وحين يموت المنطق تبدأ الحرب… .
ما زلنا نعيش نزاهة الروح وألق الانسانية…
أجمل مفاجأة اتلقاها من الاخ الناقد الاستاذ عبد الحسين ابو وهيب… وقراءة مميزة ودقيقة لنص سبعيني للفنان والشاعر كامل حسين حقيقة انبهرت حين قرأتها ..كبير شكري وامتناني له ..
……………………………………… .
قراءة في ( نص سبعيني ) أأقيم على حافة الهاوية من ديوانه للشاعر والرسام البصري المرحوم ( كامل حسين ) // عبد الحسين ابو وهيب
بما ان الادب هو الكلام البليغ الصادر عن عاطفة تؤثر في النفوس والذي يقوم على اسس التجارب الشعورية للانسان من قلق وحزن والم او فرح ومن مقوماته الافكار والعبارات المركبة بتشكيل صوري ايجازي ويسبقهم الاحساس والمعرفة اضافة للخيال المتلائم مع طبيعة وصف الشعور بتراكيب نثرية تعطي صور عميقة للحدث من خلال التعبير الاكثر ملائمة للاحساس بالموقف بمعنى خيال مصور للواقع كما يراه الشاعر بدلالة المعنى للحدث بمعنى التركيز على الجانب التعبيري الفني باعتماده على الصورة اللغوية ومضمونه العواطف والمشاعر الانسانية او هدفه الامتاع والتاثير وبما انني بصدد قراءة نص الشاعر المرحوم ( كامل حسين ) ( نص سبعيني ) وهي نص نثري لذا فان قصيدة النثر تقوم على التقرير التي تهدف الى التعبير عن الأفكار المستقاة من الاحساس العميق الذي يتمتع به الشاعر دون غيره بدلالة ما يُظهره من تعبير متتابع في نصوصه وربما من خلال نص او عدة نصوص او السياق العام له كثقافة يتبناها وبما ان النص سبعيني يعود الى حقبة السبعينات حيث كان النظام السياسي في العراق نظام أيدلوجي ظاهرا لكنه في حقيقته السلطوية استبدادي تقصي الايدلوجيات الاخرى وتقمعها والتي كانت تطالب بالتحرر من فكر الحزب واحد فُرض على المجتمع وخصوصا الطبقة المثقفة التي تم مواجهتها من قبل سلطة الحكم الفردي والايدلوجي نجد الشاعر كامل حسين ومن خلال نصه بانه رافض لهذا الفكر واي فكر اخر يتبع الاساليب القمعية ضد التحرر الفكري والانفتاح نحو عالم وحياة غير مكبلة , ففي نصه بحسب السياق العام له فيه جرأة في تعابيره النثرية لكنه في نفس الوقت كان ذكيا في اختيار العنوان للدلالة على الزمن الذي كان يعيشه وهذا بحد ذاته توثيق تاريخي لحقبة زمنية ايدلوجية قمعية مرت بالعراق , ثم يبدا النص بالتوضيح اكثر عندما يقول ( في زمن الحب المجزرة ) ففي تلك الجملة نجد التناقض بين الضدين وقد اجتمعا في زمن واحد وهما / الحب / يقابله / المجزرة فكان الشاعر مدرك لما يكتب تماما بحيث يريد ان يوصل من خلال تلك الجملة النثرية بانتقالة وبسرعة خاطفة والدقة بالتناقضية بين المجتمع المحب للحب والسلام والاداة القمعية التي وسيلتها القتل الجماعي , ثم أبدل الحب باسم الاقمار بدأ بالتساقط واحدا تلو الاخر في مشهد دراماتيكي عندما يذكر اسم المراة ( آخر قمر يسقط في حضن إمرأة ) بمعنى ان المرأة هي الضحية في اخر المشهد الذي يتوالى حين يكون القمر وربما هو كناية عن الابن او الزوج قد لفظ انفاسه وهو يتلو ترنيمة غير مفهومة لدى اهل الارض كأنه يشكو أو يئن بلغة اخرى في حضنها في . لكنه بنسق اخر يتحول الخطاب الى سيدة وهذه السيدة هي كناية مُطلًقة لكل من نُكِبت بابن او زوج او اخ او عزيز ويتساءل في هذا المقطع العجيب (سيدتي هل ثمة حرب في الأقمار ) لربما اراد ان يعرف هل ان الحرب وهذا الرعب له وجود في عوالم الاقمار وهنا نجد الشاعر يشكك حتى بالعوالم الاخرى التي يتغنى بها العشاق وهي الاقمار؟! وهو تساؤل يرافقه الوجل والخوف , وعندما يقول بتلك العبارة مخاطبا تلك السيدة التي تعني له شيئا مهما (تعالي بلثامك الذهبي فثمة أعمى يعزف من منخريه ) تعالي متخفية حتى لا يراك رجالات الامن لربما كان مُراقب من قبلهم لربما تلك السيدة هي حبيبته وهو يقول لها هذا لانه خائف وجلا عليها من ذلك الاعمى ( القاتل ) الذي لا يميز بين رجل و امرأة ( يعزف من منخريه ) دلالة على الوحشية وأختلافه الفسيولوجي والسيكلوجي والوحشية التي يتبناها ذلك الأعمى ومن خصائصه وهو ليس بأعمى البصر بل البصيرة لذا نجده في غاية الاحساس والخوف على حبيبته لانه يريد ان يخبرها بانه لربما يقع بين يدي ذلك الاعمى وتكون النهاية المقصلة ( القتل ) لذا يحثها على المجيء بلثام ذهبي حتى ليحافظ عليها ويميزها ليخبرها بكل ما في قلبه من اسرار وحب ولوعة وهي تبادله نفس الشعور قبل ان يدنو الطبال ويسقط , فهما حبيبين كأنه يستحضر الحب والنهاية بين روميو وجوليت .....
خاتمة //
النص رغم قصره لكنه يدل على ذكاء الشاعر والرسام كامل حسين إذ أرخَ لحقبة زمنية مهمة في تاريخ العراق من الاستبداد والظلم للسلطة الحاكمة في السبعينات وما كان يحدث فيها , اما من الناحية الادبية فالسياق العام يدل على ثقافة الشاعر وانتمائه الإنساني وحبه للجمال لورود ثيمات مثل / القمر / سيدتي / أحضان / الحب / كذلك تعدد الانساق في النص والانتقالات بين الاحداث والتوقعات بالاضافة الى الاستعارات التي اعطت للنص زخما مهما لفهم المرحلة الزمنية التي مرت وطبيعة الحكم االمستبد انذاك قبالة المجتمع الذي يتطلع للتحرر من ربقة الحكم المتفرد والايدلوجية الواحدة . وقد كُتبَ هذا النص عام 1976 وقرأه في احد المناسبات في وقتها لذا فهو كان تحت أعين رجالات الأمن آنذاك ...
نص سبعيني //
في زمن الحب المجزرة
تسقط الاقمار تباعا
واحدا تلو الاخر
آخر قمر يسقط
في حضن إمرأة
سيدتي هذا قمر حزين
يتلو قداسا غريبا
سيدتي هل ثمة حرب في الأقمار
تعالي بلثامك الذهبي
فثمة أعمى يعزف من منخريه
وثمة طبال….
يدنو من المقصلة
آخر عنقود يقطف سيدتي
فتعالي نتفا ضح
الأسرار تباعا
.......