recent
أخبار ساخنة

تأخر الابن...قصة قصيرة..ابراهيم الديب...مصر

"تأخر الابن"

 إنتصف االليل ومازال ابنها خارج البيت على غير عادته، أيقظت والده الذى يغط فى نوم عميق ليبحث عنه. الأب يسير فى الشوارع  على غير هدى  فى بداية سبعينات القرن وبداية دخول الكهرباء و التليفزيون للمقاهى .فقابله أحد أتراب ابنه(من يلعب معه فى التراب فى الصغر  )فأجابه أنه فى المقهى بعد أن  سأله الأب عنه. وقف على باب المقهى ونادى على ابنه بعد أن وبخه توبيخا شديدا على مشاهدته تلك المسخرة (فيلم لنادية الجندى ) التى يبثها الجهاز اللعين سمع تلك العبارة من الحاج  محمد وهو يوبخ بها ابنه بالأمس....أمتثل الولد لطلب أبيه بالعودة للبيت بعد أن قال له والده أخبر : أمك إنى ها شق على الغيط ويمكن أتأخر شوية . وبعد انصراف الابن ثم عاد الرجل جلس فى الصفوف الأولى للمقهى ليكون أمام الجهاز اللعين" أقصد التليفزيون"  انبهر الرجل  بكل ما رأى وأعجب ببطلة الفيلم:نادية الجندى " الشابة الجميلة والبطلة البلدى على حد وصفه ، ثم طلب قهوة بعد الشاى ومد يده على رأسه ساحبا الطاقية  من مؤخرة الرأس حتى أستقرت على مقدمتها ، ولم يعد يظهر غير عينيه وهذ دلالة إنشكاحه وكأنه إمبراطور فارسي من حكام الدولة الساسانية وأخذ يقارن بين "نادية الجندى" وزوجته التى تكبره فى السن فكل من يراهما سويا يعتقد أنها أمه ، والتى هى سمينة حد التخمة فهى تتحرك بصعوبة شديدة والتى لا تستطيع تحديد عمرها مهما كانت فراستك ، والتى هى حزينة على الدوام دون سبب واضح لذلك ، والتى ترث حزن المصرين جميعا بدلا عنهم تطوعا منذ ؛الفراعنة إلى الأن وكأنها تعبير مجسم عن خطوط النفس المصريه الحزبنة منذ الأزل ، واستعدادها لتلقى الظلم والصبر على ذلك من حكامها الأجانب ، من فرس وأغربق ورومان وبيزنطيين ومماليك ، فكانت أكثر الخطوط إستعدادا هى الصبر والطاعة وتنفيذ الأوامر حتى أصبحت سمة من سمات الشخصية المصرية ، وأصبحت تستعذب الألم،  فهو الخط الأوضح فى النفس مهيأة له و تنتظره أكثر من الفرح .دعك من تلك الفلسفة  ولنترك علم نفس الشعوب لعلماء الإجتماع والنفس ونعود للمقهى الذى خرج منه الرجل غير ما دخله فقد أكتشف أن هناك ناس تضحك دون أن تقول اللهم أجعله خير .
أعتاد الرجل المقهى عرف السحلب  والقهوة  وبعض الأحيان الكوكاكولا والسفن أب ،والمعسل الذى أصبح يجيد شد أنفاسه أجدع من المعلم" محمد رضا" وأنتقل من الإعجاب والهوس بنادية الجندى ، لصباح ومريم فخر الدين وناديه لطفى ونبيله عبيد ، مرورا بسهير رمزى والشقية نجلاء فتحى  ، وأصبح يوصى من يقطع له صورهم من المجلات ليضعها فى جيب الصديرى.عندما رأت زوجته صورة ناديه الجندى أخذت تصرخ بعد أن اتهمته صراحة أنها زوجته  الجديدة التى عرفها عندما كان يذهب لمولد أبو المعاطى فى دمياط ،استغرق ابنها وقتا طويلا لكى  يقنعها بأنها ممثلة فى التليفزيون وكل الناس تراها وتعجب بها وتحتفظ بصورتها ومنهم أبوه فقالت له: المهم طمنى بأن أبوك مش متجوزها فأقسم لها الابن  بلا. ولكن الطامة الكبرى كانت  عندما عثرت زوجته فى جيب الصديرى على صورة: ميرفت أمين...
google-playkhamsatmostaqltradent