ذا حالُنا يا أمّي
عبد الواحد السويح/تونس
---------------------------
كيف حالُكِ يا أمّي
أنتِ بخير
أنا أعرفُ أنّكِ تبتسمينَ الآنَ كعادتكِ وأعرفُ أيضًا أنّكِ تشعلينَ النّارَ لإعدادِ الشّاي وتقديمهِ لأبي وأخي.
كيفَ حالُ الشّاي عندكم وهل يشبهُ شايَنا الثّقيلَ؟
شايُنا مليء بالهمومِ يا أمّي وله مذاقُ اللّيلِ
لا تقلقي يا أمّي لأنّنا غِبنا عنكِ
نترقّبُ الصّباحَ دائمًا لنزورَكِ لكنَّ الصّباحَ كلّما أوشكَ على النّضجِ تلتهمُهُ الجرذانُ.
الجرذانُ مخيفةٌ يا أمّي، إنّها لا تشبعُ أبدًا. البارحةَ أكلتْ الشّمسَ، لذلكَ يغيبُ القمرُ يا أمّي
نحنُ في ليلٍ بهيمٍ نصطدمُ أحيانًا حينَ نمشي بكركدنّ يسقطُ فجأةً من السّماءِ
ونصطدمُ أحيانًا بجدران غريبةٍ
الجدرانُ تمشي يا أمّي وتأكلُ وتشربُ وتصلّي وتنام.
البارحةَ في المقهى حاصرتني أربعةُ جدران وتغوّطت جميعُها في نفس الوقتِ.
بحثتُ عن زجاجةِ عطرٍ أحتفظُ بها في رأسي، لكنّها كانتْ مجروحةً مجروحةً يا أمّي لذلكَ انتحرتْ وتركتْ لي رسالَةَ اعتذارٍ
نحنُ في ليلٍ بهيمٍ يا أمّي
لا أثر للضّوء ولا أثر حتّى للأثَرِ، نحاولُ جاهدينَ مخاتلةَ عصيٍّ غليظةٍ موجّهة بعنايةٍ إلى مؤخّراتِنا
ورغم ذلكَ
نحنُ
بخيرٍ
عبير نالت الدّوكتورا وابتهال تزوّجت مرّةً ثانيةً ومحمود بدأ يفكّرُ بالتّعويلِ على ذاتِه
محمود في العشرين اليومَ
يقفُ طويلا على ضفافِ البحرِ الأبيضِ المتوسّطِ، يرمقُ البعيدَ ويتركُ عينيه على سفينةٍ راسيةٍ هناكَ ثمَّ يعود.
هل حضر الشّاي؟
أبي يحبّهُ كثيرَ السّكّر
أمّا نحن، فقد استنفدنا كلّ ما لدينا من سكّرٍ
ولا حلاوة في الشّاي.
مارس 2021