قراءة معرفية في نصي ( سكون الليل ) و ( تعال نقتسم حكايات الليل ) من ديوانها (تيهٌ بمحراب العناق)
للشاعرة الواسطية العراقية ( ظلال محمد الشبوط ) / عبد الحسين الشيخ علي / أبو وهيب
الشاعر او الكاتب يعتبر مرحلة انتقالية ما بين الشعور والاحاسيس التي تتضوع في داخله ثم بعد ذلك يبحث لها عن متنفس بين الاجناس الادبية التي يتبناها لِيكَون لنا جملا شعرية ومن ثم الى نصا شعريا يعبر فيه عن موقف الانا في نهاية المطاف عندما يظهر الشعور او الاحاسيس العاطفية مكتوب على الورقة ويراه ويقرأه المتلقي واعتبر الشعر بشكل عام عاطفي بالرغم من الاختلافات في المعنى او الغاية لكن التعبير في النهاية هو من يجعلنا نميز بين الرومانطيقي ( الرومانسي ) والاجناس الاخرى من الادب من خلال قراءة الشاعر من خلال نصوصه الاكثر شيوعا , وبما اننا بصدد قراءة نصوص الشاعرة ( ظلال محمد الشبوط ) فقد وجدت انها تميل في الكثير من نصوصها الى الرومانطيقية ( الرومانسية ) لان تلك المدرسة تعطي فسحة واسحة للتعبير عن الذات لذلك فأنّ الشعر الرومنطيقي لم يكن انعكاساً للسياسة وحدها بل كان مرتبطاً بالوعي المتنامي بالأوضاع الثقاقية والاجتماعية التي تدور حول حياة الفرد الشخصية وشوقه للتعبير عن دواخل النفس بعيدا عن الثورية والتفاخرية والتراجيديا حيث يمتاز الشعر الرومانسي بصدق التعبير واتساع الخيال والتدفق العاطفي كما لاحظناه في نصها الاول ( سكون الليل ) نجد ان عامل الذاكرة يتفعل لديها حين يزدلف الليل في عمق سواده وتغط النفوس في سباتها فتجد نفسها محاطة بتلك الذكريات مع ذلك العاشق الذي وصفته ( بعابر سبيل تاه بين الدروب ) وهي تقلب ذكرياتها واصفة حركاتها حين تمر لمحته على عجالة وهي تداعب خصلات شعرها وهي مستلقية على وسادتها تتنهد وتاخذ نفسا عميقا لعلها تغفو على وقع لمحاته .
وفي نصها الاخر ( تعال نقتسم الحكايات ) نجدها اكثر وضوحا في التعبير الذاتي العاطفي لكن بشكل خطابي شفيف يعبر عن الحاجة بصدق وعفوية بخيال يعتريها لتتقاسم مع من تراه مناسبا لها في تبادل المشاعر الصادقة بعيدا عن صخب الحياة بكل مسمياتها وهو حلم كل امرأة تريد ان تجد نفسها بين انفاس رجل يقاسمها الحكايات ويعطيها من الحب والحنان وتقابله بسيل من العواطف وعطاء باذخ كما وصفت ,
تعالَ نقتسمُ الحكايات
أنتَ تكونُ لي
وطناً اخضراً
وأنا أكون فوق شفتيكَ
تيناً
وهذا يدعونا للتامل اكثر في الغاية المنشودة في النص فهي ترى ان الرجل الصادق النقي وطنا وهي الغاية بعينها وملاذها وغاية ما تتمناه وتريده لانه يمثل لها الامن والامان وهي بالمقابل تفصح عن ذاتها لون ان هذا الامر تحقق فستكون له كما يريد بل اكثر من العطاء العاطفي الذي يمنحه السكينة ونجد تلك العاطفة الجياشة لديها بتكرار كلمة ( تعال ) وهي دلالة على الحاجة الملحة والمعاناة بنفس الوقت وكما وصفت ,
تعالَ نقتسمُ
الحبَ
الربيعَ
الهديل
الأغنيات
فما زال فينا بقيةً من نشيد الطفولة
في محاولة منها لقرع اجراس الشوق لديه وان تقادم العمر ففي دواخلهما عذوبة الطفولة وبرائتها في التعبير وصدق المشاعر , لذلك نجد النص في نهايته فيه وجل وخوف من تفاقم الغياب حتى انها بدت توجه تعابيرها بصيغة اللعن لهذا الغياب وتعتبره حالة غير منصفة وغير طبيعية لتلاقي كل حبيب مع حبيبه لاكمال ما تبقى من العمر حين قالت " (فلنلعن الشوقَ ، والغيابَ ولنحيا بالحبِ ) وهي مناداة اخرى وربما وصلت حد الاشفاق على حبها وشوقها المتدفق خشية ان يذهب هباءا منثورا , لذلك نجد التلاقي يمثل لها حياة اخرى حياة مليئة بالحب والسعادة وولادات جديدة لحياة اخرى كما تراها وتتخيلها كينبوع ماء عذب فرات سائغ للشاربين فالزنابق في اخر النص ربما تدل على ولادة جديدة وحياة مستمرة لكليهما في تحقيق الغاية المنشودة لكل حبيبين كذلك اليمامات تعبير مجازي كالزنابق وهما كناية عن ميلاد اخر ...
خاتمة //
يعتبر النصين من النصوص الادبية النثرية وقد حاولت الناصة اظهار الجانب العاطفي الانثوي من خلال صورها النثرية التي تعبر عن حقيقة مبهمة لدى الكثير وهما موغلان الى حد ما بالرومانسية الانثوية كتعبير شعوري لدى المرأة المتحررة من قيود العرف السائدة بما تراه مناسبا كنص معتدل يعبر عن عاطفتها التي اختزلها المجتمع في حدود معروفة لذلك نجدها تحاول كسر تلك القيود بطريقة سلسة مقبولة لدى من يعرف بالادب النسوي وحقيقة الشعور لديها ....
سكون الليل //
لم يكن غريباً
على سكونِ الليلِ
أَن تُمرّغني به انفاسُ الشوقِ
وانا اداعبُ خصلاتِ شعري
المتناثرة على الوسادةِ
تذكرتُ ذاك العبث ،
اناملكَ التي تستفزُ انوثتي
كما الساحر الذي
يسيطرُ بلحنِ نايه على
عنفوان أفعى ..
مرَ لمحكَ على عجالةٍ
أبى ان يبيتَ ليلتهُ عندي
كعابرِ سبيلٍ تاه بين الدروبِ
أيقظ ذكرياتي
وتركني أُهدهدها بين ذراعيَّ
علَّها تغفو بسباتٍ طويلٍ
تعالَ نقتسم الحكايات//
تعالَ نقتسمُ الحكايات
أنتَ تكونُ لي
وطناً اخضراً
وأنا أكون فوق شفتيكَ
تيناً
وعسلاً
ومروجاً
ترقص لها الفراشات
تعالَ نقتسمُ
الحبَ
الربيعَ
الهديل
الأغنيات
فما زال فينا بقيةً من
نشيدِ طفولةٍ ،
فلنلعن الشوقَ ، والغيابَ
ولنحيا بالحبِ
حتى تُزهرَ في حقولنا زنابقَ
وترفرف من حبنا اليمامات ..