recent
أخبار ساخنة

قراءة في الاعمال الشعريةالكاملة للشاعر رعد زامل-رياض عبد الواحد ‏

غير معرف
الصفحة الرئيسية


ثمة سؤال مركزي يلح علينا بنحو دائم ، هل الشعر مجموعة افكار تنتظم في قلادة مطرزة بماء الوجدان والضمير ، ام انه مجموعة عواطف مكتنزة في الذات تخرج الينا بقوة ارادتها ، ام هو جمع بين الاثنين ؟ .
تنتظم الشعر العربي من صيرورته مجموعة من العواطف والهواجس ، اذا انه ابتعد لفترات طويلة عن تحكم العقل وما يترشح منه   ، ويشذ عن هذا المسار بعض شعراء العربية من امثال المتنبي ،  والمعري  الذي اتخذ من العقل مدرجاً لانطلاق رحلاته الشعرية والشعورية . ولعل بعض من المهتمين بالشعر العربي يعيبون على هذا الشعر  ميله بنحو عام  الى العاطفة،  وابتعادة عن البصيرة بسبب من هيمنة الظروف الذاتية والموضوعية التي تحيط بالشاعر ،  مما ادى الى تكريس هذة البنية المثقلة بالنواح والندبة ،  او الحنين والشوق . لعلنا لا نجانب الحقيقة حين نقول ان الشعر الحديث امتلك ناصية الفكر ، وحاول الكثير من الشعراء الابتعاد عن الانفعالية المشحونة بالعاطفة ، و تخطي مرحلة العواطف والاقتراب من الطاقات الفكرية التي اسبغت على الشعر طاقة قولية جديدة وتحررت من قبضة النمطية ،  والجمود القابعين في تفكيرنا . ولا نجانب الموضوعية بقولنا ان الشاعر / رعد زامل / من الشعراء العراقيين الذين نسجوا على هذا المنوال الكثير من القصائد التي تعد قصائد فكرة ، اذ استطاعت ان تقول ما لايقال ، وتمكنت من عبور برزخ النمطية التقليدية الى مايحقق كينونة طافحة بما يفرزة الفكر ، وهو - بعد ذلك- واحد من الشعراء الذين يندرجون في هذا المهيمن الشعري انفاً . نحاول في هذه الرؤية لاعماله الشعرية ان نقف على مجموعة من الرؤى التي تتمحور حول مشروع الشاعر الشعري وهي :
1 - الفكرة وامتدادها في شعره .
2- تقنية البينة السردية. 
3- النزعة الكاريكاتيرية 
4- المعاناة  وماينضح منها .

لم تعد الاعمال الشعرية عملية تستيف لمجاميع شعرية بل هي نسيج شعري يمتد على طول جسد المشروع الشعري لاي شاعر . يعد الغلاف خطابا موازيا للمتن النصي لانه يمتلك بوصلة التوجية حيال الداخل النصي ، فهو يمسك بيد المتلقي ليدله على الجوانب الفنية المضمرة والمعلنة   اتخذت صورة الشاعر  - في الاعمال الشعرية الكاملة  للشاعر رعد زامل ،- مكانا مهما في الغلاف الخارجي بل اخذت معظم مساحتة ، واذا ماتفحصنا صورة الشاعر جيداً وجدناها تصطبغ بمسحة الحزن ،  وما فعلتة الايام . فنظرة عينية تحدق في الافق الابعد ،  وكأنها تستجلي ماوراء الافق . ظهرت البدلة التي يرتديها الشاعر باللون الاسود وهو لون الحزن ،  والفخامة ،  وظهر قميصة يميل الى اللون الرمادي الغامق الذي يعد من الالوان المحايدة فهو ناتج من دمج اللون الاسود مع اللون الابيض،  وهو يرمز الى الغموض والمأساة وكذلك يعني :  القوة ،   والوحدة ، والحزن وكذلك مشاعر الاحباط ،  والخسارة اضافة الى مايوحي به من الالتزام بالقواعد والنظام .  لذلك لا يحبذ المنافقون هذا اللون . اتسمت الخلفية باللون نفسة وينطبق عليها ما ينطبق الى ما  ذهبنا اليه انفا . ورد التجنيس في الغلاف الاول بنحو واضح تحت عنوان / الاعمال الشعرية / مقرونا بسنوات الاصدار للمجاميع الشعرية الممتددة بين 1999 _2019.
ويعد التجنيس مسألة تنظيمة مهمة للخطاب الادبي للوقوف على مقوماتة ومرتكزاتة الاساسية . اكتفى الشاعر في الغلاف الاول بصورتة الشخصية بدل عن اية لوحة ، ولعل الشاعر اوجز مايريد قوله ، او يعبر عنه بواسطة صورته الشخصية التي تمثل كل نزوعاتة الفكرية والشعرية . تضمن الغلاف الاخير كلمة للشاعر الدكتور سراج محمد اشتملت على رؤاه النقدية حيال منجز الشاعر بنحو عام . احتلت دار النشر مكانا في الغلاف الاول والغلاف الاخير ، وهي عملية اعلانية تنحصر في هذا الاتجاة فحسب . كنت ارى لو صنف الشاعر مجاميعة الشعرية حسب نشرها وافرد لكل مجموعة صفحات معينة لاستطاع المتلقي فرز التجربة بنحو ادق من وضع قصائد متفرقة ومختلفة في هذه الاعمال وقد يكون للشاعر قصائد غير منشورة في دواوينة لذلك التجأ الى هذا الخيار وهو محق في ما ذهب اليه .

الفكرة وامتداداتها في البنية الشعرية 
---------------------------------------------

تواجهنا ثيمة / الفكرة  / وارهاصاتها في اول قصائد هذه الاعمال وهي ( انجدوني ) .  تنم ثريا النص  عن صيحة ( الغريق) الذي يريد الخروج منها  بأي ثمن . نلاحظ  الشاعر وقد  استعمل الفعل / انجد / ولم يستعمل الفعل / انقذ/ لان الشخص الطالب النجدة يريد اغاثتة مما هو فيه ، و اعانته على التخلص من ما علق به .  يحاول النص رسم صورة دقيقة لاولئك الذين يرتبطون ببؤرة معينة ،  ثم يجدون انفسهم خارج السياق المدني للناس ، لذلك حين يتركون تلك المواقع التي كانوا  فيها يحاولون فرض عزلة على انفسهم 
                 في طريقة الى العزلة 
                  ظل يلوح كثيرا 
              حتى تساقطت اصابعة 

ان مستوى المفارقة الحاصلة في  السطور انفا تكمن في نغمة الندم غير المصرح به  . فعملية تساقط الاصابع  ،  وان استحالت عمليا نتيجة للتلويح المستمر بيد انها لا تستحيل شعريا ،  لان هذا المزج يفضي الى بعد انساني تشخيصي لما يؤل اليه الانسان غير المستقر نفسيا وفكريا 

                          هكذا 
                      خرج شاعر البلاط 
                 حافيا يقتفي اثر الصنوبر 
                 وكلما غرق في افكارة 
                  صاح : انجدوني 

نلاحظ - هنا - ان عملية الخروج من البلاط ذات نتيجة سلبية على  المستويات جميعا ، اذ ان دلالة شجرة الصنوبر هي الهم والقلق . فأقتفاء شاعر البلاط للصنوبر تحصيل حاصل لمعرفتة بما ستؤول  الية الامور حال خروجة من البلاط . اذن عملية  ارتفاع صوت الصياح / انجدوني / هي الصيحة المتوقعة نتيجة لما بذره شاعر البلاط بأنتمائة الى غير ناسة  ، ولهاثه وراء المتحصل من البلاط الذي يمثل الحكم والحاكم . اما نهاية النص  فتبقى ممهورة ببصمة اليأس ، والخذلان من المتحصلات التي لحقت بالسارد العليم ، وان كان القول بصيغة ال / نحن / بيد انه يعبر ايما تعبير عن الحال التي وصل اليها السارد الذي هو ايقونة الاخرين في هذا الاتجاه

                        ترى من سينجدنا 
                        نحن الذين احرقنا المراكب
                      من خلفنا 
                       وغرقنا على اليابسة ؟! 

هذه الخاتمة تلخص  لنا القضية كلها بنحو مكثف ، خلاصة تجربة شاعر عبرت بنحو دقيق عن متحصل نهائي بواسطة علامات اشارية مرمزة اريد لها ان ترشدنا الى ما الت اليه الامور الى الحد الذي يجعل من اليابسة قادرة على اغراق الانسان بظروفها القاسية . انها مرثية نفس عانت وتعاني مما يحيط بها من ظروف ذاتية وموضوعبة .

٢- البنية السردية 
‐--------------------
تعد عملية تسريد الشعر من العمليات التي اتخذت مساحة واسعة من الشعرية المعاصرة كونها لا تقتصر عل  الرواية ، او القصة ، لانها - في الاساس - احدى ركائز الخطاب اللغوي بنحو عام ، مما يعطي للخطاب الشعري مساحة اوسع في الحركة ، وتضفي عليه فاعلية تأثيرية  بواسطة الملاحقة الحديثة لهذا يمكننا القول ( ان كل نص شعري  هو حكاية )/ محمد مفتاح  / تحليل الخطاب الشعري  / ستراتيجية التناص  / ص١٤٩ / . ان ما سبق لا يدفعنا لتبني الراي القائل بان يأخذ الشعر المساحة الكافية من البنية السردية لكي يوسم بالبعد الدرامي ، لكن من الممكن ان يتضمن النص الشعري صدى سردي يتردد داخل البنية الشعرية الكلية . بمعنى ان بامكان الشاعر ان يسخر البنية السردية من اجل اكمال صورة البعد الايخائي للشعر . سنختار قصيدة  / قادم من اقصى المياه / لتوضيح هذا الغرض الذي اسلفناه . يبدا النصيص بنزوع سردي على لسان ساارد يصف شخصا قادما من اقصى المياه . لم تتضح صورة هذا الشخص ،ولا زمن قدومه  ، ولا المكان الذي جاء منه  ،وهذا ما اتاح للنص  ان يتحدد بواسطة جناحيه  / الرجل القادم ومكان قدومه / . كما ان / النصيص / اتاح لنا كمتلقبن ان ننفتح على ما هو متخيل  بسبب من مجهولية الشخص ومكانه . حين ندخل الى متن النص  ونتفحص على روية من الامر ،نرى ان السارد يصف نفسه بمجموعة من السرودات الموازية  ، بمعنى انه يحاول اسقاط رؤاه على الاخر بواسطة مجموعة من البنى السردية المتجاورة 

                   قادم من اقصى المياه 
                   اجر اذيال العطش

ثم يعيد الشاعر تركيب السطور اللاحقة  من اجل ان يكمل الدائرة السردية مع ما سبقها 

                        ادور حول نفسي 
                       صارخا في الاهوار

بعد ذلك يحاول الشاعر كسر بنية التدفق السردي بواسطة ادخال شخصية تاريخية  ، وتحويل لغة الضمائر من المتكلم الى الغائب ، ثم العودة الى ضمير الماكلم . هذه التقنية تحاول ان تجعل من السارد شخصية شاهدة على الاحداث ، وتفاعلاتها ،ويمكن له ان يسهم  فيها ليكون شاهدا فاعلا وليس مجرد مراقب للاحداث . ان هذا النوع من السرودات يعتني كثيرا بالوظيفة الاستشهادية للسارد Testimonials  ,   بمعنى عملية فرش العلاقة بين السارد وذاته ،وهي ما تطلق عليها جاكوبسن  ( الوظيفة الانفعالية  ) .

                       ادور حول نفسي 
                       صارخا في الاهوار : 
                       كلكامش ايها الجد 
لماذا تركت الحمير يخضمون عشبة الخلود  ؟

في السطور انفا تستوضح الوظيفة الايديولوجية للسارد ، بمعنى وضوح الهدف بواسطة اطلاق احكام عامة عن الانسان ، او المجتمع.  ويشتغل النص في الوقت نفسه على تقنية سردية اهرى وهي تفعيل البنية المتجمدة ، اذ يجمد السارد نفسه ليجعلنا نشعر ان المؤثر الخارجي قد استفحل عليه مما حدا به الى قطع التدفق الحكائي بعملية فصل ما هو واقعي عنوما هو خيالي او متخيل 

                             بدمي ايضا 
                          اخطبوط يثير الشغب 

ثمة ملاحظة  مهمة في تقنية السرد عن الشاعر وهي ان ذاته ذاتا مزدوجة  ، بمعنى انها تحمل صفتين في ان واحد  ،فهو السارد وهو ايضا  الذات المعنية  في لب الرسالة التي يريد توصيلها للمتلقي  . انه يستعمل المونولج الذاتي  للوصول الى هدفه 

                        قادم من اقصى المياه 
                        مثل سيل مندفع 
                       لاجرف كل سمكة تذعن للتيار 
                        واطمر كل شبر 
                        يفوح برائحة المكيدة 

تتحول البنية السردية الى وضعية جديدة متخذة من البنية الاستفهامية طريقا لها ،وكأن السارد يريد بهذا الإجراء ان يجعلنا في منطقة التوقع للامر الذي سيؤول 

                    ترى ماذا بوسع  الموجة 
                      ان تفعل 
                  في مثل هذا المستنقع
                 الذي يسمونه الحياة ؟

ان التساؤل - هنا - تساؤل مستفز ، بمعنى انه تساؤل قناعات لا تساؤل استفهام لانه لا ينطوي غلى محمول تساؤلي في ذاته ظمما يجعل من بنية الاستفهام بنية توجه مزدوج ، فهي تستفهم لتؤكد ،واخرى تستفهم لتعبر عن جوهر الفكرة المراد توصيلها ، وهي خيلة المسعى  ،وضمور الامل في كل ما يواجه السارد مما غلف النص بمسحة حزن شفيف  تتجسد بواسطة مجموعة الاسئلة المنطقية التي يطرحها السارد على نفسه وعلى الاخرين . ومع اقتراب النص من نهايته  ،يكشف لنا السارد عن قناعاته الراسخة بان الامور سائرة على غير هدى  ، وان من يعتلي هذه ااامور لا يفقه شيئا  مما هو دائر من حوله ، لهذا حاول الشاعر استعمال المحور الاستبدالي فاخذ،بعطي للحيوانات الدور الاكبر في رسم الاتجاه العام للاحداث ،وهذا خرق سردي متقن ، همه ترصين الفكرة الاولى وتثبيت النتائج في ضوء ذلك من اجل ان تستقر في ذهن المتلقي اطروحات السارد الفكرية عبر ما يترشح من قناعاته .

                   فلينعم الحمير اذن 
                 بعشبة الجد 
                 والغرقى بالشخير 
              وللضفادع ان تنعم ببركة الصمت 
             ولي انا اللاهث العدمي 
              ان اواصل الهدير 
              خلف الحياة 
            مثل موجة نافرة .

النزعة الكاريكاتيرية 
--------------------،
-----------،
تقترن ( النزعة الكاريكاتيرية ) بالسخرية  كأسلوب شعري يقنرن  بالرفض لما هو جار على   ارض الواقع من اجل تصحيح مساراته بنحو او باخر . ولعبت السخرية دورا لا يستهان به عند الكثير من الشعراء وبتباين يكاد ان يكون واضحا مرة ،ومبطن مرة اخرى من اجل استنهاض الهمم ،او تغيير حالة ما . فالسخرية تفجر في ذهن المتلقي صورا كثيرة ،وتستنهض فيه ما يمكن ان تستنهضه الاغراض الشعرية الأخرى. 

                   في البحر 
                 مررت بغرقى يشخرون
                قلت : ما بكم ؟
              قالوا : نواصل العيش تحت المياه
              ما دام الدم يغطي 
             ثلاثة ارباع الكرة الارضية .

انها صرخة بسخرية لاذعة لكل ما يحصل على الأرض من انتهاكات انسانية ، وهي محاولة استنهاض همم الناس من اجل ان تتوقف  عملية القتل المبرمج وتدمير الذات الانسانية بشتى الوسائل. 

                  ليس لي سوى 
                  امل بسيط 
                تحتضنه دجاجة الماء 
               منذ ربع قرن او يزيد 
             غدا يفقس املي
           ربما يصبح شجرة 
            او قنبلة ..  هناك 

لاحظ التهكم اللاذع ،وكيفية خلق صراع نفسي داخلي حين يثاب الانسان بالخيبة والخذلان الى ان تصل الامور  بان تُحتضن الامال بواسطة / دجاجة ماء / . هذا التهكم المر اللاذع يعبر عن خلجات نفس يائسة . فعملية / التفقيس / المقترنة بالامل ما هي الا عملية استهكام مما هو حاصل ،وادانة كبيرة للنكوص المهيم على الانسان المستلب ، والفاقد لكل ما يرهله لحياة كريمة تليق به . 

المعاناة وما ينضح منها
----------------------------
يشكل الالم والحزن ظاهرتان مهمتان في الشعر العربي بسبب من الضغوط الذاتية والموضوعية التي يتعرض لها الشاعر في نفسه او ما يتعرض له عموم المجتمع الذي يعيش بين جنباته . وقد استطاع الكثير من الشعراء ان يوظف هذه الثيمة في شعره بنحو او اخر مستفيدا من رؤيته ورؤاه لهذا الجانب .
 وعلى الجانب الاخر ،نرى ان المهمة الاساسية للشعر هي قدرت على التعبير عن يعتري الذات الانسانية من مشاكل ، وما يعيق خركتها الكلية في ان تبقى ضمن الداىرة الانسانية حرة كريمة ، غير مستلبة . واذا اردنا ان نضع شعر الشاعر رعد زامل في هذا المضمار فاننا نراه يتجسد بداية في ذلك التوازن الداخلي الذي يعطي للعقل مساحته التي يستحق من دون الانجرار وراء احاسيس طارئة او نزوات انفعالية حيال قضية ما بل هي مشروع نفسي يخاول الوقوف بعقل راجح حيال مشاكل الانسان 

                       انا الحوذي 
                    الذي سرقوا عربته والغيوم 
                   لا انذركم بالجفاف 
                 ولا ابشر بالمطر 
                ولكني بوجه 
                كل ليل ساظل صارخا : 
               ان ارخ سدولك
              ايها الليل 
             واسكب زيتك المسمى بالظلام 
           عسى ان تتوهج مصابيح 
         احلامنا المطفأة 

يفيض النص انفا بمجموعة من الصور الحسية التي تتيح لنا بنحو ظاهر ان نحس بذلك الاستلاب الواقع على الشاعر ، ومن ثم على الاخرين ،كما تكتسي الصور ببعد يتخذ من الحكمة والرزانة ما يؤهله لمناجاة الليل وما فعلت ظلمته التي هي في الاصل ظلمة الزمن . ولم يقف الشاعر عند هذه الحدود بل تجاوزها ليريم لنا عن قرب مأساته التي استلهمها من التاريخ عبر مأساة  الفيلسوف سقراط .ولم تقف معاناة الشاعر عند حدود الذات وما تجيش به بل امتدت الى مناجاة المطلق بنحو العتاب الواعي لما هو حاصل من انقلاب لكل القيم والاعراف 

      سبحانك
       اذ جعلتهم على خزائن 
       الارض 
       يتقاسمون 
       انهارك ونفطك والهواء 
      وسبحانك اذ جعلتني على المقابر 
     اكيل الدموع 
    والنعوش 
    والنكبات 
    ثم سبحانك قبل الحرائق
   فلقد نسيتني 
  ولما اشتعل الراس شيبا
تذكرتني 
فجعلت حصتي من ميراثك 
هذا الرماد .

هذه البنية الصادحة  تتبنى الاحتجاج مسلكا لها بواسطة مجموعة من المخمولات الحسية التي تتوالد في مهمين اسلوبي يتخذ من المعاناة طريقا له . يبدو الاحتجاج هنا احتجاجا عقليا كونه خارجا من بؤرة ،وصميم ما هو واقع فعلا ، بمعنى منح المتحصل الحياتي طعمه الطري والواقعي الرابض على دعامات الحقيقة . لقد ابدع الشاعر ايما ابداع حين مازج بين ماهو سردي وشعري من دون ان يفقد بوصلته في الوصول الى المبتغى .
google-playkhamsatmostaqltradent