- ذاكرة العشق -
كانَ شطُ الحلةِ يبتسمُ كُلَّما يستقبلُنا
ونحنُ نهرعُ إليهِ زُرافاتٍ زُرافاتْ
خلسةً من أَعْيُنِ حُرّاسِ صِبانا
الوجلينَ حَدَّ الهَلعِ
فترقصُ أمواجُهُ فرحاً
ويُهدينا طينَهُ الحريُّ
لنصنعَ منهُ ألعاباً شتى
سيارةً نوع لاندگروز
اطاراتُها من أغطيةِ قناني البيبسي كولا
وتمثالاً شامخاً لأبي نؤاس
وهوَ يحملُ كأسَ نشوتهِ
ويُنْشِدُ
يُنْشِدُ
يُنْشِدُ
حتّى الثَمالةِ
والشعراءُ يترنحونَ طرباً
في شارعهِ المرشوشِ
بقصائدِ الحُبِّ والغَزَلِ
كُنّا نرسمُ أحلامَنا
بكلِّ عفويةٍ وأمانْ
وكان الشارعُ الترابيُّ
الذي يفصلُ بين مَضاجِعِنا وضفافِ الشطِّ
يعشقُ آثارَ أقدامِنا العابثةِ
قبلَ أنْ تدهسهُ
عجلاتُ الفسادِ الحكومي
ليصبحَ كالأفعى
مقروناً بالإلتواءاتِ واللفِّ والدَوَرانْ
كانَ صديقي حيدر
الذي هو أبو حسن الآنْ
يتقنُ منحوتاتِهِ
وكأنَّها احدى الماركاتِ العالميةِ
فيندهشُ النهرُ
وكأنَّهُ يُصَفِّقُ بكِلْتَيْ ضفتَيْهِ
كُنّا لا نفقهُ ما حكمُ النَظَراتِ
الأولى.. الثانية.. الثالثة
كُنّا نرمقُ حبيباتِنا
وهُنَّ يُداعِبْنَ بسيقانِهنَّ الفسفوريةِ
مياهَ النهرِ
فكان النهرُ يصوغُ لهُنَّ
خِلخالاتٍ من التَغنُّجِ والعِفَّةِ
كانَ طريقُ العودةِ للبيتِ
آخرَ ما نراهُ في خارطةِ الوقتِ
كانتِ البَراءَةُ تسبَحُ بالقربِ مِنّا
لذلكَ كُنّا كُلَّما نعودُ الى بيوتاتِنا
في محلَّةِ گريطعة
نَجِدُ أمهاتِنا فَرِحاتٍ
ضاحِكااااااااااااااااااااااااتْ ..
*****
الويساوي / تركيا / فبراير / 2020