفرا ً عند زوال الغزالة
دخل في العدم
ودخلت في الحلم
وفي قعر الكأس. . . ماد الوادي
تأرجح فيه الشجر
تدلى من سقوف شاهقة
دار حولي
درت
في التوهج الأول
على طريق الغياب
. . . . . .
الريح ناعمة والكون أخضر أخضر
يا رجل الماء
نداء يتعقبني . . . فلا رذاذ
فإذا العين تتفجر نارا ً
نهر يعربد على أرض تحترق
الغابة بما فيها اشتعلت
وتهرأت بزتي الخاكية
فانكشفت سوأتي
وسحقني العري . . .
بزغ نديمي من وراء الغيوم
حملني وانتهك السماء
بعيدا ً عن العين . . والنار . . والشجر المشتعل
دخلنا في سقف الربيئة
عصرت الغيوم كلها . . . وضربها البغل بجناحيه
ولم ينطفيء النداء
وفي تناسل القصبات
أخطأت القصبة التي سقط بها رأسي
ضاع سرب الصفصاف في تقلب الفصول
وضاعت الفصول
قصبة الرمل والماء
تشرق فيها الشمس كل يوم
ويموت أهلها كل يوم
يقرعون الطبول
يوقظون الحديد
ويقرضون الأناشيد . .
. . . . . . .
أسقطني النديم الشاهق
على حاضرة عارية
لا ريح فيها ولا ظلام
أو تين يساجل الحياء
أطلت ذات العينين الفارهتين
في مساء شبق
حاصر النهر عنفوان جسدها
فأورقت على دكة الليل
قالت :
مجنون يقتحم بيوت الله !
واحد ذكر الواحد ، وأثنى عليه :
هذا المارق الغريب
هارب من ساحة الجهاد . . .!
وإذ نويت الفرار . . .
أهال أبي علي الرصاص . . وعمدني
بدماء لزجة . .
جلس شرطي على صدري ،
استل مديته . .
قطف رأسي ، ورماه في الحاوية ،
كبر القوم والتقطوا الصور التذكارية
وفي الحاوية
رأيت رأسي بين ذراعي كلب سائب
لحس الدم بلسانه الوردي . . ثم
دنا من عيوني . .
هدو . . هدو . . هدوووووووء
فجأة انهمر الضوء حولي
وهمست العين
وإذا زفرات ساخنة تلفح وجهي
وقد انقرض الزمن . . .