recent
أخبار ساخنة

..تمظهرات الشعري ،، قراءة في تجارب ثلاثة شعراء.

..تمظهرات الشعري ،، قراءة في تجارب ثلاثة شعراء.

تميل الشاعرة علياء المالكي إلى تشفير معظم عوالمها الشعرية إرضاء لوجودين هما التواجد في الشعر/ الاجتياز وثانيا التوازن الزمني الذي توفره العوالم المخلَّقة التي تعود في مجمل أنساقها للذات الشاعرة ابتداء من العنوانات وهي تتشظى متسربة دخل جسد القصيدة/ الأمل والوجود المخالف والمشاكس وصولا إلى لعبة الشعر التي تسيل من ساقية الكلمات. 
ففي العنوانيين الأوليين نجدها قد أنجزت تيهها وضياعها المحبب عن عالم بدليل واحد متكرر ومعاد ما يجعل الذات النافرة تذهب بقوة الوجود المخالف إلى ما يجعلها مطمئنة للحظة التدوين على أقل تقدير. 
الشاعرة في العنوانين جهزت لوجودها المعرَّف بنى تنكيرية تعد أفعالا شعرية أولا وانتثارا واندثارا واختفاء ثانيا هذا مانجد مصاديقه في عنوان مثل ،، من أجل شيء ،، البعيد عن المعرفة والداخل في لعبة التنكير بشكل تام لما توفره هذه البنية من انتساب للكون الأوسع الكون العرفاني وليس البياني أو البرهاني وذلك بتضايفات حققتها الشاعرة في جملتها العتباتية مع محذوفات رغبت بها مسكوتا عنه لعناصر القتها في الريح كونها في لحظتها التي تتملكها / لحظة الشعري .
أو يظهر ذلك من العنوان العتباتي الثاني ،، سكرات ضمير مجهول ،، الذي يمكن حدس بنيته على حذف أسلوبي معاضد للتنكير أو بهذه المتضايفات وهي تقع خبرا لوجود أو ابتداء غائب . هذا مايشابه عتبتها الثالثة التي قد أتت بها مضمخة بالحذف أس شعريتها وسر وجودها المشاكس لعالم تستبدله بموجوداته بلحظة شعر تنتمي بكليتها إليها ،، القصيدة العاشقة ،، وماتضمره من حذف للابتداء هذا الفعل الوجودي الغائب والمخصب لفعل الشعري الذي يقف بديلا خالدا عن ثوابت وموجودات تضغط على روح الشاعرة. 
ولما تنتقل المعاينة من العنوانات بعدها منظورات عتباتية تنفتح على عالم النص فمنها مايكون أكثر ومنها مايكون متعادل ومنها مايكون ناكصا عن انثيالات الشعري نكون مع الشاعرة في مصالحة حقيقية تنم عن حذق ذات منتجة لمعادلات تليق بخروج عن أزمة وجود للحظة تدوين لحظية هاربة ، هذا ما تم تصديقه من أسلوبية استعارية اعتمادا على ظن التدوين ومجازاته التي تقتفي مسارين الأول يسعى لتحقيق الشرط الجمالي/ الفني ، والثاني وجودي وشخصي يسعى لايجاد نوافذ تهرب منها عينا الشاعرة في لحظة دلالات مخالفة ومشاكسة ، متخلصة بكل ذلك من المسارين وذلك بعدم الانتباه للبلاغية كون خلقها العوالم يتأتى برغبة صوفية تُوظف فيه العناصر ثم تمحى هذا ما قدمته الأنسنة الآتية من فعل أسلوبية التشخيص الاستعاري لكل مايقع تحت طائلة النظر من ذهني إلى حسي أو من حسي إلى ذهني استجابة للحظة الرؤية الشعرية الموجبة لكل ذلك مانجد مصاديقه في قصيدتها التي تحت عنوان ،، من أجل شيء ،، إذ تقول :
ويمر الشعر على ليلتي 
يتسلل من بين حبات المطر 
يرتشف عطرا. 
الاستعارات هنا قد حولت الذهني/ الشعر إلى دال يقوم بكل تلك الأفعال بعمليات اسنادية تصل بالشعر فنيا إلى غايته وللوجود وللذات الشاعرة إلى مبتغاها من مثل ،، يمضي الشعر ،، و ،، تبقى الكلمات ،، و ،، بوحدتها تنطق بالهمس ،، و ،، ترتجف من البرد. ،، و ،، يمضي السحر ،، .
ومن قصيدة قد جاءت تحت عنوان ،، إلى صورة ،، تكون لعبة التخلي والترك والانفضاض عن واقع بمحمولاته العاطفية ومرجعياته الثقافية وثوابته وتابواته فتحا للذات الخالصة والشفافة خلقا للحظة الصفاء الفريدة :
دنا وأخرج من جيبه الصورة 
فوقفت تائهة في مواله 
بين الوقفة والصورة 
موال آخر يجري في دمي. 
الشاعرة هنا تتخلص بلحظة صوفية عن مواضعات قارة ما يحقق الخلاص المنشود والهرب المحبب حتى عن عناصر تسكن المقدس الثقافي/ صورة الآخر الذي يأتي من الجب العميق بإغواء مادي ممثلة بفكرة الابن الجديد :
ابتسمَ في وجه ابنه الجديد معجبا
فابتسمت ُ لصورة 
غير هذه الصورة.

علي الشيال 
الشعرية ماهي إلا تمظهرات في اللغة والشعر كما يقول المفكر ،، ريكور ،، في كتابه ،،الاستعارات الحية ،، ليس هو إلا الشكل كوننا نحتاج كي نتشكل نائين بذواتنا عن ألعاب الفاعل والمفعول أو الشكل والمعنى أو المركز والهامش وصولا للحظة مكاشفة تبدأ منّا نائية عن صورة التابع الذي يقف على مبعدة من هذا الكون مكتفيا بسحت سخاء الآخر عن لحظة وصف خاسرة. 
الشاعر علي الشيال يؤثث عالم قصائده مغريا جملته الشعرية أو مقولته بنسغين متوازيين عالم خارجي بمرجعيات ثقافية متنوعة الأهمية مشاركا في ذلك ذوات جمعية تقع تحت التأثير عينه وعينتنا على ذلك موضوعية الحرب والحب مع ما تشتملان عليه من حمولات نفسية وعاطفية ابتداء من أول لمعة سيف كناية ماثلة عن الموت وعن لمعة خد حبيبة غائبة تقف دائما معادلا للحظة التحدي الوجودي للفناء كون الأنثى هي الخصوبة وهي القلب الراجف والنابض ما يقابل بعناد لحظة الموت الماثلة. 
هذا مانجده في ثِيَم الشيال الذي يحرص امتيازا عن تاريخية هذا الاستهلاك والتكرار ووقوع الحرب على الحرب وحافر السحق على حافر السحق وتراكم الحبيبة الحلم والاستمرار والوجود على شبيهتها في دورة زمنية لا تاريخية بل صوفية من إجادة الخالقين وحدهم كما نجده يقول في قصيدة عنوانها يأتي استكاريا ،، أو تعرفين ،، :
أو 
تعرفين وحدك من يجمع أشلائي 
من حروب عشتها وأعيشها وسأعيشها 
أو تعرفين 
طالما حدثت الجنود والموتى 
عن شفتك السفلى
نعم السفلى بالتحديد .
هنا نعثر على تقاطعات المصائر الشعرية وهي تراوح مابين انتمائها للجمعي وهو يشكل تذويبا للعنصر في ظلال غابة المهيمن ومابين انعتاقات دأب الخلق الشعري المختلف على توفيرها ضدا نوعيا يعلن انتصاره وذلك ببقائه منتجا شخصيا لذات شاعرة تتفرد عن سواد الاجتماع وذلك بتوظيف مجموعة من الحيل الأسلوبية التي تحفر في عمق متاهة التجمع تفردا مناسبا. 
يظهر كل هذا جراء القراءة الحدسية وهي تغور عميقا سبرا لنوايا في اللغة تهرِّب بأمان قارب الشاعر ابتعادا عن سفينة الناس وذلك برحلة اقتفاها الشاعر ابتداء من العام إلى الخاص من مشاعة الاجتماع إلى فقه الخاص والمتخلص هذا ما وفرته أسلوبية القيد تفلتا عن الوجود في المشاعية العامة مانجد مصاديق كل ذلك في بنية التساؤل الإنكاري ،، أو تعرفين ،، إنها لاتعرف كون المحاوِر يسكن في العزلة التي لاتوفر فرصة الكشف أو الإيضاح. أو يأتي الأمر ذلك من القيد الحالي المتمثل في الجملة الاستفهامية المحفزة على الوجود والمقترنة بقيد التفرد الذي توحي كلمة وحدك الحالية ،، أو تعرفين وحدك من يجمع أشلائي ،، وبالتالي يحقق تفرده من تأثيث الرحلة الشاعرة من العام/ الجميع إلى الخاص وحدك أو من الجسد بكامل مغرياته بوصفه كونا كاملا صوب جزئية الشفة السفلى. 
هناك في النص تشكلات وجودية متمثلة بالزمن/ زمن الحروب الذي قام الشاعر بسحبه إلى عمقية ذاته وجوهرية وجودة متخلصا من الزمن التاريخي بنكباته وانكساراته محاولا ترويض كل هذه المكابدات بأسلوبية بنائية تكرارية تجعل من خوض الحروب التي ينتمي قرار خوضها إلى استراتيجيات عامة إلى فعل شخصي وشعري :
من حروب عشتها وأعيشها وسأعيشها. 
ومن قصيدة للشاعر بعنوان ،، سيدة العنبر ،، نجد أن الشعرية منشغلة بايجادات عناصرها الخالصة بعيدا عن أزمان سياسية أو تاريخية وذلك بحركة وجود تقع دائما خارج المواضعات المادية مرورا عشقيا بصحبة حبيبته بغفلة من الحراس ما يعد هربا من الأمكنة المحروسة والمحرمة إلى أمكنة متخيلة أو من أعين السكارى التائهة وغير العارفة إلى لحظة تخط حذرة ومن الفضاءات الواسعة والعامة إلى أمكنة ضيقة تتمثل ب،، الدرابين الضيقة ،، إذ يقول :
هل تذكرين حينما كنا نهرب من أعين الحراس والسكارى في الدرابين الضيقة لساعات طويلة. 
وبهذا فان الشيال ينجح في تأثيث تجربته الشعرية التي تستعمل عناصر الوجود الجمعيه ولكن برؤى شعرية متفردة.

عمار عبد الخالق 
يحوز عمار عبد الخالق القدرة البصرية في جمع الشعري بعيدا عن النسخ أو عن تطابقات الفوتغراف هو يصنع لوحات داخل إطار عنوان ليس له أي صلة بما يدور داخل إطار هذه التجميعات البصرية المشكلة باللغة المشاكسة بحيث تصل بالمتلقي إلى حافة الهيستيريا من جراء غياب الدلالة بفعل واع ومخطط له وصولا إلى تفجير العالم ونثره شظية فوق شظية. 
لم يعتن الشاعر بالبلاغة رغم أن كلامه الشعري يزحزح العالم انطلاقا من حركة مجازات تتسم بالثورية الراديكالية هذا ماتوحي به صوره الشعرية التي تستند إلى التقانة البيانية ولكن بنيَّة اسنادية باطلة الامر الذي نتمكن بالحدس به بأن عمار عبد الخالق يحاول إنتاج متحفا للخراب مساويا أو ينوف لخرابات لاعد لها ولا حصر فهو يدعوك إلى الجملة ويخونك في إسناد يساررك في أمر ويخفي عنك جوهر مايريد أو فحوى ما يطلب الأمر الذي جعل الشاعر باث جمالي بامتياز لادانات لم يرغب في توجيهها لأحد كونه رافض لفكرة الآخر المتلقي في بنية الخطاب الشعري رافض لتسوية الخلاف بينه والعالم المحايث لذا راح يطلق على الجملة ذات الحمولات النحوية والبلاغية والدلالية عبوات ناسفة تفجيرا ليس دلاليا كما تريد اللغة لنفسها أن تتسع أو أن تبقى مهيمنا كونها وسيلة اتصال متسيدة مركزيا. 
إن الشاعر يحتج ويرفض لا عن طريق تشكيلات أسلوبية متفق عليها حتى غدت  
شفرات عامة هو يقوم بدءا بضرب منظومة التواصل نحو معميات تضمر ثورة على كل المواضعات التي وفرتها منظومات الخطاب هذا ماتشي به مدوناته التي جاءت بعنوانات تقع خارج معقولية الخطاب وشروطه فمن قصيدة ،،أحواض نسائية من الزئبق ،، نجده يشظي عناصر الكون برغبة تغيير مواضعات هذا العالم المتفق عليها : 
البطارية على وشك النفاذ 
حين يستقر بك النوى 
هنا يتحرك طابور النمل في رأس 
الكيلومتر عند الماء الغليظ رائحة 
التغطيات على دم النهار البارد. 
من هذا النص يكون الشاعر وبوعي تام قد قام بضرب منظومات الاتصال بين شروط التواصل وبين الباث أو الباعث وإلا ما العلاقة التي تربط الإسنادات التالية:
البطارية على وشك النفاذ / حينما يستقر بك النوى أو :
يتحرك طابور النمل في رأس الكيلو متر/ 
عند الماء الغليظ رائحة التغطيات. 
إنها رسائل احتجاج على هذا العالم راح يرسلها بمشاهدات بصرية ضربا لمنظومات البيان الواقفة مع ترابيات العقل المنضبط لتمثيل مشهد عشوائي بأدوات منظمة. 
أو نجده في قصيدة معنونة ب ،،العمة في مصيدة التسلل ،، والذي لايعد عتبة أو استهلال كما مطلوب من العناوين بل هو حجارة رفض مرمية استطاعت عين الراصد العابثة من التقاطها وادارجها ضمن منشورات تربو على أن تكون مانشيتات عريضة في جريدة سياسية معارضة إذ يقول :
أبواب حديثة 
عند ارتفاع أصوات 
المولدات. 
غمضت عينها من الحروب الأهلية 
متخثرة في رقصة الدم الأسود 
الذي قد ينمو من جديد 
بين آهات معامل البلوك 
وبين أسلاك العبودية. 
هذه مجموعة روبورتات احتجاجية يرسلها الشاعر إلى الفراغ كونها قد رفضت تجسير أي حوار وذلك من جراء ضرب بنية الخطاب المبنية على التواطؤ والاتفاق. 
أو نجده يقول :
اللافتات نباتات متفشية بأمتار مكعبة 
في متحف 
الأوصياء. 
وبهذا يوجه الرفض لمقدار التحجر الذي أصاب اللافتات وهي تحمل نباتات متشابهة متكررة تحفظ السلطة في متحف المقدسات. 
أو حينما يضع ذاته شاهدة بعدما يقوم باخراجها من حيز المتكلم إلى حيز المخاطب بدلالة ضربه منظومة الخطاب لذا فإن الضمائر كلها لابد أن تعود إليه في دائرة وجودية مقصورة عن العالم المرفوض والمتخلى عنه :
أنت شاهد على مانشيت السجود الأخير 
أنت شاهد على تجميد اللصوص في المزادات الدينية. 
أنت شاهد على الرغيف التجاري في غرفة الطوارئ. 
أنت شاهد على انزلاق حافة الوريد من شبكية الإطارات المعطوبة 
إذن 
إذن 
إذن 
الرأسمالية متجر للقداسة مؤقت.
إن الشعري يسكن هنا في مخالفة نوعية الخطاب محققا انزياحات خارج منظومات البلاغة باتجاه الوجود ورفضه مثلما رفض التابوات من عناصر أضفت عليها التواضعات هالة من القدسية وصولا لرفض النظام الرأسمالي كونه قد حافظ على ثبات تراتبية يحاول الشاعر بمتشواراته الشعرية نبذها ونقضها ورفضها.
google-playkhamsatmostaqltradent