recent
أخبار ساخنة

إلى بدر شاكر السياب محمد الماغوط

إلى بدر شاكر السياب 

                             محمد الماغوط

يا زميل الحرمان والتسكع
حزني طويل كشجر الحور
لأنني لست ممددا إلى جوارك
ولكنني قد أحل ضيفا عليك
في أية لحظة
موشحا بكفني الأبيض كالنساء المغربيات

لا تضع سراج على قبرك
سأهتدي إليه
كما يهتدي السكير إلى وحاجته
والرضيع إلى ثديه
وعندما ترفع قبضتك في الليل
وتقرع هذا الباب أو ذاك
وأنت تحمل دفترا عائقا
نزع غلافه كجناح الطائر
وأنت تسترجع في ذاكرتك المتعبة
هذه الجملة أو تلك
لنقصها على أحبابك حول المصطلى
ثم تسمع صوتا يصرخ من أعماق الليل ،؛
لا أحد في البيت
لا أحد في الطريق
لا أحد في العالم 
ثم تلوي عنقك وتمضي
بين وحول آسنة
وأبواب أغلقت بقوة 
حتى تساقط الكأس عن جدرانها 
وأنت واثق أن المستقبل
يقص بآلاف الليالي الموحشة 
والأصوات التي تصرخ
لا أحد في البيت
لا أحد في الطريق
لا أحد في العالم
هل تضع ملاءة سوداء   
على شارات المرور وتناديها يا أمي 
هل ترسم على علب التبغ الفارغة 
أشجارا وأنهارا وأطفالا سعداء 
وتناديها يا وطني 
ولكن أي وطن هذا الذي 
يجرفه الكناسون مع القمامات في آخر الليل ؟
تشبث بموتك أيها المغفل
دافع عنه بالحجارة والأسنان والمخالب
فما الذي تريد أن تراه ؟
كتبك تباع على الأرصفة
وعكازك أصبح بيد الوطن 

أيها التعس في حياته وفي موته 
قبرك البطيء كالسلحفاة 
لن يبلغ الجنة أبدا 
الجنة للعدائيين وراكبي الدراجات
google-playkhamsatmostaqltradent