مُوتى بِأَجْنِحَةِ الخَرِيف
:::::::::::::::::::::::::::::::::
مَوتَى يَعِيشُونَ فِي مَنَاخٍ مُختَلِفٍ, طَقسٌ مَغْرُوسٌ بِالجَمَاجِمِ يَحرُسُهُمْ شَيءٌ بِدَائِيٌّ يَتَأَلَّمُ لَكِنْ لا يَتَكَلَّمُ, يَنفُخُ فِي بُوقٍ نُحَاسِي مُحَلّى بِطَعْمِ الرَّمَادِ, يَعزِفُ مُوسِيقَى الحِدَادِ. يَسِيرُونَ بِأَقْدَامٍ تَنْزَلِقُ فِي فِرَاقِ الشَّوَارِعِ, وَالأَيَادِي تَتَشَبَّثُ الأَسْفَلْتَ المَصْنُوعَ مِنْ جَمرٍ, يِنْزُ حِمَمًا. يَسِيرُونَ فِي شَارِعٍ مُكْتَظٍّ بِالغُرُوبِ, علَى جَانِبَيْهِ أَشْجَارٌ خَرِيفِيَّةٌ, وَبَعضُ المَقَاعِدِ الخَشَبِيَّةِ قَدْ اِمْتَلَأْتْ بِالذِّكْرَيَاتِ أَثنَاءَ غِيَابِ الرَّبِيعِ.. أَجِدُّ خُلْوتِي بِمِعْطَفٍ مُمَزِّقٍ, هَذَا كُلُّ إِرْثِ أَبِي, المَسَاءُ فَقَد لَذَّتهُ, وَصَارَ ثَقَبَا نُعَبِّئُ فِيهِ أَحْزانَنَا, وَنُكْتِّمُ الضِّحْكَاتِ بِهَوَاتِفِنَا النَّقَّالَةِ, وَهِيَ تَتَجَوَّلُ كَالسَّرَابِ, لَا تُهِمُّنِي العَثَرَاتُ, فَدَاحَةُ البُكَاءِ أَشَدُّ أَلَمًا مِنْ مَسَافَةِ الاِنْتِظَارِ. سَيَمرُّ الوَقتُ سَرِيعًا, سَاعَةُ يَدَيْ تَعْرِفُنِي جَيِّدًا, لا أَحَبَّ النَّظَرَ إِلَى عَقَارِبِهَا, وَأَنَا أُرَتِّبُ مَوْعِدًا علَى ضَوءِ القَمَرِ الأحْمَرِ, وَأَربُطُ السَّلَالِمَ بِبَعضِهَا, كَيْ أَصِلَ لِلشَّمْسِ وأَخْطِفَ مِنْ شُعَاعِهَا ضَوءًا ثُمَّ أَدُّسْهُ بِالقُبُورِ, بَعدَ أَنْ أَفْقَأَ عَينَ القَمَرِ.
....................................................................