recent
أخبار ساخنة

(( النقدُ .. بين الحقيقة والمجاملة ..!!))


عبد السادة البصري "عمودي في الصفحة الاخيرة لمجلة الشرارة العدد 138 في كانون الثاني 2021 ،، وفي الصفحة الثقافية لصحيفة البيّنة الجديدة يوم غد الأحد 17 كانون الثاني 2021 ،،،، محبتي لكم"

        
(( النقدُ .. بين الحقيقة والمجاملة ..!!))

الكلُّ يعرفُ إنّ النقدَ عمليةٌ إبداعيةٌ موازيةٌ لعملية خلقِ النصِّ بكلّ أشكاله وأنواعه ، فالناقد حينما يقرأ نصاً ما ، ويبدأ بالكتابة عنه يكون في حالةِ خلقٍ جديدةٍ لنصٍ آخر يوازيه ، بل يتغلّبُ بعض الأحيان عليه ، هذا إذا كان النقد حقيقياً ، كونه عملية سبر أغوار النص والتغلغل بين زواياه من أجل الانبثاق بعمليةٍ هي الأجدر أن تكون نصاً إبداعياً آخرا ، لهذا تجد المبدعين من شعراء وقصاصين وروائيين ومسرحيين وغيرهم ينتظرون ما يدلو به الناقد بعد نشر نصوصهم بلهفةٍ كبيرة ، لكنهم يُصدمون ببعض المقالات النقدية المجامِلة التي لم تمنح النص أحقية القبول أو الرفض ، فيسعون إلى مقالات أخرى ، إذ أنّ كلّ واحدٍ منهم ــ اقصد الكتّاب والمؤلفين ــ ينتظر ما يجيء به مقال الناقد من تصويبٍ وتقييمٍ حقيقيّ لما كتبه ، فالكاتبُ الحقيقيّ ينتظرُ كلمةَ نقدٍ حقيقية كأن تكون معه أو ضدّه ، لأن النقدَ تقييمٌ وتقويمٌ وعمليةُ خلقٍ وابتكار وتوجيه بوصلة الكاتب كي يعرف أين يضع قدمه في خطواته القادمة !!
لكننا نجد البعض من نقادنا للأسف يذهبون بعيدا في كتاباتهم التي ترسو عند شواطئ المجاملات والاخوانيات والمصالح النفعية والشخصية ، فحينما نقرأ تبشيرا بموهبة ما ، وعند قراءتنا لما جاءت به هذه الموهبة المزعومة نجده تسطيحاً وتسفيط كلام ليس إلا ، وبعض الأحيان تكون الكتابات التي بشّر بها مسروقةً من هنا وهناك ، لكن ناقدنا الجهبذ صنع منها موهبةً لا لشيءٍ يُذكر سوى غايته التي لا نعرفها أول الأمر لكنها تنكشف بعد فترة من الزمن ، حينما يعود لينسف ما قاله في مقالته التبشيرية ويصف هذا / هذه الموهبة المزعومة بكل ما لديه من كلام مغاير !! لهذا أدعو البعض من نقادنا إلى التأني والدقّة في أحكامهم ، وعدم انجرارهم وراء الأهواء والمجاملات وبالأخص عند كتابتهم عن البعض ممن لا يملكون أدنى مواصفات الموهبة الإبداعية ، وان يكونوا منصفين في كتاباتهم وعادلين ومبدعين بحق ، لأننا نعرف أن كل جيل مبدع يظهر ومعه نقاده الحقيقيون ، لكننا في الآونة الأخيرة وجدنا هذا يركض وراء أهوائه وشهواته ، وذاك وراء حاجته المادية والإعلامية والشهرة والمنصب ، دون أدنى التفات إلى حقيقة النقد وما نريد منه أن يكون !! وللأمانة أقول:ــ هناك نقاد حقيقيون مبدعون وملتزمون بموهبتهم النقدية ، حينما أقرأ لهم أجدهم قد دخلوا النص ليخرجوا منه بنص إبداعيٍّ يضاهيه إذا لم يتفوق عليه ، وهؤلاء هم الذين نبحث عنهم ونحتاجهم دائما ، لا الذين يتركون أقلامهم تكتب ما تشاء مجاملة واخوانيات ومصالح !! 
النقد الأكاديمي يختلف طبعا ولسنا بصدد الكلام عنه لأنه محكوم بمعايير خاصة وتقويم وتقييم من لدن الأستاذ المشرف على كاتبه !! 
وأريد أن انوّه إلى إنّ البعض من الشعراء أخذ يكتب النقد بشكل حقيقي بعيداً عن السطحية والبساطة ، لهذا جاءت مقالاتهم قريبة من النصوص الإبداعية وصنعت منها نصوصا اكثر ابداعاً كونهم الأقرب إلى مغاليق النصِّ حتماً !! وكي أكون دقيقا جدا ، نحن الآن بحاجة إلى نقاد حقيقيين جداً يصنعون من الإبداع إبداعاً اكبر ، ويبشرون بالمواهب الحقيقية ، كما يؤشرون الغثّ من السمين ويفرزون السارق والمنتحل والمشتري لنصوص أخرى ، لأن الساحة امتلأت بمن هبَّ ودبَّ دون أدنى التفات وانتباه إلى المعايير الحقيقية للإبداع في مجالاته شتى ، ولا للأمانة الأدبية والإخلاص للمعرفة والوعي واللغة ومفاهيمها أيضا !!
علينا كنقاد حقيقيين أن نقول الحقيقة مهما كلفتنا من خساراتٍ لأننا في آخر الشوط سنربح ونكسب مبدعين حقيقيين حتما !!
google-playkhamsatmostaqltradent