عارف الساعدي
عائلتي ليست نوحاً ثانياً
ماذا ستفعل عائلتي
لو دخلت كلها إلى الجنة
وبقيتُ أنا وحيداً في النار
كيف يقتنع الأطفال
بهذه الجنة الخالية من الآباء العاصين؟
هل ستعيش بكامل سعادتها
لو نقصت هذه العائلة فرداً منها؟
ماذا ستنفعهم الجنة لحظتها؟
أكيد سيكتئب أطفالي
ولن تنفعهم أنهر الخمر بدوني
ولن يشربوا من نهر اللبن الذي يجري
تحت غرفهم
سينتظرونني قطعاً وأنا أحمل لهم
علباً صغيرةً من اللبن
من الأسواق القريبة من بيتنا
عندها سيرتوون أكثر من نهر اللبن المخيف في الجنة
ماذا ستفعل عائلتي وأنا بعيدٌ عنهم
سأقلب الفكرة كما يقول فارس حرام
سيدخل أبي الجنة
وأنا سأدخل النار أيضاً
ولكن ماذا يصنع أبي في الجنة بدوني
كيف يشرب قهوته العربية المُرّة من كف غيري
أبي وحده في الجنة
هذا أمر غير معقول
من سيجلس تحت أقدامه ليدلكها
لن تعرف الملائكة ماذا يريد أبي من نظرة عين
فكيف سيقتنع بهذه الجنة الخالية مني
وكيف سيغفو بقصره الواسع
وولده يشوى في جهنم؟
هو لم يتخلَّ عني في الدنيا
كان يركض بي إلى المستشفيات والأطباء حين أمرض
وكان يجس بيده على جبيني حين تصيبني الحمى
وكان يبكي في سره على أحلامي الضائعة
هو لم يتخل عني وأنا ولده النافر كثيراً
فكيف سيتركني وحيداً يوم القيامة
بيد ملائكةٍ غلاظ
هو من جاء بي إلى هذه الفوضى التي تُسمَّى حياةً
فارتكبتُها على عجل
أبي لن يتركني بيد الله وحيداً
لن يكون نوحاً ثانياً
سيدافع عني
وسيقول هو ولدي النافر الذي أحبُّه
دعه لي
سيقولها
سأتولى تربيته في الآخرة من جديد
أما أطفالي فلن يتركوني وحيداً بيد الملائكة
سيقنعونهم بأني أبٌ صالحٌ للعيش
وما هذه السجلات التي يحملونها ضدي
الا قصائد كُتبتْ في الأيام المرة
فسجَّلها الملائكةُ ذنوباً عليَّ
د . عارف الساعدي
شاعر واكاديمي عراقي