recent
أخبار ساخنة

مقدمة ديوان حتى اتجاوز زهرة الفاوانيا للهايكست سعد برغش ... بقلم علي القيسي

مقدمة ديوان حتى اتجاوز زهرة الفاوانيا للهايكست سعد برغش 

حتى الأمس القريب يعتبر الهايكو جريمة العصر الأدبية ولعل الاستهلال بهذه المقدمة بهذا الشكل يبدو غريبا لكن الأمر هو كذلك أننا مجرمو الأدب الحديث بالرغم من قدم الهايكو الياباني ومن بعده الغربي إلا أننا عصاة الأدب الجدد فحراس المعبد من المستحيل تقبل هرطقاتنا عن الطبيعة وعن جمالها وفكرة التأمل فيها واتخاذ الهايكو شكلا شعريا غير مفهوما للكثيرمنهم خصوصا حين نقرأ الهايكو لمن يمتهن الادب القديم تراه ينتظر ماذا بعد النص أو يقول بسره أو بالعلن ثم ماذا بعد أن عبرت الفراشة الطريق أو جلست ثم طارت ثم حطت ومثل هذه المفردات الكثير ما تداوله صناع قصائد الهايكو عربيا أو بلغات أخرى . 

من ضمنهم كاتب الديوان سعد برغش الذي تجاوز زهرة الفاوانيا بمراحل عبورٍ عن كل شيء في الطبيعة وخارجها فهو الكاتب المتنوع بين أجناس الهايكو .

حقيقة أن البعض منهم يشعرنا أننا جئنا بدين جديد أو نحاول فرض الزن مذهب أدبيا جديدا وأننا يجب أن نُقمع لأننا نكتب قصار القصائد متجاوزين الإسهاب نحو الإيجاز المفرط وهذا فعلا تجرمه ذائقة النخبة الأدبية التي ترى في مكنونات أنفسها بأنهم (حراس المعبد) متناسين أننا اليوم في عصر نصوص (التيك اوي) المشبعة بتنوع المذاق وسرعة الهضم . 

ولعلنا من الذين لا نتذكر من اي قصيدة عمودية أو حر أو نثر سوى بيتا واحدا أو أكثر مثلهم فنحن لسنا في الجاهلية الأولى أو الثانية نتناقل القصائد بالحفظ .

ولأننا اليوم من اتباع (مارك ) الذي جعل العالم رقميا الى درجة كبيرة صار الحفظ عندنا كبسة زر على أي موقع لنقرأ النص الطويل أو القصير أي أن كل الاشكال الشعرية متشابهة على العالم الإفتراضي إنما القيود الفكرية هي من نتاج الواقع فالأمر شتان أن تقرأ على منصة ما قصيدة واحدة في عشر دقائق أو بنفس التوقيت تقرأ عشرة نصوص .

بعد هذه المقدمة للمقدمة صار من المهم أن أعرج على ديوان الشاعر سعد برغش الأول في الهايكو ورقيا و له تجارب الكترونية سابقة إلا أن للورق نكهة خاصة دائما عند أي شاعر. 

لا أريد أن أكتب مقدمتي عن الهايكو وبنيته أو خصائص بقدر ما أريد الدخول المباشر بنماذج من هذا الديوان الذي استوقفتني للتأمل فيها مثل هذا النص .

مستغرب مني
أنا أيضا مستغرب منك
أيها البيت الجديد

الجميل في هذا النص ان الشاعر يتحدث مع نفسه وما البيت الجديد الا مكانية محضة فهو يحاول في هذا النص كما لو استرجاع كل ذاكرته القديمة في البيت القديم بتضاد عن الزمكانية الجديد بكامل شعوره بالغربة بعض المنظرين العرب يعتقد أن خصائص الهايكو الشعورية قد لا توجد إلا بنصوص الطبيعة بالتالي يحاول أن لا يجعل لنص المودرن مثل هذا النص مجردا من الخصائص الشعورية لكنه لا يعلم ان الشعور بالنص للكاتب يستطيع ان يزرعه باي نص سواء كلاسك أو مودرن أو باقي أنواع قصيدة الهايكو وأن الحديث عن الغربة والعزلة يمكن الإشارة لها دون الوضوح الفاضح. 
  
دوران الناعورة
لا يعني أبدا أبدا
جريان النهر

ربما شخصية الشاعر دائما حاضرة بالنص بأي شكل من الأشكال وهذا جلي بأن يجعل الشاعر من نفسه الناعورة التي تدور بالخواء بلا طائل الشاعر هنا يحاول وصف مجتمع من الكادحين الذين أعمالهم لا تسد رمق العيش كما تلك الناعورة التي تسف جفاف قاع النهر لا تثري الأرض ولا تنشر الخصب إن الترميز في الهايكو شاسع لا أود الخوض فيه فالنص رهين المتلقي يراه كما يريد والتأويل توجه عام للمتلقين إلا أنني من ذات بيئة الشاعر أفهم قصد النص وأعكسها على العام الغالب من الكادحين ربما كالشاعر وهذا جلي فالإبداع لا يولد إلا من رحم الناعورة التي تسف الخواء.

لذا ساكتفي بهذين النصين الذين ستجدون منها الكثير في ديوانه حتى أتجاوز زهرة الفاوانيا اترك لكم متعة القراءة التي حصلت عليها قبلكم وأنا أعد مقدمتي هذه عن شاعر مثابر جدا عرفته منذ بداياته صياد ماهر للمشاهد 

 الهايكست 
علي محمد القيسي
 مؤسس رابطة هايكو سومر 
ومؤسس منتدى نبض الهايكو
مؤسس مختبر الهايكو
google-playkhamsatmostaqltradent