recent
أخبار ساخنة

دراسة قدمها الأستاذ مؤيد عليوي لديوان (أحزان صائغ الطين)للشاعر جبار الكواز

غير معرف
الصفحة الرئيسية

مؤيد عليوي

تنبلج شعرية الشاعر جبار الكواز في ديوانه ” أحزان صائغ الطين ” بقوة وضوح المدلول، التي تجاوز فيها الشاعر العربي ح وجود الانسان وفلسفة هذا الوجود في ثنائية الحياة والموت بشكل عام ليكون الديوان نبراسا لجميع الام والآمال الأنسان الضائعة يعلم أو لا يعلم ذاك الأنسان، وهذا مصدر حزن الشاعر جبار الكواز في تسمية ديوانه ” أحزان صائغ الطين ” نسبة الى الكوّاز= صائغ الطين، الذي يفخر الطين أو يصوغه ليصنع أواني فخارية للاستعمال اليومي حينذاك، وهو لقب الشاعر فيكون عنوان الديوان ملتصق بالشاعر تماماً كما التصقتْ معاني النصوص والديوان بإنسان أرض الرافدين وطينها الذي خُلق منها، كما التصق اسلوب الحكم بالعراق منذ كلكامش أو نبوخذ نصر أو حمورابي أو آشور بانيبال أو السلطان أو الملك أو الرئيس، بالدكتاتورية والحروب والقتل والاعتقالات والاعدامات والظلم الاقتصادي في نهب الثروات والاحتلالات، حتى غدا التاريخ يتنفس دماء الأبرياء والفقراء على هذه الارض مما حدا بالشاعر أن يسأل أو يلمّح بسؤال أحيانا، عن محنة الوجود في أغلب نصوصه سؤال مَن يعلم بالجواب من خلال رفضه فكرة الموت عندما عرضها في جميع الديوان هو رفضه للحروب للظلم الاقتصادي رفضه للواقع بالأمس واليوم، حيث يبوح نص ” مِن أيام محنته ” :
((غيرك فصل كلماته على عقال ابيه / وجارك حرث الماء ليوقد نسل الاموات / وصديقك أقبس ودك حسدا /فكيف تجمع هذا في حفنة أيام / وثلاث سنين /مالا تريده أحد /وما تريده مدد / فهذه الحياة قنطرة / وكل مَن مرّ بها قد غاب / دعنا اذن نحملها جمعا / فربما تهاب / من ضجيجنا وتُغلق الى الابد /)) ص 156 – 157 ،
وفي نص “محطات ” والانسان بينَ حربينِ حربه للبقاء وحرب الساسة لموته :
(( محطات / لها نكهة الموت / فاكهة من شتاء قديم / وتلويحة فارقت كفها /في سجل الدخان / واجراسها / بشر رائحون/ بشر قادمون / حقائب ترقبها الارصفة / يطل المسافر من جوفها /… ))ص 45 فكيف يعبر الانسان تلك المحنة محطات الحروب ،ففي طريقه يحاور الانسان اخاه في محنة الوجود، من نص “سنمار ” : ((- كيف عبورك والافق دم؟! / – وعبورك يا فان ؟! )) ص 92 . وفي نص ” حينما في الحلة ” (( أغثنا يا غياث الصارخين /أكان لزاما علينا ان نسير من طف الى طفوف؟ / اماه لنا اخت بلا نهدين فكيف ساعة إذ تزف ؟ طف ،طف، طف ))ص76 ويأخذ هذا المقطع من النص فضاءً فكريا من النص من خلال المستطيل الغامق الذي يحتوي المقطع دون سطور أخرى طبعا تتصل ببعضها ، ليعيد أسئلة الحروب والدماء ، بمعنى الى متى ؟ متحديا الموت نفسه حين قال الشاعر : (( مذ صار ظلنا يغتسل النخيل / شح الغيم وكفّ / ولم نصل بعد الى النجف / ..))ص 76 ،وفي مقطع اخر منه يعاود الشاعرُ السؤال : (( ما مرّ عام والعراق ليس فيه طف / فكيف ننهي دورة الطفوف واختمُ / الافادة : بقول ما خولني الاحياء والاموات / مرددا بيت ابي فرات / (ولما حمت الاقدار القت بهم جيف البطون الى العراق ) / أماه لنا أخت بلا نهدين فكيف ساعة أذ تزف ؟ / طف ، طف ، طف / ملاحظة : ضبطه الافادة وبصم الشاهد الشهيد بدمه توضأ وصلى ركعتين / في القصف في الساعة التاسعة والنصف من صبيحة الاثنين الموافق الاخر من شباط الاسود عام 2005 من قبل الكاتب جبار الكواز ))ص 77 . وفي نص “نكاية بعين ميم ” يمر على يهود العراق وطقوسهم أبان العهد الملكي من خلال الشاعر أنور شاؤول الشاعر و”عين ميم” الذي هو عزرا مناحيم، إذ جاء في نهايته : (( ../ وبابلُ تُقتل صبرا حين تغني وتصلي )) ص 172. إلا أن أحزان صائغ الطين تأخذ معنى الواقع حزنا عندما قُتل الروائي والاكاديمي د. علاء مشذوب في كربلاء قبل أيام اذا علمنا ديوان “احزان صائغ الطين ” كان صدر سنة 2018 من منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وهذا ما جعل شعرية الشاعر جبار الكواز تتجاوز أدونيس كما تقدم ، اذا أغلب شعر ادونيس يرى الواقع ولا يعيشه وهي رؤية صحيحة في أغلبها، لكنه لا يتنفس ألم المجتمع اليومي، وتستمر إشكالية وجود الانسان بين الحياة والموت عموما في ديوان الشاعر جبار الكواز ، كأنه يقول اذا كان التاريخ كله دم وجوع فماذا جنى الذين مِن قبلكم لمّا قتلوا وجوعوا الناس، لماذا هذا الاصرار على هذا الدرب ؟!! .

google-playkhamsatmostaqltradent