recent
أخبار ساخنة

الرواية والتأريخ الوعي بالكتابة عبد علي حسن

الرواية والتأريخ / الوعي بالكتابة 

     عنوان مقالنا الذي نشرته جريدة الصباح لهذا اليوم الأحد 14/3/2021...شكرا لكادر الصفحة ... وارفق مع منشوري هذا نص المقال لمن يرغب بالقراءة..تحياتي .

* الرواية والتأريخ
    الوعي بالكتابة
                            عبد علي حسن

   ( هذا النص رواية وليس تأريخا ، لذا لزم التنويه ..)

                      توتّرات القبطي
                رواية / دار ثقافة للنشر
                     أمير تاج السر 

    يشكل التنويه السالف العتبة / المناصة الثانية الداخلية بعد عتبة الإهداء لرواية ( توترات القبطي) دار الثقافة للنشر والتوزيع / ،،2009 للروائي السوداني امير تاج السر ، ويشير التنويه إلى وعي الروائي أمير تاج السر بكتابة الرواية التأريخية كنوع روائي ظهر الإهتمام به وعلى نحو واسع في البلدان العربية التي شهدت سقوط الأنظمة الشمولية والدكتاتورية منذ مفتتح الألفية الثالثة ، والمباشرة في تشييد تجاربها الديمقراطية ، مما فتح الباب واسعا للدخول الى التأريخ كوقائع اجتماعية شكلت مخيالاً جميعاً وأصبحت جزءاً من تأريخ المجتمع وممتلكا لمنظومات قيمة ، وقد وجد الروائيون العرب في هذه الوقائع التأريخية السالفة والمنظومات مايكوّن مادة روائيةً ليس الهدف منها استرجاع الماضي ، وانما التذكير به ومساءلته لمعالجة مشكلات الحاضر ، وأزاء هذا التوجه الجاد من قبل الروائيين لنفض الغبار عن التاريخ البعيد وتأويله بما يسمح لمقاربة المشكلات المعاصرة التي واجهت المجتمعات العربية بعد التحول في بنيتها الاجتماسياسية ، فإن الحوار والحديث والمناقشة لاتزال قائمة للوصول إلى فهم صحيح لمهمة الروائي حين يجعل من التأريخ والوقائع الاجتماعية والمرويات التأريخية والوثائقية التي احتفظت باستقلالية منظوماتها التكوينية والقيمية ، مادة لروايته ، وأي من ذلك التاريخ والوقائع يصلح ليكون مادة روائية تحقق هدفها المعرفي والجمالي ، وعلى الرغم من كشف النقاد لمهمة الرواية التأريخية كنوع ادبي ، فإن الروائيين العرب قد أسهموا في هذا الحوار والنقاش حول ضوابط نجاح الرواية التأريخية بعده فناً سردياً يُراد منه تحقيق الفعل الفني / الجمالي فضلاً عن الرسالة المعرفية التي يُراد توصيلها ، ولعل الروائي السوداني أمير تاج السّر قد أدرك مهمة الروائي التأريخي بالتنويه الٱنف الذكر حين جعل مهمته تتجاوز مهمة المؤرخ في تقديم الأحداث التأريخية ، إذ أنه في النهاية يدرك أن ما عليه تقديمه هو ليس وثائق ومرويات تأريخية وان ما عليه تقديمه هو (رواية) كفنٍ سردي متخيل يأخذ بنظر الإعتبار ٱخر ماتوصلت إليه الجهود الروائية في معالجة الأحداث وفق تقنيات وٱليات جديدة تثري مرجعية المتلقي الجمالية ، كما أن هذا التنويه يعد إشارة إلى عدم التزام الروائي بحرفية الوقائع والشخصيات المستلّة من الماضي ، وخضوعها إلى الحذف والإضافة بما يضمن تقديم رؤية جديدة لتلك الوقائع مع الحفاظ على جوهرها المستقرّ في المخيال الجمعي ، وفي ذلك تجاوز لمهمة المؤرخ الملتزم برواية ونقل الوقائع والأحداث والشخصيات بحرفية عالية قد تخضع الموجهات تواجه إشكالية التصديق والتحريف في أحيان كثيرة ، وتجنباً لمنطقة اثارة الشكّ في مصداقية الوقائع ، فإن الروائي يلجأ إلى الحفاظ على جوهر الوقائع التي تحضىٰ باتفاق اكبر عدد من المرويات والوثائق ، ويكون له الحق بالٱضافة والحذف بما يدعم وجهة نظره وموقفه وفق تأويل تلك الوقائع والشخصيات ، ولعل تحقيق ذلك بأيام إلاّ عبر بوابة التخييل التي تمنح الرواية هويتها الإجناسية ، كما فعل الروائي أمير تاج السر الذي وجد في حوادث مواجهة الغزو الأجنبي لمدينة ( السور) السودانية التي كانت أول الاهداف الكبيرة لثورة دينية هبّت لطرد المستعمر وتطهير البلاد من الكفر والشرّ ، ووفق متخيل روائي اوجد شخصية ( ميخائيل القبطي) الذي تحول اسمه إلى ( سعد المبروك) بعد اعتناقه المعتقد الإسلامي الذي وجد في ممارسات الثورة الدينية التي وجد نفسه فيها مايتناقض والمعتقد ، عبر استحواذ قائد الكتيبة على (خميلة) خطيبة المبروك واغتصابها ، ولعل في تأويل الروائي أمير تاج السر لحوادث الثورة وانتقاد ممارسات القائمين بها من القادة خاصة ، إنما هو محاولة لتصحيح الأخطاء من خلال هذا النقد الموجه للثورة .
لقد كتب الروائي تاج السر رواية ( توتّرات القبطي) بوعي لممكنات الرواية وتقنياتها الإجناسية التي سمحت له لكتابة رواية تأريخية ناجحة تجاوزت فيها مهمة الروائي من التوثيق والأرخنة إلى الرواية الفنية التي تؤدي وظيفة البديل المعرفي الذي يعمل وعي المتلقي حسب ( كونديرا) ، وباعتماد الحوادث التاريخية كمادة للرواية ، فإنها _ الرواية _ لم تكن مرويات تأريخية بل رواية كفنٍ سردي يمتلك الحدود الإجناسية التي يفترق فيها عن الأجناس الأخرى . .
google-playkhamsatmostaqltradent