اقرار..
........
نعم :
أقرّ أني خسرتك ، وأعترف جداً بهزيمة رجل مثلي يعشق هزائمه ، بل يصفّق لها و يتبناها و يترك لها كل أرث يحملهُ .
نعم خسرتك و ليس بجديد أن أخسر ، لكن هذة المرّة للخسارة طعم أخر يصعب أن تتذوقيه ، نحن الرجال فقط من يشعره ، كيف هو ، و ماعمقه .؟
خسرتك من أجل حفنة أوغاد يطبلون لك فترقصي مغمضة العينين حافية على جمر أنوثتكِ باحثة عنها لحتفك الأخير .
لا أنكر تاريخي الأسود ككل الرجال ، كثيراً ما أمتهن الكذب ، و ترسو سفينتي في موانئ كثيرة حتّى باتت السّفارات تعرف سحنتي قبل ان تدمغ جوزات و تأشيرات مروري ، و كم مرة لاحظوا ختم شفتيك على ياقتي ،
و اتذكر تلك العجوز المتصابية الّتي أصرت ان تعرف سرّ تلك العضّة التي غرزتها بلحظة جنونك الكبرى على كتفي .
للرجال تواريخ أخرى غير التواريخ التي نحكيها و ندونها، قد نخجل من استعراضها حتّى أمام أنفسنا ، لكنّي لا أتذكر أنّي خجلت أن أبوح بها لك .
كل شيء منها و عنها ، ومع كل ذلك أقرّ بعظيم خسارتي .
أهنّئك ، فحسناً ما تفعلي و فعلتِ ، حسنا إن تذوّقتي كل الكؤوس الّتي قُدّمت لكِ ، فسكرتي حتّى قبل ان تشربي ، وأغمدت نصلك في لحمي حتّى قبل أن تتقدمي،
كنت مؤمنا و بسري ان هذا سيأتي، لم أخبرك به كي لا تتقولي و تقسمي و تحلفي ، لكن كيف لرجل جنوبي مثلي أن يقتنع بخيانة امرأة ، و يستكين لخسارته و خسارتها و هذا جلّ ما يؤرقني .
أعلم الأن و أنت تقرأين و تهزئين بسرّك من حروفي ، و بعدها ستوزّعين حرفي على قائمة طويلة تستحل يومياتك ، و تخبريهم واحدهم تلو الاخر أن هناك عاشق مازال يمرغ أنف حروفه ببخور حبك و يذوب خجلاً و يقرّ بهزيمته و خسارته لك ، ليباركوا انتصاراتك المتوالية ، ويفرشون لك البحر أسماك فضية ، و أنك جنية الليل السّاحرة و أول من كُتب لها كلمة أحبك على كهوف المدينة الفاضلة..
غريبون نحن الرجال ، أدرك أن هنا من سيلومني على قولي هذا ، لكن و كما تعلمين لا أبالي ، غريبون جداً نهرول و بسرعة جنونيّة لأشياء حتى لو لم تكن لنا ، نتسابق اليها مهما كانت النّتائج كفراشات تعشق احتراقها و موتها ، نعشق ارتطامنا و تحطمنا كمراكب قديمة تحطّمها تلاطم الامواج قبل وصولولنا لضفاف الشطآن ، نهرول مرات و مرات، و نموت مرات و مرات ، فكيف بالرجال الجنوبيين الذين اعتادوا امتطاء صهوة العناد و بخيول لا لجام لها .
نعم أعود مرة أخرى لأمر هزيمتي ، أود أن اعرف ما كان لون و طعم حبك لي؟
هل كان حباً مشرداً منفياً مثلي ،
مهرولاً بين الفيافي مرة و مرة بين الحقول ، راكضاً حول القطارات مرة و مرة حول المزارت و مرات حول الدجّالين و بيوت السّاحرات ، و قارئات الكف و الفنجان ، لكنّي و بسري أعلم لم يكن كذلك بهذة الحدة ، العزم و العنفوان ، فمثلك امرأة تؤمن أن الحب وجبة سريعة تناولها في مطعم شعبي و من خلفها صبيان الحي يتقامزوها فتنتشي معلنةً رايةَ انتصارها الكبرى ،
نعم مازلت أقر و أعترف بهزيمتي ، و أدرك أن هذا يخلق شيء من السّعادة بداخلك يرضي غرورك الذي طالما كنت تلوحين به كمنديل ابيض مبتل بحمرة شفاه و عطر مغشوش لتلامسي به جرح ملحي ، كم كنت أغضّ البصر و البصيرة عن كل هذا ، ممنياً نفسي بيومٍ تدركين به الحب الذي أكنّه و مازلت اليك...
الامر لن يقف عند هذا تأكدي هناك الكثير الذي وودت قوله ليكن شاهدة رفات لي او لحبّ كان يتيم الام ، و بصحوة أخيرة وجدت أن أوقف هذا النّزيف...
فلم يعد بقاؤك مجدي....
.
. حيدر غراس..العراق