محمد الماغوط
يا زميل الحرمان والتسكع
حزني طويل كشجر الحور
لأنني لست ممددا إلى جوارك
ولكنني قد أحل ضيفا عليك
في أية لحظة
موشحا بكفني الأبيض كالنساء المغربيات
لا تضع سراج على قبرك
سأهتدي إليه
كما يهتدي السكير إلى وحاجته
والرضيع إلى ثديه
وعندما ترفع قبضتك في الليل
وتقرع هذا الباب أو ذاك
وأنت تحمل دفترا عائقا
نزع غلافه كجناح الطائر
وأنت تسترجع في ذاكرتك المتعبة
هذه الجملة أو تلك
لنقصها على أحبابك حول المصطلى
ثم تسمع صوتا يصرخ من أعماق الليل ،؛
لا أحد في البيت
لا أحد في الطريق
لا أحد في العالم
ثم تلوي عنقك وتمضي
بين وحول آسنة
وأبواب أغلقت بقوة
حتى تساقط الكأس عن جدرانها
وأنت واثق أن المستقبل
يقص بآلاف الليالي الموحشة
والأصوات التي تصرخ
لا أحد في البيت
لا أحد في الطريق
لا أحد في العالم
هل تضع ملاءة سوداء
على شارات المرور وتناديها يا أمي
هل ترسم على علب التبغ الفارغة
أشجارا وأنهارا وأطفالا سعداء
وتناديها يا وطني
ولكن أي وطن هذا الذي
يجرفه الكناسون مع القمامات في آخر الليل ؟
تشبث بموتك أيها المغفل
دافع عنه بالحجارة والأسنان والمخالب
فما الذي تريد أن تراه ؟
كتبك تباع على الأرصفة
وعكازك أصبح بيد الوطن
أيها التعس في حياته وفي موته
قبرك البطيء كالسلحفاة
لن يبلغ الجنة أبدا
الجنة للعدائيين وراكبي الدراجات