(1)
كَمْ مرَّ مِنَ الأَزمانْ
وَأنا كَصيّادٍ يُبْحِرُ في المَخْطوطاتِ
( مَخْطوطاتٍ للحبِّ وأخرى للمَوتِ )
أُحْصِي المُدُنَ الباقيةَ ( بابلَ ، دلمونَ ، الحيرةَ ، سومرَ ،
وَأكدْ )
وَالمُدنَ الزائلةَ ( نَحْنُ )
وَتاريخَ الأشخاصِ ( مُلُوكاً ، صَعَاليكَ ، غُلاةً ،
شُعراء )
مِنْ كلكامشَ إلى عَبْدِ الأَمير ....و .... و .... و
( وَلا تاريخَ إلاّ تاريخُ الأَشخاصِ )
أَتَهَجَّى أَبْراجي بِكآبةٍ
كأَنّني عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنْ هذا العالَمْ
أقفُ ... !
( وَما في المَوْتِ شَكٌ لواقِفٍ )
أَتَأمّلُ أَنقَاضِي بِبَراءةِ طَرفةَ بنِ العَبْد
فَلا أَرَى غيرَ حاطبٍ تَلُوكُه حَوافِرُ
العَنْقاء
وَرَأْسِي كَمُديةٍ في خاصرةٍ حُبْلى
( يَتَدلّى ) رَأْسي الخارِجُ مِنْ أبْجَدياتِ الشرقِ
( يَتَدلّى )
كَقِشَّةٍ على ساريةِ القَلْعَة
(2)
مَنْ يَملأُ كُوزي بِعَناقيدِ الَّلذَّة
وَتلكَ دُفُوفي الأَزَليةُ تَتقافَزُ
كَقِطِ يَهْتفُ ....
يَهْتفُ في دَهْشَةٍ وَقَداسة
وَلا أَحدَ في مَقاهِي الحِكْمة
آهِ الحكْمةُ يا ابنَ أبي
تُجرّرني لِدروبٍ لَمْ أألفْها
وَبِعودي الشقيِّ تَتَأرْجَحُ كمَزاميرِ الحَوْأب
حَتّى تَعْصِرَ ما تَبَقَّى مِنْ أَوْصَالي
بِسوْطٍ يَشْهَقُ مِنْ رِئةِ المُتَنَبِّي
( صَحِبَ الناسُ قَبْلَنا ذا الزَّمَانا
وَعَناهُم مِن شَأْنِهِ ما عَنَانا
وَتَوَلَّوا بِغُصَّةٍ كُلُّهُم مِنــهُ
وَإِن سَرَّ بَعضَهُم أَحيانًا )
وَخُطايَ لمَراثي مَنْ لا أعرِفُ عَنْهم
غيرَ خَواتيمِ البَركَةْ
وَسأحفُرُ يا أَيُّها القُرَويونَ بَعْضَ جُنوني بالوَمضِ
( الوَمضِ الطالعِ مِنْ البَسْملةِ
وَقوادِمِ الأبد )
لَعَلّي أَجدُ مُضْغَةً مِنْ عَسَلِ الحَرْفِ عَلى أَعَتابِ الجَنَّةِ
أَوْ قَطْرةَ ضَوءٍ عِنْدَ مَساقِطِ
القَمَرِ الأَسْوَدْ
(3)
( يا عبدُ إذا قمتَ إلى الصَلاةِ
فاجْعَلْ كلَّ شَيءٍ تَحْتَ قَدَميك
يا عبدُ لا تُنْفِقْني عَلَى شَيْءٍ فما الشَيءُ بِعوَضٍ مِنّي )
" النفري "
(4)
سَأَمْحُو صَدَأَ الوَقْتِ بذاكرةٍ حُبْلى
وَأَمْحُو وَشْمَ الذاكِرةِ بِدُمُوعِ الخَنْساء
حَتَّى أَبْلُوَ من أَنْبَأني بِغِيابي في الجُبِّ ....
أَبْلُو أَحْفَادي النَزِقِين مِنْ نَسْلِ ( العَبْدِ )
صَلاحِ الدين أَوْ نَسْل ابن ( ال ...... )
( بِشيء مِنْ الخَوْفِ والجُوْعِ ونَقْصٍ من الأموالِ
وَالأَنفسِ وَالثَمَراتِ )
حَتَّى يَنْدَلِقَ على شَفَتي الذابلةِ جُوديُّ الكَلمِات
الكَلماتِ الطافِحَةِ مِنْ تَنُّورِ القَلْبِ
لأَرَاها جَاثِيَةً كالآجُرَّةِ عَلى جدِارِ المَعْبَدْ
وَهِيَ تَصْهلُ بِحَرارةٍ ... تَصْهلُ كَحِصانٍ أَبِلَقَ
في نَواعيرِ الأَبَدّية
(5)
طُوْبى للطَّمي الأحمَرِ .... حِينَ يَصيرُ نَياشينَ
عَلى حُبابِ الكأسِ المُرّةِ
طُوبى للأزمنةِ المَجْنونةِ بالزَّعيقِ
وَرسائلِ الموتِ المؤجَلَّة
طُوْبى للمُدُنِ الغافيةِ عَلى سَجاجيدِ اللَّعَنةِ
وَهِي تُثْرثِرُ كالسَّاعاتِ العاطِلةِ
طُوْبى لفَمِ الشاعِرِ يَسِيلُ لسانُهُ
قَصائِدَ لا َيِبْلُغُها إلاّ العَرَّافُونَ
طُوبى لي .... ولكَ ..... وللمَوْتى
( النَّاسُ نِيَامٌ ، فَإذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا )
طُوْبَى لي .... ولكَ ..... وللموتى
إذ نَرِثُ صَناديقَ الفُوضى
وَعِظامَ الفِرْدَوسِ الأَخضرِ
(6)
سَأُدَثّرُ جَسَدي الناحِلَ بالجَمْرِ
وَأَغْفُو مِلءَ جِفُوني
تَقْرضُني الأيامُ واللّيالي كأفعًى
يَخْطَفُها الخُلودُ
ها أنذا كالمِنْجَلِ أَتَلَوّى في يَمينِ الزارعِ
وَعُرُوقي الوَضيئةُ قِشٌ في طُوفانْ
لا أُنذِرُكُمْ ( بعذابٍ واقعْ )
فَـ ( سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي ) مِنْ عَرَقِ المُعَلَّقاتِ
وَالبُكَاءِ على وَشْمِ الأَطلالِ
وَما مِنْ وَشَلٍ يا صَدِيقِي في كوزِ الرِّحْلةِ
يُنْقِذُنا ......
فَكِلانا غَريمانِ في لُجَجِ الخَوْفِ
غَريمانِ ..... وَالمعبرُ صَحْراء
في صَحْراء
(7)
آنَ لي يا هذا أنْ أكسرَ مِرْآتي
كَيْ أَخرجَ مِنْ حَبائلي كَطيرٍ
( أَبَقَ الى الفُلكِ المَشْحُون )
لأَفُوزَ بما يَصِلُ الحَطّابَ مِنْ عَطايا
المُتَلمِّس
وَأرثي قُفَّازَ الأَرقامْ
في اليومِ السابع مِنْ هذا الشَهْرِ أمسيةٌ للشِعرِ
وَطَبْعاً - في الأسبوعِ القادمِ أمسيةٌ للنَقدْ
ها ... ها .... ها ..... ها .... !
وَراتِبُكَ الشَهْريُّ وَفيرٌ جِدّاً .... كالبَيْدرِ
في حَضْيرَةِ نَيْسان
عشرة .... عشرونَ ..... ثلاثونَ ....و .... و .... و
دينارٌ يَتْبعُ دينارْ
وهذا قُرْصُ النَومِ لدى العطّارْ
في اليومِ الأولِ نُطْعَمُ من زَبَدِ الجنّةِ
في اليومِ الثاني لا نَدْري كَمْ طِفْلٍ يَأوي دونَ رَغيفٍ
والأطفالُ كَثيرٌ ببِلادي
كَسرَابيلِ الأذْرعِ في حَوماتِ الآجالْ
في اليومِ الثالثِ نُخْبَ الأَحلامْ
في اليومِ الرابعِ .....
والخامسِ ......
والسادسِ ....
في اليومِ السابعِ نَلوكُ الكربَ
وَنُصَفِّقُ في الحارةِ كَالأيتامْ
(8)
عَيْنايَ تَطُلاّنِ من السَقْفِ
كَغَريقٍ يَشْهقُ من حَدائقِ الوَحْشة
وَعصا غَضَبي قُدّامي
فأرى كَفّي يَقْطعُ كفّي
وَحُجُولي صِلْصالاً يفلتُ مِنْ بُركان
وَرماديَ حَلاّجاً آخرَ يَمْتشِقُ الحَرفَ
وَيَذْري ما ظلَّ منْ العُمرِ عَلى عُرْجُونِ البصْرةِ
أو كُوفان
(9)
قالَ : - ( ابنِ لي صَرْحاً )
أعلو فيهِ عَلى الناسِ
وأكَلّمُ مَنْ يأتي لتحيّاتي مِنْ خَلْفِ حِجاب
قُلت :- ( الحرفُ حِجابٌ والحِجابُ حَرْفٌ )
وَتلكَ صُروُحكَ أيُّها ( ال ..... ) مَبنّياتٌ بعِظامي
وَأَنا كَطائرٍ في أَرضِ الله
أَتدّبرُ قبلَ الإقامةِ على حَصيرةِ المَعرّي
قِصّةَ مُوسى وَالخِضْر
وَأُعاقِرُ في حُمَيَّا اليمِّ غُبارَ العَنْقاء
وَأَطْمَئِنُّ كَثيراً؛ لأنَّ الأَرضَ التي نُعَمِّرُها
وَنُشَيّدُ فيها للمْوتِ قِلاعاً .... وَقِلاعاً أخرى ....!
إنَّ حَرْفَ الألفِ الواقِفِ يَسْكُنُني
كَناي الأُلفةِ بينَ الناسْ