recent
أخبار ساخنة

الليلة ... حيدر غراس

الليلة
....
الليلة، الليلة، الليلة فقط اسمحي لي أن أتخلى عن سخريتي في الكتابة، لأكتبك وبطريقتي خارج نطاق النصوص وسياق المألوف، خارج قواعد اللغة، لأبتكر لغة خاصة لعلها تفيك بعضاً من أفيائك، لغة بعيدة كل البعد عن التشطير والتخميس وتخرصات النقاد وخيال الشعراء وانزياح السوارد وانثيالات التنصيص والتخبيص وتزاحم التناص..! 

لعلها محاولة أن أمسك شعر القصيدة المنكوش لأمرغ شفتيها بأقلام من خمر ودموع ، بلغة لا تصلح إلا لدوزنة الوتر الغجري في ربات أهل الغجر المنسية، 
لغة مغسولة بماء قراح النهر البصري حين تمد النخلة ساقها لتغتسل بعد كل قطاف.. 

لغة لايدركها سوانا ربما دوّنها يوماً أجدادنا في الألواح السومرية او الفرعونية والتي أعيت اهل الآثار والمستشرقين في فكّ رموز شفراتها الحادة كشفتيك لحظة( تمزيّهما) بأسنانك البيضاء

أتذكر مرة قرأت لأحدهم (صنعنا قنابل البحر على شكل نهود النساء كون البحر بلا نساء لايطاق) ولا أدري هل أضيف معرفاً آخر للغة حين أقول أن العمر بلا نهديك للآن لم يفطم، وأن حقول الرمان للآن لم تسترد استداراتها حينما سرق نهداك منها كل هذا الانحدار،
 
لك أن تدركي صعوبة مايختلجني كلما هممت بكتابة حرف فيك، صعوبة شامة في خصرك كل أمنياتها أن تملك جناحين لتحلق وتحطّ على زوايا سفلى من فمك..
صعوبة استقامة هلال مكتمل ليكون مظلة تمنع عنك الشمس التي لم تشرق في سمائه
وصعوبة انحناء رمح بدوي  كل مناه أن يكون قوس حاجبك ليتخلى عن ثأره الأزلي. 
محاولة سمكة أن تصبح حمامة لتسرق  غصناً أخضر تبني عشاً لبيوض لم تفقس، أو محاولة ذكر (زاجل) أن يغوص في البحر ليسرق حبة كافيار وعد فحولته يوماً فيها.. 

هل دار بخلدك يوماً كيف يكتب شعراء الجنوب قصائدهم، إنها تخرج باختصار ساخنة من فم التنور الطيني لتليق، كرغيف حار يليق بفمك
هل جربت أن تقشري المفردات وتنتقي اللب منها لتطعميها أفواه أوراقك السمراء ووببراعة طائر( الحب) الأصفر في حقل من السمسم..!

أعلم وتعلمين أن عملية الكتابة فيك ليست بالسهولة في مكان، كيتيم يبحث  عن وجه أمه في سوق المدينة التي تساوت فيها أعداد اليتامى والأرامل كلٌّ يبحث عن إله صغير يعبده وحين يجوع يتناوله بيديه بعيداً عن الشوكةِ َوالسكين.. أو محاولة شاعر شعبي كتب قصيدة قرأها على منصة مسرح في مدينة (صينية) تشابهت وجوه أهاليها،
الليلة..
والليلة فقط أين أنا منك.. أين أنت مني؟
اسئلة لعل غسان أجاب عنها في حرف لغادة، او جبران  دوّنها يوماِ في نص لمي، أو لعلّه ما تناساه كافكا في جنون ملينيا،
من مثلي لا يكتب الشعر، هي محاولة لتفليس الوقت ، تفريط حباته، ضم خرزاته لتصلح مسبحة بين كفيك.!
.
.. حيدر غراس /  العراق
google-playkhamsatmostaqltradent